فهرس المحتويات
الحساب عند البابليين
وضع البابليون الأسس الأولى لعلم الحساب من خلال إيجاد رموز للأرقام، مما سهل استخدامها في نواحي الحياة المختلفة. احتفظ البابليون بإنجازاتهم في علم الحساب عبر تدوينها على ألواح طينية تعود إلى 3000 قبل الميلاد. تطور علم الحساب لديهم من خلال استحداث العمليات الحسابية مثل القسمة والضرب، بالإضافة إلى الكسور والمعادلات بمختلف أنواعها، علاوة على المسائل الهندسية.[1]
الحساب عند قدماء المصريين
اعتمد قدماء المصريين نظامًا عشريًا للأرقام، وكانت الأرقام تكتب في البداية برموز معقدة في الكتابات الهيروغليفية. لاحقًا، تطورت الكتابة الهيراطيقية التي استخدمت رموزًا أقل تعقيدًا للتعبير عن الأرقام. تعاملوا مع العمليات الحسابية كالجمع والطرح، في حين أن الضرب لم يكن مباشرًا بل كان يتم عن طريق الجمع المتكرر، وكذلك القسمة لم تكن عملية مباشرة.[2]
عرف المصريون القدماء الكسور وأجروا عليها العمليات الحسابية المختلفة، مع تدوين عدد من الكسور في جداول لتسهيل التعامل معها. برعوا أيضًا في الهندسة وعلم الأشكال الهندسية ثنائية وثلاثية الأبعاد، ويتضح ذلك في الأهرامات التي تمكنوا من حساب أبعادها من خلال ظلالها.[2]
في عام 4200 قبل الميلاد، دمج المصريون بين الحساب والفلك لتطوير تقويم خاص بهم.[3] كما تكشف أوراق البردي القديمة التي تعود إلى القرنين التاسع عشر والسابع عشر قبل الميلاد عن معرفة المصريين بالكسور والقسمة في المسائل الهندسية والحسابية، وكانت هذه المعرفة نابعة من حاجتهم الماسة لحساب مساحات الأراضي وتوزيع أجور العمال، وقياس أحجام الأهرامات والمواد الصلبة الأخرى.[2]
الحساب عند الإغريق
ارتكز علم الحساب عند الإغريق على المنطق والبراهين الناتجة عن تنظيم البديهيات. عرفوا العد والأرقام بشكلين مختلفين في الفترة الزمنية بين عامي (500-800) قبل الميلاد، وبقي هذا العلم محدودًا قبل 300 قبل الميلاد. كانت عناصر إقليدس من أهم الأعمال في ذلك الوقت، ثم طور بطليموس علم المثلثات عام 150م من خلال كتاب المجسطي.[4] ثم ظهر العالم فيثاغورس ليقدم إسهامات عديدة في علم الحساب من خلال المدرسة التي أنشأها، ومن أهم نظرياته نظرية فيثاغورس الشهيرة التي نتجت عن التفكير في الجذر التربيعي للعدد 2.[5]
الحساب في الصين
كان الحساب في الصين مزيجًا بين علومهم وعلوم الغرب، إلا أن التاريخ يشير إلى إنجازاتهم المتميزة فيه. تعود أقدم النصوص الرياضية في الصين إلى عام 1200 قبل الميلاد، ثم أمر الأباطرة الصينيون بحرق الكتب، مما أدى إلى ضياع العلوم وجهود علمائهم التي فاقت الغرب آنذاك. من أهم المجالات التي كانت تعتمد على الحساب لديهم:[6]
- القياسات.
- حسابات الضرائب.
- البناء.
الحساب في الهند
على الرغم من وجود أدلة تؤكد اهتمامهم بالحساب منذ الألفية الثالثة قبل الميلاد، إلا أن دور الهند في تطويره تم تهميشه. من بين إنجازاتهم تطوير الأرقام العشرة، والأرقام السالبة والصفر، بالإضافة إلى معرفتهم بالكسور العشرية. كان الاهتمام بالحساب نابعًا من أهداف دينية، ثم ظهرت الديانة الجاينية التي ركزت على فروع الحساب عام 150 قبل الميلاد.[7]
الحساب عند المسلمين
تعتبر الفترة الممتدة بين القرنين السابع والثالث عشر الميلادي فترة ذهبية للمسلمين، ومن أهم إسهاماتهم في علم الحساب خلال هذه الفترة:[8]
- ابتكار النظام العشري المستخدم حاليًا.
- تطوير العمليات الحسابية على النظام العشري والتي تتضمن: الجمع، والطرح، والقسمة، والضرب.
- تطوير التعامل مع الأسس والجذور التربيعية والتكعيبية.
