رحلة في عالم الرومانسية: جذورها، رموزها، وامتدادها

فهرس المحتويات

ماهية الرومانسية: نظرة عامة

تُعرّف الرومانسية، أو الحركة الرومانسية، بأنها تيار فني وأدبي يبرز خيال الإنسان المطلق. ظهرت هذه الحركة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، ووصفها الشاعر الألماني فريدريش شليغل بمفهومها الأدبي. وقد وصفها فيكتور هوغو بأنها “الحرية في الأدب”، مُشيرًا إلى إطلاق العنان للخيال والتعبير الحر.

تتمحور الرومانسية حول محاور رئيسية: الحرية، العاطفة، والخيال. تسعى إلى إبراز الفردية في التعبير الأدبي، والعفوية في الأسلوب، والانعتاق من القيود الصارمة. تحثّ على الانطواء والتأمل، بعيدًا عن ضغوط الحياة الاجتماعية.

وترى الرومانسية أن الخيال يتفوّق على العقل، وتشدد على تقدير جماليات الحياة، والتركيز على جوانب الجمال في الطبيعة، الأساطير، والتاريخ الفني.

أصل الرومانسية: رحلة عبر الزمن

للحركة الرومانسية جذور عميقة مرتبطة بالثورات السياسية، الاجتماعية، الدينية، الجمالية والفكرية. يعود أصل مصطلح “رومانسية” إلى اللغة الفرنسية القديمة “رومانز”، التي تشير إلى اللغات العامية العاطفية في إيطاليا، فرنسا، إسبانيا، كتالونيا، والبرتغال. وقد تطورت من اللغة اللاتينية.

ظهر ذكر الرومانسية في قصص الفروسية المكتوبة بلغات رومانسية في العصور الوسطى (romaunt)، ثمّ تطورت دلالاتها لتشمل كل ما يتعلق بالخيال.

ظهور الرومانسية كمصطلح أدبي

اشتهر مصطلح “رومانسية” في منتصف القرن الثامن عشر في قصص المغامرات و الفروسية. لكنّ تسجيله كمصطلح أدبي رسميًا كان في تسعينيات القرن التاسع عشر في الأدب الإنجليزي، بفضل وليام وردزورث وصموئيل تايلور كوليردج، اللذين نشرا قصائد غنائية في ذلك الوقت.

وصف وردزورث الشعر بأنه “التدفق التلقائي للمشاعر القوية”، وهو تعريف يُعتبر بيانًا أساسيًا للرومانسية الإنجليزية. وقد واجهت الحركة الرومانسية حركة التنوير التي دعت إلى العقلانية والتركيز على الملموس.

الرومانسية في الأدب العربي

يُعزى إدخال الرومانسية إلى الأدب العربي إلى جهد جماعي، وليس لأديب واحد. لكن العديد من الأدباء العرب ساهموا في نشر هذا التيار من خلال أعمالهم وأبحاثهم، أبرزهم:

جبران خليل جبران

يُعتبر جبران خليل جبران من أهمّ روّاد الرومانسية العربية. تأثر جبران بالرومانسية الإنجليزية، خاصةً وردزورث و بليك و كيتس، ونقلها إلى الأدب العربي من خلال أعماله، مثل “مناجاة الأرواح” (1914م)، حيث وصف الطبيعة بأسلوب رومانسي مميز.

ميخائيل نعيمة

اهتم ميخائيل نعيمة بالتعبير عن الأمور الروحية والخيالية في شعره، مُبرزًا سمات الرومانسية من خلال بحثه عن الروح وأهمية العواطف في فهم الحقيقة. من أبرز أعماله قصيدة “هذه هي طريقة التحرر من الرعاية والألم”.

إلياس أبو شبكة

تميز إلياس أبو شبكة بأشعاره التي تُظهر الانفرادية، الصراعات الداخلية، والجرأة في الطرح الخيالي. تأثر بالأدب الرومانسي الفرنسي، وخاصة تشارلز بودلير وألفريد دي موسيت. من أعماله: “القيثارة” و “أفاعي الفردوس”.

علي محمود طه

أظهر علي محمود طه اهتمامًا بالرومانسية الفرنسية، مُبرزًا الحبّ للجمال والموسيقى، ووصف المشاعر والعواطف في أعماله، مثل “البحار الضائع”.

سمات الرومانسية: ملامح مميزة

تتميز الحركة الرومانسية بمجموعة من الخصائص:

• تمجيد الطبيعة: الطبيعة مصدر إلهام وتحرير للعقل.
• المشاعر والعاطفة: تُبرز الرومانسية المشاعر كالحزن، والخوف، والوحدة، كبديل للعقلانية.
• الإبداع والخيال: حرية الخيال تقوي الإبداع.
• الجماليات: التركيز على الجمال في كل شيء.
• الانفراد: الابتعاد عن الحياة الاجتماعية يُحفز الإبداع.
• المواضيع التاريخية الغريبة: اهتمام بالأحداث التاريخية المميزة.

أعلام الرومانسية العربية: شعراء بارزون

إضافة إلى من ذكرنا سابقًا، يوجد العديد من الشعراء العرب الذين تأثروا بالرومانسية:

إبراهيم ناجي

اشتهر إبراهيم ناجي بقصيدته “الأطلال”. كان من مؤسسي جمعية القاهرة للشعر الرومانسي.

خليل مطران

لقّب خليل مطران بـ “شاعر القطرين”. ترجم أعمالًا لأدباء رومانسيين أوروبيين.

إيليا أبو ماضي

عمل إيليا أبو ماضي مع جبران خليل جبران، ونشر العديد من الأعمال الأدبية.

أبو القاسم الشابي

كاتب النشيد الوطني التونسي، تأثر بالرومانسية والأدب العربي القديم.

نقولا فياض

طبيب وشاعر لبناني، أدخل الرومانسية الفرنسية في أعماله.

هذه لمحة سريعة عن الرومانسية وتأثيرها في الأدب العربي. يُمكن البحث أكثر في أعمال هؤلاء الشعراء لفهم عمق هذا التيار الأدبي.