روائع الغزل في الشعر العربي

فهرس المحتويات

لآليء الغزل في العصر الجاهلي

يُعتبر العصر الجاهلي مهدًا للشعر العربي، وقد برز فيه العديد من الشعراء الذين عبروا عن مشاعرهم الغزلية بأسلوبٍ رقيقٍ وعميق. ومن أبرز الأمثلة:

قال عنترة بن شداد:

فَقُلتُ لَها يا عَبلَ إِنّي مُسافِرٌ
وَلَو عَرَضَت دوني حُدودُ القواطع
خُلِقنا لِهَذا الحُبَّ مِن قَبلِ يَومِنا
فَما يَدخُلُ التفنيدُ فيهِ مَسامِعي[١]

وقال طرفة بن العبد:

وَقَد ذَهَبَت سَلمى بِعَقلِكَ كُلِّهِ
فَهَل غَيرُ صَيدٍ أَحرَزَتهُ حَبائِلُ
هوَأَنّى اِهتَدَت سَلمى وَسائِلَ بَينَنا
بَشاشَةُ حُبٍّ باشَرَ القَلبَ داخِلُه
فَوَجدي بِسَلمى مِثلُ وَجدِ مُرَقِّشٍ
بِأَسماءَ إِذ لا تَستَفيقُ عَواذِلُه[٢]

روائع الغزل في العصر الأموي

ازدهر الشعر الغزلي في العصر الأموي، وتنوعت أساليبه، وبرز شعراء امتازوا ببراعة تصويرهم لمشاعر الحب والغرام. من بينهم:

قال جميل بثينة:

هِيَ البَدرُ حُسناً وَالنِساءُ كَواكِبٌ
وَشَتّانَ ما بَينَ الكَواكِبِ وَالبَدرِ
لَقَد فضّلَت حُسناً عَلى الناسِ مِثلَما
عَلى أَلفِ شَهرٍ فُضِّلَت لَيلَةُ القَدرِ
عَلَيها سَلامُ اللَهِ مِن ذي صَبابَةٍ
وَصَبٍّ مُعَنّىً بِالوَساوِسِ وَالفِكرِ[٣]

وكتب عمر بن أبي ربيعة:

لِحُبِّكِ أَحبَبتُ مَن لَم يَكُن
صَفيّاً لِنَفسي وَلا صاحِبا
وَأَبذِلُ مالي لِمَرضاتِكُم
وَأُعتِبُ مَن جاءَني عاتِبا
وَأَرغَبُ في وُدِّ مَن لَم أَكُن
إِلى وُدِّهِ قَبلِكُم راغِبا
وَلَو سَلَكَ الناسُ في جانِبٍ
مِنَ الأَرضِ وَاِعتَزَلَت جانِبا
لَأَتبَعتُ طِيَّتَها إِنَّني
أَرى قُربَها العَجَبَ العاجِبا[٤]

كما كتب جرير:

إِنَّ العُيونَ الَّتي في طَرفِها حَوَرٌ
قَتَلنَنا ثُمَّ لَم يُحيِينَ قَتلانا
يَصرَعنَ ذا اللُبَّ حَتّى لا حِراكَ بِهِ
وَهُنَّ أَضعَفُ خَلقِ اللَهِ أَركانا[٥]

قصائد غزلية من العصر العباسي

شهد العصر العباسي ازدهارًا آخر في الشعر الغزلي، وقد برز فيه شعراءٌ كبارٌ اشتهروا بقصائدهم الرائعة. نذكر منهم:

قال المتنبي:

لَعَيْنَيْكَ مَا يَلْقَى الْفُؤَادُ وَمَا لَقِي
وَلِلْحُبِّ مَا لَمْ يَبْقَ مِنِّي وَمَا بَقِي
وَمَا كُنْتُ مِمَّنْ يَدْخُلُ الْعِشْقُ قَلْبَهُ
وَلَٰكِنَّ مَنْ يُبْصِرُ جُفُونَكِ يَعْشَقُ[٦]

وقال العباس بن الأحنف:

يَقَعُ البَلاءُ وَيَنقَضي عَن أَهلِهِ
وَبَلاءُ حُبِّكَ كُلَّ يَومٍ زائِدُ[٧]

وأبي نواس:

دَعَانِي إِلَيْهِ حُسْنُهُ وَجَمَالُهُ
وَسِحْرٌ بِعَيْنَيْهِ وَخَالٌ بِخَدِّهِ
كَأَنَّ فِرْنَدَ الْمُرَهَّفَاتِ بِخَدِّهِ
وَيَخْتَالُ مَاءُ الْوَرْدِ تَحْتَ فِرْنَدِهِ
فَلَمْ أَرَ مِثْلِي صَارَ عَبْداً لِمِثْلِهِ
وَلَا مِثْلَهُ يَوْماً أَضَرَّ بِعَبْدِهِ[٨]

أجمل أبيات الغزل في العصر الحديث

استمرّت مسيرة الشعر الغزلي في العصر الحديث، وقد برز فيه شعراءٌ أعطوا لهذا الفنّ نكهةً خاصةً. نعرض هنا بعضًا من أعمالهم:

قال نزار قباني:

هَلْ عِنْدَكِ شَكٌّ أَنَّكِ أَحْلَى امْرَأَةٍ فِي الدُّنْيَا؟
وَأَهَمُّ امْرَأَةٍ فِي الدُّنْيَا؟
هَلْ عِنْدَكِ شَكٌّ أَنِّي حِينَ عَثَرْتُ عَلَيْكِ
مَلَكْتُ مَفَاتِيحَ الدُّنْيَا؟
هَلْ عِنْدَكِ شَكٌّ أَنِّي حِينَ لَمَسْتُ يَدَيْكِ
تَغَيَّرَ تَكْوِينُ الدُّنْيَا؟
هَلْ عِنْدَكِ شَكٌّ أَنَّ دُخُولَكِ فِي قَلْبِي
هُوَ أَعْظَمُ يَوْمٍ فِي التَّارِيخِ
وَأَجْمَلُ خَبَرٍ فِي الدُّنْيَا؟[٩]

وقال أحمد شوقي:

وَقَفَ الْحَيَاءُ مِنْ دُونِهَا مُسْتَأْذِنًا
وَمَشَى النَّسِيمُ بِظِلِّهَا مَأْذُونًا
وَجَرَى عَلَيْهَا النِّيلُ يَقْذِفُ فِضَّةً
نَثْرًا وَيَكْسِرُ مَرْمَرًا مَسْنُونًا
يُغْرِي جَوَارِيَهُ بِهَا فَيَجِيئُنَّهَا
وَيُغَيِّرُهُنَّ بِهَا فَيَسْتَعْلِينَ
رَاعَ الظَّلَامُ بِهَا أَوَانِيسَ تَرْتَمِي
مِثْلَ الظِّبَاءِ مِنَ الرُّبَى يَهْوِينَا[١٠]

و أيضًا لأحمد شوقي:

لَوْ يُجَازَى الْمُحِبُّ مِنْ فَرْطِ شَوْقٍ
لُجِزِيتُ الْكَثِيرَ مِنْ أَشْوَاقِي
ذَقْتُ مِنْهَا حَلْوًا وَمَرًّا وَكَانَ
لَذَّةُ الْعَشْقِ فِي اخْتِلَافِ الْمَذَاقِ[١١]