رحمة الله: آثارها وأسبابها

تعد رحمة الله تعالى من أعظم نعمه، فهي تشمل جميع مخلوقاته، وتُظهر آثارها في مختلف جوانب الحياة. تعرف على آثار رحمة الله وكيفية نيلها.

فهم رحمة الله: آثارها وأسبابها

تعد رحمة الله تعالى من أعظم نعمه، فهي صفةٌ أصيلةٌ فيه، تُظهر في كلّ مخلوقاته، وتُنزل رحمته على من يشاء من عباده. تُعتبر رحمة الله غايةً من غايات السعي للتقرب إليه، فهي مَوْعِدُه للعباد المؤمنين، وسببٌ رئيسيٌّ لِتَحَقُّقِ السّعادهِ في الدنيا والآخرة.

الرحمة الإلهية: صفةٌ أصيلةٌ في ذات الله

تعددت أسماء الله عزّ وجلّ، ومن أسمائه: الرحمن والرحيم، هذان الاسمان يُؤكدان على صفة الرحمة التي تُعتبر صفةٌ أصيلةٌ في ذات الله، حيث تُعنى “الرحمن” بالرحمة المُطلقَةِ التي تشمل جميع مخلوقات الله، بينما تُشير “الرحيم” إلى الرحمة المُخَصّصَةِ التي يُنزلها الله على عباده المؤمنين.

وقد ورد ذكر اسم الله الرحمن في القرآن الكريم سبعاً وخمسين مرةً، وورد اسم الله الرحيم مئةً وأربعة عشر مرةً، مما يُؤكد على اتصاف الله بالرحمة، واتساع رحمته بعباده. ويُمكن القول إنّ الله هو الرحيم المُتَجَلّي في رحمته، بينما يُعتبر العبدُ هو المُتَأثّرُ بها، فالله كاملٌ في رحمته، بينما تَتَمَثّلُ رحمة العبد في قدرةٍ محدودةٍ تُظهرها أفعاله.

آثار رحمة الله على عباده

تتَجَلّى رحمة الله في العديد من النِّعَمِ المُختلفةِ التي يُنزلها على عباده، ومن أهمّ آثارها:

  • الارتقاء الروحي: يُرتقي قدرُ العبد عند الله بقدرِ اتصافه بخلق الرحمة، فكان الأنبياءُ أرحم الناس بأممهم، ويُعتبر النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم أجلهم وأعظمهم، حتى وصفت رسالته بأنّها رحمة للعالمين، فكان خُلق الرحمة ظاهراً فيه في أشدّ مواقف إيذاء أعدائه. يحصل المؤمن على قدرٍ أكبر من الرحمة بقدرِ اتباعه لنهج رسول الله، ويُعتبر الوالدان أولى الناس بالرحمة، ثمّ ضعفاء المسلمين.
  • أبواب الأمل: تفتح الرحمة أبواب الأمل والرجاء في قلوب المؤمنين، وتُعينهم على القيام بالأعمال الصالحة، وتُشعرهم بالأمن والأمان. سبقت رحمة الله غضبه، ولكنّه لم يجعل في الدنيا إلّا القليل من رحمته، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:(إنَّ اللهَ خلق الرَّحمةَ يومَ خلقها مائةَ رحمةٍ، فأمسك عنده تسعًا وتسعين رحمةً، وأرسل في خلقِه كلِّهم رحمةً واحدةً ، فلو يعلمُ الكافرُ بكلِّ الَّذي عند اللهِ من الرَّحمةِ لم ييْئسْ من الجنَّةِ، ولو يعلمُ المؤمنُ بكلِّ الَّذي عند اللهِ من العذابِ لم يأمَنْ من النَّارِ). [٣] فقد منح الله سبحانه وتعالى الشخص الكافر نَصِيباً واحداً من الرحمة ليُتيح له فرصةٌ لِلتّوبةِ والعودةِ إلى صِراطِ اللهِ المستقيم.
  • التعاطف واللطف: رحمة الله تجلب التعاطف مع المخطئين وتحثّ على أخذ أيديهم نحو الصواب بلطف، فالنظر إليهم بعين الرحمة، ومعاملتهم معاملة الرحماء، وتجنب الكبر والازدراء هو طريقٌ لِنيلِ رحمة الله.
  • الطاعة والتقوى: المؤمن بكلّ عملٍ يقوم به ممّا يقرّبه من الله، من الأعمال الصالحة، أو يتجنّب به ما نهى الله عنه، متطلّعٌ إلى رحمة الله، مراقب لله في كلّ أحواله، ومع ذلك فهو في محاولةٍ مستمرةٍ للتقرّب من الله تعالى.
  • الاعتماد على الله: إعراض المؤمن عن كلّ ما سوى الله عزّ وجلّ يُعدّل جميع تصرفاته، ويُقرّبه من خالقه الغني القوي، الذي يستغني به عن كلّ ما سواه.

