مقدمة لتاريخ مصر الإسلامي
يبدأ تاريخ مصر في العصر الإسلامي مع الفتح الإسلامي الذي قاده الصحابي عمرو بن العاص في العام الثامن عشر للهجرة. في ذلك الوقت، أصبحت مصر ولاية تابعة للدولة الإسلامية. كان هذا الفتح في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي أيد خطة عمرو بن العاص لفتح مصر بعد إتمام فتح فلسطين. أرسل الخليفة الزبير بن العوام مع مجموعة من المجاهدين لدعم عمرو بن العاص في مهمته. تمكن عمرو بن العاص من محاصرة البيزنطيين، الذين لم يتمكنوا من مقاومة المسلمين. اضطر المقوقس إلى توقيع معاهدة مع المسلمين، ونتيجة لذلك، دخل عدد كبير من المصريين الإسلام. أما الذين بقوا على دينهم، فقد وافقوا على دفع الجزية للمسلمين.
بعد الفتح، أصبحت مصر ولاية إسلامية تابعة للخلافة الراشدة، واستمرت على هذا النحو حتى ظهور حركات استقلالية بدأت بالدولة الطولونية، ووصلت إلى دولة المماليك، ثم أصبحت جزءًا من الدولة العثمانية. شهدت مصر في كل فترة من فتراتها عصور قوة وازدهار، وعصور ضعف وتدهور. من بين أبرز الحكام الذين حكموا مصر في فترات القوة:
- عمرو بن العاص
- أحمد بن طولون
- صلاح الدين الأيوبي
- سيف الدين قطز
- المنصور سيف الدين قلاوون
- سيف الدين قايتباي
- السلطان مراد بن سليم
مصر تحت حكم الأمويين
عندما تولى معاوية بن أبي سفيان الخلافة، جعل مصر قاعدة أساسية لجيوش المسلمين التي انطلقت نحو أفريقيا ثم الأندلس. ومع ذلك، لم تكن مصر دائمًا موالية للأمويين. بعد وفاة يزيد بن معاوية في عام 64 هـ، دعم المصريون عبد الله بن الزبير ضد عبد الملك بن مروان. لكن عبد الملك بن مروان تمكن من استمالة المصريين وجعلهم ينضمون إلى طاعته. ومع ذلك، لم يقف أهل مصر مع مروان بن محمد عندما لجأ إليهم.
اقتصادياً، حافظ الأمويون على الأسس الاقتصادية التي وضعت في عهد النبي والخلفاء الراشدين كنظام اقتصادي للدولة، مع بعض التعديلات الطفيفة. وخلال فترة استقرار الدولة الأموية، اهتم الأمويون ببناء الجسور والقنوات، وإنشاء المقاييس مثل مقياس أنصنا الذي أنشأه معاوية بن أبي سفيان.
الحقبة العباسية في مصر
كان الخلفاء العباسيون يعينون أكفأ القادة على مصر، وأصبحت مصر مدينة المعسكر التي أسسها صالح بن علي العباسي. وكانت مصر بمثابة معبر آمن للهاربين إلى الأندلس والمغرب، مثل عبد الرحمن الداخل (من الأمويين) وإدريس بن عبد الله (من العلويين)، اللذين تمكنا من تأسيس دولتين في المغرب والأندلس تعارضان الدولة العباسية. ظهر في مصر في العصر العباسي قادة ذوو نفوذ قوي، مثل عبد العزيز بن الجارور الذي سيطر على صعيد مصر، والسري بن الحكم الذي سيطر على الوجه البحري. ظلت مصر تابعة للدولة العباسية اسمياً، ولكنها في الواقع كانت تتجه نحو الاستقلال في منتصف القرن الثالث الهجري.
نشأة الدولة الطولونية
تعتبر الدولة الطولونية أول دولة تستقل بالحكم عن الحكومة المركزية. أسسها أحمد بن طولون، الذي كان من أصل تركي وكان والده من موالي الخليفة العباسي المأمون. دخل ابن طولون مصر كنائب للحاكم العباسي، لكنه استأثر بالحكم فيها وتمكن من الوصول إلى الشام وفرض سيطرته عليها. حكم الدولة الطولونية أيضًا خمارويه بن أحمد بن طولون، الذي أبرم اتفاقًا مع الخليفة العباسي المعتضد، يقضي بمنح خمارويه وورثته الحكم لمدة 30 عامًا. بدأت الدولة الطولونية في التدهور بعد عهد خمارويه، حيث أعاد العباسيون نفوذ الدولة المركزية إلى مصر. استمر حكم الدولة الطولونية في مصر بين عامي 254 و 292 هـ.
