زلزال وتسونامي اليابان 2011: نظرة شاملة

تحليل مفصل لكارثة زلزال وتسونامي اليابان عام 2011، أحد أقوى الزلازل في التاريخ الحديث. نتناول الأسباب، الآثار المدمرة، والمناطق المتضررة.

مقدمة حول الكارثة

في الحادي عشر من شهر مارس عام 2011، ضرب اليابان زلزال مدمر، تبعه تسونامي هائل، مما أدى إلى واحدة من أكبر الكوارث الطبيعية التي شهدها العالم في العصر الحديث. يُعرف هذا الحدث بزلزال وتسونامي توهوكو، وقد خلف آثاراً مدمرة على البنية التحتية والاقتصاد والمجتمع الياباني.

تفاصيل الزلزال

بلغت قوة الزلزال 8.9 درجة على مقياس ريختر، مما يجعله واحداً من أقوى خمسة زلازل مسجلة على مستوى العالم منذ عام 1900. وقع الزلزال قبالة السواحل الشرقية لليابان، على بعد حوالي 373 كيلومترًا شمال شرق العاصمة طوكيو، و 130 كيلومترًا شرق مدينة سينداي. كان مركز الزلزال على عمق 24.4 كيلومترًا.

وقد سبق هذا الزلزال بيومين زلزال هونشو في ذات الموقع تقريبا وبقوة 7.9 على مقياس العزوم الزلزلي.

تكوّن أمواج تسونامي

نتيجة للزلزال العنيف، تشكلت أمواج تسونامي ضخمة اجتاحت السواحل اليابانية. وصل ارتفاع بعض هذه الأمواج إلى أكثر من 10 أمتار، مما تسبب في دمار هائل للمناطق الساحلية. امتد تأثير التسونامي إلى مناطق بعيدة، بما في ذلك جزر هاواي ودول أخرى في حوض المحيط الهادئ.

و أن أكبر الأمواج التي سُجلت كانت سبعة أمتار في شمال شرق اليابان، وفق مركز إنذار أمواج المد البحري في هاواي، في حين أشارت تقديرات أخرى إلى أن الموجة كانت بارتفاع عشرة أمتار كما عمل الزلزال على تعطَّيل الطرق والسكك الحديدية والكهرباء والموانئ بمعظم أنحاء شمال شرق اليابان، وقفز بالخسائر إلى نحو 170 مليار دولار.

المناطق الأكثر تضرراً

كانت المناطق الساحلية في شمال شرق اليابان هي الأكثر تضرراً من التسونامي. تسببت الأمواج في تدمير البنية التحتية، بما في ذلك المنازل والمباني والطرق والموانئ. كما ألحق التسونامي أضرارًا بالغة بمحطة فوكوشيما دايتشي للطاقة النووية، مما أدى إلى أزمة نووية خطيرة.

كما نجم عن الزلزال أكثر من ألف قتيل ومفقود وتدمير مطار سنداي في اليابان وتسجيل أعلى نسبة من الخسائر في الممتلكات وتدمير للبنيه التحتية وفي المحطات النفطية والمحطات النووية وتوقفها عن العمل وكالة الطاقة: اغلاق محطات نووية قرب منطقة الزلزال في اليابان . ويعد هذا الزلزال أعنف الزلزال في تاريخ اليابان منذ بدء توثيق سجلات الزلازل قبل 140 عاما.

الأسباب الجيولوجية لحدوث التسونامي

تتعدد العوامل التي تساهم في تكوين أمواج التسونامي، وأبرزها:

  • التحرك الرأسي المفاجئ للصفائح التكتونية.
  • انزلاق الصفائح التكتونية.

حركة الصفائح التكتونية

تتكون القشرة الأرضية من مجموعة من الصفائح التكتونية التي تتحرك باستمرار. عندما تحتك هذه الصفائح ببعضها البعض، قد يحدث ارتفاع أو انخفاض مفاجئ في قاع البحر، مما يؤدي إلى تحريك كميات هائلة من المياه وتوليد أمواج التسونامي.

