رأي الشرع في تناول لحم أضحية المتوفى

استكشاف آراء الفقهاء حول جواز أكل لحم الأضحية المهداة للميت، سواء بوصية منه أو بدونها، مع الأدلة الشرعية والتفاصيل المذهبية.

مفهوم الأضحية في الشريعة الإسلامية

الأضحية هي الذبيحة التي تُذبح في أيام عيد الأضحى، تحديدًا في وقت الضحى أو خلال أيام التشريق. تشمل الذبائح الأغنام والأبقار والإبل، ويتم الذبح بقطع الحلقوم والمريء.
تعتبر الأضحية سنة مؤكدة في الإسلام، وتهدف إلى التقرب إلى الله وإحياء ذكرى تضحية سيدنا إبراهيم عليه السلام.

الرأي الفقهي في أكل الأضحية عن الميت إذا لم يوصِ بها

اختلف الفقهاء في حكم أكل الأضحية عن الميت إذا لم يوصِ بها، وتتضح آراؤهم فيما يلي:

مذهب الحنفية والحنابلة

يرى الحنفية [4] والحنابلة [5] جواز التضحية عن الميت حتى وإن لم يوصِ بها. بناءً على ذلك، يجوز للمضحي أن يأكل من الأضحية؛ لأنها ذُبحت من ماله الخاص وليس من مال الميت.[6] كما أنه يقوم مقام الميت في الأكل والتصدق والإهداء منها.[7]

مذهب الشافعية

ذهب الشافعية إلى عدم جواز التضحية عن الميت إذا لم يكن قد أوصى بها، وبالتالي لا تُعتبر أضحية أصلًا.[8]

مذهب المالكية

لم يمنع المالكية التضحية عن الميت، لكنهم اعتبروا ذلك مكروهًا.[9]

رأي الفقهاء في تناول لحم الأضحية الموصى بها للميت

أجاز الفقهاء التضحية عن الميت الذي أوصى بها، ولكن اختلفوا في حكم الأكل من هذه الأضحية:

رأي جمهور العلماء

ذهب الحنفية [10] والشافعية [11] إلى أنه لا يجوز لمن ضحى عن الميت بوصية أن يأكل من الأضحية، بل يجب التصدق بها كاملةً عن الميت.[12] السبب هو أن الأكل من أضحية الميت الموصى بها يحتاج إلى إذنه، وهذا متعذر.[13] واستثنى الشافعية حالة واحدة، وهي إذا أوصى الميت بأن يأكل المضحي من أضحيته بعد وفاته.[14]

رأي الحنابلة

يرى الحنابلة جواز الأكل من أضحية الميت الموصى بها، بل يعتبرون التضحية عن الميت أفضل من التضحية عن الحي.[15] أجاز الحنابلة الأكل لأن المضحي يقوم مقام الميت في الأكل والتصدق والإهداء.[16]

إقرار جواز التضحية عن المتوفى وبالتالي إباحة الأكل من أضحيته

يجيز بعض العلماء التضحية عن الميت، وبناءً عليه، يجوز الأكل من أضحيته. يستدلون بالحديث الصحيح الذي رواه مسلم أنّ النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-:

“أخذ كبشًا فأضجعه، ثمّ ذبحه، ثمّ قال: باسم الله، اللهمّ تقبّل من محمدٍ وآل محمدٍ ومن أمّة محمد ثمّ ضحّى به” [17]

ومما لا شك فيه أن من أمة محمد من مات قبل أن يذبح.[18]

كما أن الشخص الذي يضحي عن الميت يقوم مقامه في الأكل والصدقة والهدية من الأضحية.[19] الموت لا يمنع التقرب إلى الله، فالميت يُحج عنه ويُتصدق عنه.[20] بل الميت أحوج من الحي لأن يُضحى عنه لعجزه واحتياجه إلى الأجر.[21]

وقد وافق بعض الشافعية الجمهور في جواز التضحية عن الميت، كأبي الحسن العبادي -رحمه الله- الذي أطلق جواز التضحية عن الميت، واعتبر التضحية عن الميت نوعًا من الصدقة عنه، والصدقة عن الميت تنفعه ويصل أجرها إليه بإجماع أهل العلم.[22]

المراجع

  1. جمال الدين بن منظور، لسان العرب، صفحة 476. بتصرّف.
  2. أبو سهل الهروي، إسفار الفصيح، صفحة 717. بتصرّف.
  3. ابن النجار الفتوحي، منتهى الإرادات، صفحة 186.
  4. محمد بن عابدين، حاشية ابن عابدين، صفحة 335. بتصرّف.
  5. ابن قدامة المقدسي، المغني، صفحة 378. بتصرّف.
  6. محمد بن عابدين، حاشية ابن عابدين، صفحة 335. بتصرّف.
  7. ابن قدامة المقدسي، المغني، صفحة 378. بتصرّف.
  8. شمس الدين الرملي، نهاية المحتاج، صفحة 144. بتصرّف.
  9. محمد الخطاب، مواهب الجليل، صفحة 247. بتصرّف.
  10. محمد بن عابدين، حاشية ابن عابدين، صفحة 335. بتصرّف.
  11. شمس الدين الرملي، نهاية المحتاج، صفحة 144. بتصرّف.
  12. محمد بن عابدين، حاشية ابن عابدين، صفحة 335. بتصرّف.
  13. شمس الدين الرملي، نهاية المحتاج، صفحة 144. بتصرّف.
  14. قليوبي وعميرة، حاشيتا قليوبي وعميرة، صفحة 256. بتصرّف.
  15. ابن النجار الفتوحي، منتهى الإرادات، صفحة 196. بتصرّف.
  16. ابن قدامة المقدسي، المغني، صفحة 378. بتصرّف.
  17. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1967، صحيح.
  18. علاء الدين الكاساني، بدائع الصنائع، صفحة 72. بتصرّف.
  19. ابن قدامة المقدسي، المغني، صفحة 378. بتصرّف.
  20. علاء الدين الكاساني، بدائع الصنائع، صفحة 72. بتصرّف.
  21. مصطفى السيوطي، مطالب أولي النهى، صفحة 472. بتصرّف.
  22. محيي الدين النووي، المجموع، صفحة 406. بتصرّف.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

الأحكام الشرعية المتعلقة بالأغاني والموسيقى

المقال التالي

الرأي الشرعي في الانتفاع بالنذر

مقالات مشابهة