- إعطاء الصفر الرمز المتعارف عليه،[8] في القرن العاشر الميلادي.[9]
انقسم علم الحساب في العصور الإسلامية إلى فروع مختلفة ترتبط به وترتكز عليه، مثل الجبر، الهندسة، والفلك. استفاد المسلمون من الحضارات القديمة كاليونانية والهندية وحتى الصينية، وطوروا ما توصلوا إليه.[9] من أشهر علماء المسلمين في علم الحساب: ثابت بن قرة الذي انتقد آراء أرسطو الرياضية، وعمر الخيام، بالإضافة إلى نصير الدين الطوسي، والخوارزمي.[10]
ألف الخوارزمي كتابه في الجبر الذي أسماه “الكتاب المختصر في حساب الجبر والمقابلة” عام 830م، وأوضح من خلاله طرق حل المعادلات كثيرة الحدود من الدرجة الثانية بطريقة منظمة ومحددة. من أهم إسهاماته في الحساب أيضًا اهتمامه بالأعداد الهندية والعمل على اعتمادها لدى المسلمين، وعرفت هذه الأرقام فيما بعد في جميع أقطار العالم الإسلامي بالأرقام الهندية العربية. كما أنه ابتكر طريقة لضرب الأعداد الكبيرة سميت بالضرب الشبكي.[11]
الحساب عند الحضارات الأمريكية القديمة
اهتمت الحضارات الأمريكية القديمة كالمايا والأزتيك والإنكا بعلم الحساب، واستخدم كل منهم أنظمة رياضية لم تعتمد على الرياضيات المنتشرة في أوروبا أو أي مكان آخر في العالم. مع ذلك، استطاعت هذه الحضارات تطوير علم الحساب بصورة يمكن من خلالها تطبيقه عمليًا في البناء، والهندسة، والفلك، والتنجيم. كما أنهم عملوا على تطوير تقويم بناءً على هذا العلم، وكانوا يعتمدون على كتابة وتدوين أهم ما يتوصلون إليه دائمًا.[12]
عاشت في أمريكا الشمالية تحديدًا عدد من القبائل البدوية التي لم تكن مستقرة في مكان واحد، وعلى الرغم من ذلك لم تقل أهمية الحساب لديهم بل أولوا هذا العلم اهتمامًا كبيرًا انطلاقًا من حاجتهم لمعرفة مواسم الزراعة والحصاد والتي تتطلب معرفة العد بالطبع، وكان العد من خلال الحبال أو خطوط الخشب أو حتى من خلال الأصابع. استطاعوا من خلال أصابعهم العشرة العد حتى الألف عن طريق فهمهم للضرب بمعناه العميق.[12]
الحساب في العصور الوسطى الأوروبية
اقتصر علم الحساب لدى الأوروبيين خلال العصور الوسطى على ترجمة علوم اليونانيين القدامى كإقليدس، وقامت تجارتهم وحساباتهم المالية على نظام العد الروماني القديم، بالإضافة إلى استخدامهم العداد اليدوي. بدأت تطوراتهم في الحساب عند فتح تجارتهم مع الشرق في القرن الثاني عشر الميلادي.[13]
الحساب في عصر النهضة
بعد انقضاء العصور المظلمة التي شهدتها أوروبا، جاء عصر النهضة ليُعيد الحياة للعلوم من جديد، ومن بينها علم الحساب، وكان التسلسل كما يأتي:[14]
- الكشف عن العديد من النصوص الحسابية التي تعود إلى الحضارة اليونانية وترجمتها في القرن الثالث عشر الميلادي.
- ظهور الجامعات التي تدرس الحساب في القرن الثالث عشر الميلادي، مع الأخذ من جهود اليونانيين والمسلمين بسبب غياب الجهود الأوروبية لفترة طويلة.
- ابتكار آلة الطباعة عام 1450م، والتي يسرت بدورها مهمة الاحتفاظ بالنصوص والأبحاث العلمية.
- الكشف عن نصوص علمية حسابية في فترة سقوط القسطنطينية عام 1453م.
- البدء بتعليم التجار أساليب رياضية متطورة في بريطانيا مع نهاية القرن الثالث عشر الميلادي.
- التعبير عن الأرقام بالحروف عام 1591م.
- الدمج بين الهندسة والجبر، بصورة تمكن من استخدام المعادلات هندسيًا عام 1637م.
- التوصل إلى طرق حساب التفاضل والتكامل للمقادير المتناهية في الصغر في نهايات القرن السابع عشر الميلادي.
الحساب خلال الثورة العلمية
بدأت الثورة العلمية في القرن السابع عشر الميلادي، ومن أهم التطورات التي شهدها العالم في علم الحساب:[15]
- ابتكار طرق الاشتقاق والتكامل خلال القرن السابع عشر الميلادي.
- التقدم في مجال الجبر والحساب والهندسة التحليلية.
