المحتويات
آراء الفقهاء في لمس المصحف للمرأة الحائض
اتفق جمهور العلماء على عدم جواز لمس المصحف مباشرة للمرأة الحائض إذا كان اللمس بدون وجود فاصل بين يدها وبين المصحف. أما إذا كان اللمس بوجود حائل، فقد اختلفت آراء الفقهاء في هذه المسألة، وسنوضح فيما يلي تفصيل هذه الآراء:
عدم جواز لمس المصحف حتى مع وجود حائل
يرى المالكيّة والشافعيّة أنه لا يجوز للمحدث أو الحائض أو النفساء أو الجنب لمس المصحف على الإطلاق، سواء كان ذلك اللمس بوجود حائل أو بدونه، وذلك استنادًا إلى النهي الوارد في هذا الشأن، مستدلين بقول الله -تعالى- في كتابه العزيز: (لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ).[الواقعة:79]
فالنهي الوارد في الآية الكريمة لم يخصص ما إذا كان اللمس بوجود حائل أو بدون حائل، بل جاء بصورة مطلقة، وبالتالي يبقى على إطلاقه بحرمة لمس المصحف لغير الطاهرين، كالحائض والنفساء والمحدث الجنب وغيرهم.
جواز لمس المصحف مع وجود حائل
ذهب الحنفية والحنابلة إلى جواز لمس المصحف للمحدث والحائض والنفساء إذا كان هناك حائل بينهما وبين المصحف، كأن ترتدي قفازًا أو تحمله في كيس، أو تلمسه بوجود فاصل يفصل بين يدها وبين لمس صفحات المصحف بشكل مباشر. وقد فرق الحنفية بين ما إذا كان الحائل منفصلاً عن المصحف أو متصلاً به، فإذا كان منفصلاً عنه جاز للحائض والمحدث لمسه، أما إذا كان الحائل متصلاً كجلد المصحف الذي يكون في أصله ومتصلاً به، فإنه لا يعتبر حائلاً ويمنع من لمس الحائض للمصحف.
الحالات التي يُباح فيها للحائض لمس المصحف
ذكر بعض العلماء، مثل ابن تيمية والمرداوي وغيرهم من علماء الحنابلة، أنه يجوز للحائض لمس المصحف بوجود حائل والقراءة منه إذا كانت هناك ضرورة أو حاجة تستدعي ذلك. ومن هذه الحالات ما يلي:
- أن يكون الهدف من لمس المصحف هو حفظ جزء من القرآن أو مراجعة ما تم حفظه.
- أن يكون الهدف من لمس القرآن هو الدراسة أو التدريس، كأن تكون طالبة في مدرسة أو جامعة، أو أن تكون معلمة للقرآن أو ما شابه ذلك.
- أن يغلب على ظنها أنها ستنسى القرآن إذا تركته خلال فترة الحيض. بل إن ابن تيمية -رحمه الله- ذهب إلى أبعد من ذلك، حيث يرى وجوب ذلك عليها إذا غلب على ظنها أنها ستنسى القرآن إذا ابتعدت عنه خلال فترة حيضها أو نفاسها بسبب عدم مراجعته لعدم جواز لمس المصحف في هذه الفترة، ونقل عن المرداوي أنه رجح هذا الرأي واعتمده في فتواه.
رأي العلماء في قراءة الحائض للقرآن
ذهب المالكيّة والظاهريّة والإمام الشافعي في المذهب القديم عنه، والإمام أحمد في رواية، إلى القول بجواز قراءة الحائض للقرآن الكريم، وهو ما اختاره ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، وابن عثيمين من المعاصرين، وغيرهم من العلماء. وقد استدلوا على ذلك بعدة أدلة، منها: أنه لو كانت الحائض ممنوعة من قراءة القرآن الكريم كما هي ممنوعة من الصلاة والصيام، لكانت الأدلة صريحة في منعها من ذلك.
كما قالوا إن أمر الحيض ليس بيد المرأة ولا من فعلها، كما هو الحال بالنسبة للجنب، فهي لا تملك رفع الحيض عنها، فلا تُمنع من قراءة القرآن لأمر ليس بيدها. إضافة إلى أن منعها من تلاوة القرآن طوال فترة الحيض قد يؤدي إلى نسيانها لشيء منه.
فضل ذكر الله للحائض
لا يوجد خلاف بين الفقهاء على جواز الذكر للحائض والنفساء والجنب، وقد استدلوا على ذلك بأدلة عديدة، منها ما روته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من قولها: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ علَى كُلِّ أحْيَانِهِ).[رواه مسلم]
وبناءً على ذلك، فإن ذكر الله تعالى جائز لكل مسلم، حتى وإن لم يكن على طهارة من حدث أكبر أو أصغر.
المصادر والمراجع
- إسلام ويب: حكم مس الحائض القرآن بحائل
- الدرر السنية: قراءة القرآن، ومسُّ المصحف، وذِكر الله للحائض
- صحيح مسلم