الدولة الإخشيدية في مصر
أسس محمد بن طغج الدولة الإخشيدية، وهو من أصل تركي عسكري كان يخدم العباسيين. كان محمد بن طغج حاكمًا على مصر في عهد الخليفة الراضي، وكان يُلقب بالإخشيد، وهي كلمة تعني الحاكم أو الأمير. تمكن الإخشيد من السيطرة على أجزاء كبيرة من الشام أيضًا. انتهت الدولة الإخشيدية على يد الفاطميين الذين تمكنوا من احتلال مصر وتأسيس دولة فيها.
تميزت الدولة الإخشيدية بازدهار الفقه وظهور العديد من أعلامه من أهل مصر، مثل الفقيه المالكي هارون الأسواني، وعلي بن أبي مصر الإسكندراني، والفقيه الشافعي أبو بكر محمد (ابن الحداد). اهتم الإخشيديون بالصناعة والتجارة والزراعة، وبذل كافور الإخشيدي جهودًا كبيرة لتنمية الزراعة.
قيام الدولة الفاطمية
يرى المؤرخون أن الفاطميين ينتسبون إلى عبيد الله المهدي، ويسمونهم العبيديين، وهم من الشيعة المتطرفين الذين يمثلون الحركة الإسماعيلية. بدأ تاريخ الفاطميين في مصر عام 297 هـ، وكان حاكمهم عبيد الله المهدي. انقسم الفاطميون إلى طائفتين: الحشاشون والنزاريون الذين ينتسبون إلى نزار بن الحاكم بأمر الله. بنى الفاطميون مدينة المنصورية وأسسوا قصرًا للمعز لدين الله، وظلت تعرف باسم المنصورية لمدة أربع سنوات، ثم سماها المعز القاهرة، وجعل لها أربعة أبواب. كما أنشأ جامع الأزهر ليكون خاصًا بأتباع المذهب الفاطمي العبيدي. انتهت الدولة الفاطمية في مصر على يد القائد صلاح الدين الأيوبي.
مصر في عهد الأيوبيين
استطاع نور الدين زنكي السيطرة على مصر من الفاطميين، إلا أن تأسيس الدولة الأيوبية في مصر كان في عهد صلاح الدين الأيوبي الذي يعتبر مؤسسها. أنهى صلاح الدين وجود الفاطميين في مصر وأعاد الحكم السني في الشام ومصر. الخلافات التي ظهرت بعد وفاة صلاح الدين الأيوبي أدت إلى ضعف الدولة الأيوبية، خاصة وأنها تزامنت مع حملة لويس التاسع (الحملة الصليبية). انتهت دولة الأيوبيين بوفاة آخر ملوكهم (الملك الصالح)، فورث المماليك حكمهم بعد أن تولوا قيادة الحرب التي مات فيها الملك الصالح، وذلك بموافقة زوجته شجرة الدر.
بلغت مصر أوج ازدهارها في المجال الحربي في العهد الأيوبي، منذ انتصارهم في معركة حطين. أُنشئ ديوان الجيش الذي يشبه وزارة الدفاع في عصرنا الحالي، وكانت مصر في عهد صلاح الدين تتمتع بنشاط اقتصادي ملحوظ، وكان لها علاقات تجارية ودولية مع مختلف الجمهوريات الإيطالية مثل جنوة والبندقية وبيزا.
حكم المماليك في مصر
يعود أصل المماليك إلى الجنود الذين جلبهم الأيوبيون للمشاركة في الحروب، وهم من سلالتين: المماليك البحرية الذين سكنوا في جزيرة الروضة في نهر النيل، والمماليك البرجية الذين سكنوا القلاع. بعد أن سيطر المماليك على الدولة، أحيوا الخلافة العباسية فيها، لكنهم اختلفوا في نظام حكمهم. اعتمد المماليك البرجية على نظام الأقدمية في اختيار السلطان، بينما اعتمد المماليك البحرية على نظام الوراثة. انتهت الدولة المملوكية في عام 1811م على يد محمد علي.
مصر تحت السيادة العثمانية
أصبحت مصر تابعة للدولة العثمانية عام 1517م، عندما دخلها العثمانيون، وبقيت تحت الحكم العثماني حتى أعلنت بريطانيا وصايتها عليها في عام 1914م. منذ ذلك الوقت، حدثت العديد من الأحداث، أهمها: الحملة الفرنسية على مصر، وتعيين محمد علي باشا الذي انشغل في تأسيس دولة حديثة. نشأت العديد من الخلافات بينه وبين السلطان العثماني في الفترة التي كان فيها محمد علي باشا واليًا على مصر، وانتهت هذه الخلافات بجعل أكبر أبنائه حاكمًا على مصر. بعد أن انفصلت مصر عن الدولة العثمانية بشكل نهائي، تم تعيين السلطان حسين من قبل الحماية البريطانية.