- زيادة الارتباط بين الحساب والعلوم الأخرى وخصوصًا الفيزياء على مدار القرن.
- العمل الجماعي بين علماء العصر للتباحث في أمور علمية حسابية بعد منتصف القرن السابع عشر الميلادي، مثل: باسكال، ديكارت، جاليليو، وغيرهم.
- إيجاد طرق جديدة في الحساب ساهمت في تطور الفلك والملاحة مما أدى إلى ثورة عددية عام 1630م.
- عمل جون بيير على نشر جداول خاصة باللوغاريتمات عام 1614م.
- تأسيس كل من: الجمعية الملكية في لندن (1660م)، والأكاديمية الفرنسية للعلوم (1666م)، وأكاديمية برلين (1700م)، بهدف نشر ورعاية الأبحاث العلمية ودعم الحساب.
استكملت الثورة العلمية نجاحها في القرن الثامن عشر الميلادي، وكان من أهم التطورات الخاصة بمجال الحساب في هذا القرن هو زيادة الارتباط بين الحساب والميكانيكا والعمل على جعل الحساب من العلوم العملية التي تميل إلى الهندسة بصورة أفضل، كما اتفق على فصل الحساب عن علم المنطق، وتسميتها بعلم الطبيعة، بالإضافة إلى تطور كل من التكامل والتفاضل ليصبح موضوعًا منفصلاً عن علم المنحنيات.[16]
الحساب المعاصر
اتخذ الحساب منحى جديدًا في القرن التاسع عشر الميلادي، فأصبح مهنة، وأصبح علمًا قائمًا بذاته بالانفصال عن العلوم الفيزيائية الهندسية، ولم يعد هذا العلم مرتكزًا على الأمور العملية القابلة للتطبيق فأصبح يميل إلى الجانب النظري بصورة واضحة.[17] ومع حلول القرن الماضي بدأ العلماء بطرح العديد من الأسئلة التي تتعلق بالمشاهدات العملية والمرتبطة بصورة مباشرة بالعلوم والهندسة، وتوصلوا إلى العديد من الحلول بالاعتماد على طرق التحليل والحساب الرياضي، ومن ذلك التنبؤ العددي بالطقس.[18]
يواصل العالم حاليًا في القرن الحادي والعشرين الميلادي تطورًا ملحوظًا على الحساب التطبيقي العملي تماشيًا مع تنوع المشاكل الجديدة المطروحة، وأصبحت الندوات والاجتماعات في جميع أنحاء العالم تناقش هذه المشاكل وحلولها المرتكزة على التسلسل الحسابي، كما سهل هذا التطور دخول الحواسيب في إجراء العمليات الحسابية الدقيقة والمعقدة.[19]
مر علم الحساب بالعديد من المحطات التاريخية، وساهمت العديد من الحضارات الإنسانية في تطوره على مر العصور بدايةً من البابليين والمصريين، ومرورًا باليونانيين والصينيين والهنود، وانتهاءً بإنجازات المسلمين الهامة في هذا المجال والتي اعتمدت عليها أوروبا لاحقًا، إلى جانب العلوم اليونانية بشكل أساسي، فقد عملت أوروبا في عصور النهضة والثورة العلمية على تقديم العديد من الإنجازات العلمية عمومًا والحسابية خصوصًا والتي لا زالت تدرس حتى وقتنا الحاضر ويستفاد منها في فهم وتحليل المسائل التطبيقية.
المراجع
- SUMERIAN/BABYLONIAN MATHEMATICS, Story of mathematics.
- Mathematics in ancient Egypt, Britannica.
- THE MATHEMATICS OF ANCIENT EGYPT, MATHEMATICIANS OF THE AFRICAN DIASPORA.
- Ancient Greek Mathematics, Page 2.
- The Pythagorean Theorem, UGA.
- Ancient Chinese Mathematics, Encyclopedia.
- An overview of Indian mathematics, Maths history.
- The Muslim Contribution to Mathematics, Routledge.
- Yasmeen Mahnaz Faruqi ,Contributions of Islamic scholars to the scientific enterprise, Page 394.
- Yasmeen Mahnaz Faruqi ,Contributions of Islamic scholars to the scientific enterprise, Page 395.
- MUHAMMAD IBN MUSA AL-KHWARIZMI: MUSLIM MATHEMATICIAN, Story of mathematics.
- Native American Mathematics: History & Mathematicians, Study.
- MEDIEVAL MATHEMATICS, Story of mathematics.
- How And Why Did Mathematics Develop In Europe During The Renaissance, 1300- 1700?, Tutor Hunt.
- Mathematics in the 17th and 18th centuries, Britannica.
- The 18th century, Britannica.
- Mathematics in the 19th century, Britannica.
- Mathematics for the 21st Century, Maths History.
- Mathematics for the 21st Century, Maths History.