يجمع العلماء الجيولوجيون استناداً الى نظرية الصفائح التكتونية (Tectonic Plates Theory) على أن القشرة الأرضية التي تغلّف الأرض والتي ترتكز عليها المحيطات والقارات والسلاسل الجبلية، تتكون من صفائح تكتونية يفصل بينها فوالق. وهذه الصفائح تتحرك أفقياً وعمودياً بمعدل بضعة سنتمترات سنوياً (6 سم). ويحصل في ما بينها عند الفوالق احتكاك تختلف قوته وفقاً لقوة الانفجارات داخل باطن الأرض والتي تتسبب بحصول زلازل.
يترافق ذلك احياناً مع ارتفاع أقسام من هذه الصفائح وانخفاض أخرى، وبالتالي ارتفاع أو انخفاض أقسام من اليابسة إذا كان موقع الزلازل على البرّ تحت المناطق القارية، كما يتسبب ذلك بتدمير المناطق التي تقع ضمن نطاقه .
وفي حال كان مركز الزلازل تحت قعر البحر، فإن ذلك يتسبب بتحريك مفاجئ وعمودي لكمية كبيرة من مياه المحيط كانت بوضع ثابت ومستقر، مما يتسبّب بولادة أمواج التسونامي المدمرة التي تسعى بتحركها السريع نحو الشواطئ المجاورة الى إعادة حالة التوازن والركود لمياه المحيط التي كانت سائدة قبل حصول التحرك العمودي المفاجئ. وينتج عن ذلك ضرب أمواج التسونامي للشواطئ المجاورة مسببة خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات.

ظاهرة الانزلاق الصفيحي

تحدث هذه الظاهرة عندما تنزلق إحدى الصفائح التكتونية تحت صفيحة أخرى. يمكن أن يؤدي هذا الانزلاق إلى ارتفاع الضغط داخل القشرة الأرضية، مما يتسبب في ثوران البراكين أو حدوث زلازل تحت سطح البحر، وبالتالي توليد أمواج التسونامي.

يتسبب تحرك الصفائح واحتكاكها ببعضها احياناً بانزلاق إحدى الصفائح تحت أخرى ويطلق العلماء الجيولوجيون على هذه الظاهرة اسم (Subduction). ونظراً الى ارتفاع الحرارة داخل قشرة الأرض سرعان ما يتحول القسم المنزلق الى داخل الأرض الى حمم سائلة نتيجة ذوبان مكوناته، فينتج عن ذلك ارتفاع الضغط في المجموعة السائلة الموجودة داخل باطن الأرض مما يتسبب بدفع الكمية الكبيرة الزائدة من هذه الحمم الى خارج القشرة الأرضية عبر البراكين التي تعود للاشتعال والموجودة على مقربة من هذه الفوالق في المناطق القارية أو البحرية.
وإذا حصل قذف الحمم السائلة في قعر البحر، فإن ذلك يؤدي الى تحريك عمودي ومفاجئ لكميات كبيرة من مياه البحر أو المحيط وبالتالي يؤدي الى ولادة أمواج التسونامي المدمرة.

الآثار المترتبة على الكارثة

لقد كان تاثير الزلزال يتجاوز اليابان فقد تاثرت جزر هاواي الأمريكية بقوة الزلزال ومتوقع تأثر كل من أمريكا وكندا والمكسيك وأندونيسا وتايون وقد كان ارتفاع الموجات الناتجة عن الزلزال الهائل الذي ضرب اليابان تجاوز الآن ارتفاع بعض جزر المحيط الهادي مما ينذر بغمر هذه الجزر كليا.

قال المعهد الإيطالي للجيوفيزياء ودراسات البراكين إن الزلزال الذي ضرب اليابان أدى على ما يبدو إلى إزاحة محور دوران الأرض عشرة سنتيمترات.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

تسونامي اليابان: تحليل شامل

المقال التالي

تسونامي إندونيسيا 2004

مقالات مشابهة

تأثير التلوث البيئي على صحة الإنسان

تُعدّ التلوثات البيئية من أخطر الأضرار التي تواجه البشرية. من خلال هذا المقال، سوف نتناول تأثير التلوث على صحة الإنسان، بدءًا من آثار تلوث الهواء على الجهاز التنفسي والجهاز القلبي الوعائي وصولًا إلى مخاطر تلوث المياه التي تؤدي إلى انتشار الأمراض المعدية وتلف الأعضاء.
إقرأ المزيد