أسباب نزول رحمة الله

لا يمكن إحصاء رحمة الله -تعالى- عدداً؛ لأنّها من نعمه التي لا تُحصى ولا تُعدّ، فقد قال الله تعالى:(وَإِن تَعُدّوا نِعمَتَ اللَّـهِ لا تُحصوها إِنَّ الإِنسانَ لَظَلومٌ كَفّارٌ)،[٤] وبفضل رحمة الله، يُمكن لِلعبدِ أن ينالَ رحمةً أخرى بِالتّقربِ إلى اللهِ بِأعمالِ صالحةٍ ومُخالفةٍ للنّهي تُصاحبهِ عزيمةٌ على الطّاعةِ.

ومن أهمّ أسباب نزول رحمة الله على عباده:

  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وطاعة الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، فقد قال الله تعالى:(وَالمُؤمِنونَ وَالمُؤمِناتُ بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ يَأمُرونَ بِالمَعروفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقيمونَ الصَّلاةَ وَيُؤتونَ الزَّكاةَ وَيُطيعونَ اللَّـهَ وَرَسولَهُ أُولـئِكَ سَيَرحَمُهُمُ اللَّـهُ إِنَّ اللَّـهَ عَزيزٌ حَكيمٌ).[٦]
  • الاعتصام بالله: الإيمان بالله والاعتصام به؛ فمن يعتصم بالله يهبه رحمةً تُغنيه عن كلّ ما سواه.
  • التقوى: تقوى الله-عزّ وجلّ- في السرّ والعلن، حيث قال الله تعالى:(وَرَحمَتي وَسِعَت كُلَّ شَيءٍ فَسَأَكتُبُها لِلَّذينَ يَتَّقونَ وَيُؤتونَ الزَّكاةَ وَالَّذينَ هُم بِآياتِنا يُؤمِنونَ)،[٧] فذكرت الآية صفة التقوى واستشعار مخافة الله، فيتخذ المسلم بينه وبين الشرّ وقايةً، فيهذّب نفسه بالعبادات التي تتجلّى فيها استشعار خشية الله.
  • الاستماع للقرآن: الاستماع لآيات القرآن الكريم والإنصات لها؛ فقد جاء في القرآن وصفاً عنه أنه هدىً ورحمة للمؤمنين، فالتلاوة الخاشعة للقرآن تفيض رحمةً على القارئ والمستمع، وقد جاء في القرآن قول الله تعالى:(وَإِذا قُرِئَ القُرآنُ فَاستَمِعوا لَهُ وَأَنصِتوا لَعَلَّكُم تُرحَمونَ).[٨]
  • قيام الليل: قيام الليل؛ فإنه يظهر الفرق بين المؤمن والكافر، فالقيام يكون بين الأمل والرجاء لرحمة الله تعالى، وبين الخوف من عذاب الله وعقابه، ورِجاءُ الرّحمةِ لا يمكن أن يكون بمجرد التمنّي؛ بل لا بدّ فيه من العمل.
  • إصلاح ذات البين: إصلاح ذات البين؛ ورد ذلك في قول الله تعالى:(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).[٩]
  • الصبر على حكم الله: الصبر على حكم الله؛ فالمسلم لا يقنط ولا يجزع ممّا ابتلاه الله به، ومن ثمّ فهو يرضى بما قدّره الله له.
  • الهجرة والجهاد: الهجرة والجهاد في سبيل الله؛ وذلك من أجل رفع راية الإسلام، فمن بذل روحه في سبيل إعلاء كلمة الله أثابهم الله برحمته، ويدخل في ذلك الموت في سبيل الله أيضاً.

المراجع

  • إبراهيم الحقيل، “رحمة الله تعالى”، [www.alukah.net](https://www.alukah.net/), تاريخ الوصول: 30-11-2018.
  • ماجد الصغير، “آثار صفة الرحمة”، [www.saaid.net](https://www.saaid.net/), تاريخ الوصول: 30-11-2018.
  • رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6469، صحيح.
  • سورة إبراهيم، آية: 34.
  • عبد الفتاح خضر، “رحمة الله تعالى بعباده: أسبابها وآثارها في ضوء القرآن الكريم (PDF)”، [www.alukah.net](https://www.alukah.net/), تاريخ الوصول: 1-12-2018.
  • سورة التوبة، آية: 71.
  • سورة الأعراف، آية: 156.
  • سورة الأعراف، آية: 204.
  • سورة الحجرات، آية: 10.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

أثار رحمة الله – موضوع

المقال التالي

آثار روما: تاريخ وثقافة

مقالات مشابهة