تمهيد حول إطلاق اللحية
إن إعفاء اللحية يعتبر من السنن القديمة التي اتفقت عليها الشرائع السماوية. وهي تعتبر من الأمور المرتبطة بدين الإسلام، الدين الخاتم. للشعائر الدينية منزلة عظيمة في الإسلام، فالتمسك بها يعتبر من علامات تقوى الله وخشيته. واللحية هي جزء من الفطرة التي حافظ عليها الأنبياء جميعًا، صلوات الله عليهم وسلامه. رُوي عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
“عَشْرٌ مِنَ الفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وإعْفاءُ اللِّحْيَةِ”.
وقد فسر بعض العلماء سنن الفطرة بأنها السنن القديمة التي حافظ عليها الأنبياء، وفي ذلك اتباع لسنة الخلفاء الراشدين المهديين.
الحكم الشرعي في حلق اللحية
الحلق هو إزالة الشعر باستخدام الشفرة أو ما شابهها، وقد ورد ذكر الحلق في القرآن الكريم:
(مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ).
ويشمل الحلق أيضًا قص الشعر والأخذ منه. أما بالنسبة لحلق اللحية، فقد اختلفت آراء المذاهب الفقهية في حكمه، وفيما يلي تفصيل ذلك:
رأي المذهب الحنفي
يرى فقهاء الحنفية أن حلق اللحية مكروه كراهة تحريمية. ويحددون الهيئة المسنونة للحية بأن تكون بمقدار قبضة اليد، ولا يجوز تقصيرها بحيث تكون أقل من قبضة اليد، أو إزالتها بالكامل. الكراهة التحريمية في المذهب الحنفي تعني أن التحريم ثبت بدليل غير قطعي. وقد ورد في كتاب التوضيح في حل غوامض التنقيح أن المكروه نوعان: مكروه كراهة تنزيه، وهو أقرب إلى الحلال، ومكروه كراهة تحريم، وهو أقرب إلى الحرام.
رأي المذهب المالكي
ذهب الإمام مالك -رحمه الله تعالى- إلى القول بتحريم حلق اللحية للرجال، مع إجازة الأخذ من طولها إذا كانت طويلة بشكل مبالغ فيه يسبب الأذى للناظرين، لأنها قد تكون سببًا في تقبيح المظهر. فيستحب في هذه الحالة الأخذ من الزائد منها لتحسين الهيئة.
رأي المذهب الشافعي
يرى الشافعية كراهة حلق اللحية للرجال. وقد ذكر الإمام النووي -رحمه الله تعالى- أن العلماء ذكروا عشرة أمور مكروهة تتعلق باللحية، تتراوح فيها الكراهة بين شديدة وضعيفة، ومن بينها حلق اللحية للرجل. أما بالنسبة للمرأة، فيستحب لها حلق شعر اللحية إذا نبت لها.
رأي المذهب الحنبلي
المعتمد في المذهب الحنبلي هو حرمة حلق اللحية. وذكر الشيخ تقي الدين أنه لا يكره أخذ ما زاد عن القبضة، ويرى أنه لا بأس بالأخذ به. وقد أجاز أخذ ما تحت الحلق اقتداء بفعل ابن عمر -رضي الله عنه- الذي كان يفعله عند الحج أو العمرة.
أخلاقيات تتعلق بإطلاق اللحية
هناك آداب وسلوكيات يجب مراعاتها عند إطلاق اللحية. وقد ذكر الإمام النووي، نقلًا عن الغزالي -رحمهما الله تعالى-، عشرة خصال تكره في اللحية، وهي:
- صبغ اللحية باللون الأسود لغير الجهاد.
- صبغها بغير اللون الأسود لخداع الناس وإيهامهم بالصلاح.
- تبييض اللحية عمدًا لإظهار الشيخوخة المبكرة والتفاخر بين الأقران.
- نتف شعر اللحية.
- نتف الشيب منها.
- تصفيفها وتمشيطها بغرض التفاخر والتكبر.
- الأخذ من طولها وعرضها بشكل مبالغ فيه.
- تركها بدون تمشيط لتبدو شعثاء لإظهار الزهد.
- إدامة النظر إليها إعجابًا.
- عقدها.
المراجع
- رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين ، الصفحة أو الرقم:261، حديث صحيح.
- إبراهيم بن محمد الحقيل (22/11/2017)،”اللحية شعار وجمال”،الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 1/2/2022. بتصرّف.
- سورة سورة الفتح، آية:27
- مجموعة ممن المؤلفين،كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 80. بتصرّف.
- وهبة الزحيلي،كتاب الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 2659. بتصرّف.
- “معنى الكراهة التحريمية وحكم تارك الواجب وأدلة الحنابلة على واجبات الصلاة”،إسلام ويب، 23/6/2013، اطّلع عليه بتاريخ 2/2/2022. بتصرّف.
- النفراوي،كتاب الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني، صفحة 307. بتصرّف.
- وهبة الزحيلي،كتاب الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 2659. بتصرّف.
- البهوتي،كتاب كشاف القناع عن متن الإقناع، صفحة 75. بتصرّف.
- “حلق اللحية حرام عند جمهور العلماء”،اسلام ويب، 6/4/2003، اطّلع عليه بتاريخ 2/2/2022. بتصرّف.