رحلة نوح ومرسى سفينته

مكان رسو سفينة نوح عليه السلام

يذكر الله تعالى في كتابه الكريم مكان رسو سفينة نوح عليه السلام، حيث يقول سبحانه وتعالى: (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [١][٢]. ويُشير هذا النص إلى جبل الجوديّ كمكان استقرار السفينة. يقع جبل الجودي في العراق، تحديداً قرب مدينة الموصل، بالقرب من ملتقى نهري دجلة والفرات [٣]. وقد وردت آراء أخرى تُشير إلى موقع آخر محتمل في مدينة الكوفة [٤].

بناء السفينة وردود أفعال قوم نوح

دعا نوح عليه السلام قومه إلى عبادة الله وحده لا شريك له لمدة ألف سنة إلا خمسين عامًا، لكن قليلًا منهم آمنوا به [٥]. رفض معظم قومه رسالته معتمدين على حجج واهية. فقد زعموا أن نوح بشر مثلهم، وأن الله لو أراد أن يبعث نبيًا لبعث ملكًا، كما جاء في قوله تعالى: (فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّـهُ لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً) [٧]. كما شككوا في نبوّته لعدم سماعه من آبائهم وأجدادهم، (مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ) [٧]. واتهموه بالجنون، (إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ) [٨][٦]، بل وبالضلال (قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) [٩][١٠]. بعد أن يأس نوح من هداية قومه، دعاهم إلى الله ثمّ أوحى الله إليه بصنع سفينة لإنقاذ المؤمنين من الغرق (فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ) [١٢]، (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ) [١٣][١٤]. وسخر منه قومه لبنائه سفينة على اليابسة، (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ* فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ) [١٥][١٦].

الطوفان وعاقبة الكافرين

أخبر الله نوحًا بأنه لن يؤمن من قومه إلا من آمن قبل الطوفان، (وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) [١٨][١٩]. وعندما اقترب موعد الطوفان، (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ) [٢٠][٢١] أمر الله نوحًا بأن يحمل معه على السفينة زوجين من كل نوع من الحيوانات وأهله ومن آمن به (قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ) [٢٠][٢١]. فنجا المؤمنون بالسفينة، وغرق الكافرون.

المراجع