رحلة البحث عن الذات في ثلاثية فتحية ناصر

فهرس المحتويات

نظرة على رواية “رحلة البحث عن الذات”

تُعد رواية “أبحث عن نفسي” للكاتبة البحرينية فتحية ناصر ثلاثية أدبية مميزة، صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر. تتألف هذه الثلاثية من عشرة فصول رئيسية وأربعين بابًا فرعيًا، تغوص في أعماق النفس البشرية، مُسلطة الضوء على الصراعات الداخلية والتناقضات التي يعيشها الإنسان في رحلة البحث عن هويته.

تُناقش الرواية ببراعة ما يُشكل هوية الفرد، وما يواجهه من تحديات وصراعات وجودية في مسعاه لفهم ذاته والتأقلم مع متغيرات الحياة وظروفها. كما تستكشف الرواية التفاعلات المعقدة بين الإنسان وبيئته، وما ينتج عن ذلك من انعكاسات على مشاعره، أفكاره، سلوكياته، معتقداته، رؤاه، قراراته، وكيفية اكتشاف نقاط قوته وضعفه.

بناء الرواية وأسلوبها السردي

تتميز هذه الرواية بأسلوبها السردي المفصل، الذي يركز على التفاصيل الحركية والحسية. تُبرز الكاتبة المبادئ والأخلاق والمثل العليا كالحق والحرية والعدل، من خلال سياق أحداث متشابكة ومتصاعدة. يعتمد السرد على صوت الراوي الوحيد، ما يُضفي جاذبية خاصة على الرواية. والمدهش في هذه الثلاثية التي تبلغ ٩٠٠ صفحة أنها تُشكل رسالة من “أمل”، بطلة الرواية، إلى حبيبها الأبدي.

الحبكة الروائية والأبعاد المتشابكة

تُبرز الرواية بمهارة التشابك بين الأحداث السياسية والدينية والاجتماعية والعاطفية. وتستعين الكاتبة بمراجع حقيقية تتعلق بالزمن والمكان، معروفة لدى المجتمع البحريني، مُضافةً إليها تكهنات واحكام على شخصيات عامة معروفة دينيًا واجتماعيًا. تبدو الحبكة واضحة وجلية، وهي حبكة إيديولوجية تتداخل مع تعدد الأعراق والمعتقدات. ففي ظل النزعة الطائفية في البحرين وبلدان عربية أخرى، تظهر الكاتبة كباحثة في الإثنوغرافيا، مُلاحظتها الدقيقة للشخصيات القريبة من الواقع، حيث تصف المهن، الطوائف، العلاقات، والصداقات، بطرق مباشرة ورمزية.

رحلة أمل: بين التحديات والصراعات

تبدأ الرواية برسالة من أمل، بطلة الرواية، وهي الراوية في الوقت نفسه، تُروي تفاصيل حياتها، صراعاتها الداخلية والخارجية، مع عائلتها، أصدقائها، وحتى عملها. تُروي الرواية كيف عاشت أمل في طفولتها مع عائلتها في منطقة التقت فيها بأعز صديقاتها، رباب، التي فتحت لها آفاقًا جديدة مختلفة عن حياة قريتها. وتُظهر الرواية تضارب رغبة أمل في هذه الصداقة مع رفض عائلتها لصداقتها مع رباب، كونها شيعية، وما نتج عن ذلك من صراعات وخلافات.

ثم تُروي الرواية علاقة أمل بصديق والدها الذي أصبح حبيبها، ثم علاقتها بمدرسها الجامعي، وربطها بزميلها الفقير رغم معارضة والدها. تتوالى الأحداث، وتُظهر الرواية صراعات أمل مع مشاعرها المتضاربة ورأي والدها، وقراراتها المستقلة التي تتخذها دون الالتفات لرأيه أو تغيير مسارها من أجله. تُقدم الرواية أمل كشخصية تختار طريقها وتتحمل مسؤولية قراراتها في رحلة حياتها.