رواد المنهج البنيوي في علم اللغة

فرديناند دي سوسير: ركائز المنهج البنيوي

يُعدّ فرديناند دي سوسير، اللغوي السويسري البارز، حجر الزاوية في تأسيس المنهج البنيوي الحديث. وقد أسهم كتابه “محاضرات في اللسانيات”، المنشور عام 1916م، بإرساء قواعد هذا المنهج الذي يركز بشكل أساسي على النظام اللغوي ونظام الإشارة. لقد أضاف سوسير العديد من المفاهيم الأساسية لهذا المنهج، وسنستعرض بعضها فيما يلي.

العلاقة بين العلامة والدلالة

أوضح سوسير أن النظام اللغوي والاجتماعي يفرض تباينًا بين الإشارات، وأن الدلالة اللغوية مستقلة عن مرجعها الخارجي. تتم الدلالة من خلال اعتماد الإشارات على نظام معيّن واتباع تسلسل محدد ضمن هذا النظام. وبالتالي، تعتبر اللغة مجموعة من القواعد والقوانين التي تحدد كيفية إنتاج الكلام، ويتحدد معنى كل إشارة حسب موقعها في الجملة.

لحظة الاكتشاف عند سوسير

يُبرز سوسير في تحليلاته ثلاثة مفاهيم جوهرية: اللغة كمَلَكة (القدرة على إنتاج الإشارة)، اللغة كنظام (اللغات البشرية المختلفة مثل العربية والإنجليزية)، والحدث اللغوي الفردي (الذي يقوم به الشخص في لحظة محددة).

رومان ياكبسون: التطبيق والتنمية

لعب الشكلاني الروسي رومان ياكبسون دورًا بارزًا في تطبيق وتطوير أفكار سوسير. وقد عُرف ياكبسون بكتاباته، وخاصةً “الأطروحات” الذي أهداه لتلميذه كلود ليفي شتراوس. كما يُنسب إليه الفضل في صياغة مصطلح “بنيوية” باللغة الروسية. ومن أبرز مساهماته تحديد “الوظيفة الأدبية أو الشعرية” في الأدب من خلال مكونات نموذج الاتصال (المرسل، المستقبل، الرسالة، السياق، وسيلة الانتقال، الشيفرة). ويُلخص ذلك في الجدول التالي:

مكون عملية الاتصال الوظيفة السائدة للرسالة
المرسل الوظيفة الانفعالية
المستقبل النزوع إلى الآخر
الرسالة الوظيفة الجمالية
السياق الناحية المرجعية
وسيلة انتقالها الوظيفة الاختبارية
الشيفرة وظيفة اللغة الماورائية

كلود ليفي شتراوس: البنيوية الفرنسية

كلود ليفي شتراوس، تلميذ ياكبسون، ساهم بشكل كبير في نقل البنيوية من المدرسة الروسية إلى فرنسا، مضيفًا إليها فلسفة المدرسة الفرنسية. وقد أوضح شتراوس الفرق الجوهري بين البنيوية والمدرسة الشكلانية الروسية، مُشدّداً على فصل الشكل عن المضمون.

امتدادات المنهج البنيوي وتأثيره

امتدّ تأثير النقد البنيوي ليؤثر في العديد من العلماء والمدارس الفكرية، منها: رولان بارت، وجيرارد جينيت، والمدرسة الشكلانية الروسية، ومدرسة براغ، وحلقة موسكو، وجماعة الأوبابيز، وجماعة TEL QUEL، وحلقة كوبنهاجن، وحلقة نيويورك. وقد شكل هذا المنهج نقلة نوعية في فهم اللغة والأدب والنظم الاجتماعية.

Exit mobile version