ديمتري مندليف: رؤيته للجدول الدوري

اكتشف حياة ديمتري مندليف وإسهاماته في علم الكيمياء، بما في ذلك الجدول الدوري وتوقعاته للعناصر غير المكتشفة.

نبذة عن ديمتري مندليف

ديمتري إيفانوفيتش مندليف، عالم كيمياء روسي شهير، ولد في عام 1834 وتوفي في عام 1907. يعتبر من أبرز علماء الكيمياء الذين ساهموا في تطوير هذا العلم. بعد دراسته للعلوم، عمل كأستاذ متخصص في الكيمياء. حصل على درجة الماجستير من روسيا ثم سافر إلى جامعة هايدلبرغ لمواصلة تعليمه وتوسيع آفاقه العلمية.

يشتهر مندليف بشكل خاص بإنشائه للجدول الدوري للعناصر الكيميائية، الذي يعتبر من أهم الإنجازات في تاريخ الكيمياء.

كان لديمتري مندليف ثلاثة عشر أخًا وأختًا. بعد وفاة والده بسبب إصابته بالعمى، تولت والدته مسؤولية إعالة الأسرة من خلال إدارة مصنع زجاج كانت تملكه عائلتها. لسوء الحظ، احترق المصنع وتوفيت والدته بعد ذلك بفترة قصيرة. بعد الانتهاء من تعليمه، قرر مندليف إنشاء مختبر كيميائي خاص به في شقته.

بداية فكرة تنظيم العناصر في الجدول الدوري

بدأ مندليف العمل على تنظيم العناصر الكيميائية وترتيبها في عام 1867. بدأ بالعناصر التي اعتبرها أساسية ونموذجية، وهي:

  • الهيدروجين (H)
  • الأكسجين (O)
  • النيتروجين (N)
  • الكربون (C)

أثناء ترتيبه للعناصر، أضاف مندليف الهالوجينات الخفيفة النشطة كيميائيًا. اعتمد بشكل أساسي على الأوزان الذرية للعناصر، لكنه اكتشف أن هذا الأساس وحده غير كافٍ لإكمال الترتيب الذي كان يطمح إليه. لذلك، توصل إلى ضرورة الجمع بين الوزن الذري للعنصر وخصائصه المميزة أثناء عملية الترتيب. استلهم فكرة الصفوف والأعمدة في التنظيم من لعبة الورق المعروفة باسم (Solitaire).

قام مندليف بجمع معلومات عن 63 عنصرًا كانت معروفة في ذلك الوقت. كتب معلومات كل عنصر على بطاقة منفصلة، بما في ذلك الوزن الذري والخصائص المميزة للعنصر. كانت هذه البطاقات ملازمة له أينما ذهب. في عام 1869، بينما كان مندليف ينتظر القطار بعد تناول وجبة الإفطار، بدأ في محاولة ترتيب البطاقات. استمر في محاولات الترتيب لمدة ثلاثة أيام متواصلة، حتى غلبه التعب والنعاس ونام.

تقول الروايات أن مندليف رأى حلمًا أثناء نومه، حيث سقطت البطاقات وترتبت أمام عينيه بشكل معين. عندما استيقظ، قام بترتيب البطاقات التي كانت بحوزته تمامًا كما رآها في الحلم. وهكذا، تشكل أول جدول دوري للعناصر الكيميائية. لم يكن ترتيب العناصر في الجدول يعتمد بشكل كامل على الأوزان الذرية، لذلك قام مندليف بإعادة ترتيب بعض العناصر لأنه لم يكن متأكدًا من صحة الترتيب. بالإضافة إلى ذلك، ترك أماكن فارغة في الجدول لعناصر لم تكن مكتشفة بعد في ذلك الوقت، ومن بين هذه العناصر:

  • الغاليوم
  • الجرمانيوم
  • السكانديوم

توقعات مندليف في الجدول الدوري

اعتمد مندليف في بناء جدوله الدوري على الأوزان الذرية للعناصر، وافترض أن خصائص العنصر تختلف باختلاف وزنه الذري. ويمكن تلخيص توقعاته في النقاط الآتية:

  • يتألف الجدول الدوري لمندليف من صفوف وأعمدة تمثل الدورات والمجموعات على التوالي.
  • بلغ عدد دورات الجدول الدوري لمندليف 7، وتختلف خصائص العنصر بانتظام بالانتقال من اليسار إلى اليمين.
  • كان عدد مجموعات الجدول الدوري لمندليف هو 8، على أن تضم المجموعة العناصر ذات الخصائص المتقاربة؛ مثل الليثيوم والبوتاسيوم على سبيل المثال، كما قسم كل عمود إلى أعمدة فرعية تكون فيها العناصر أكثر تشابهًا.
  • وضع مندليف العناصر الاعتيادية في المجموعات (1-7)، وخصص المجموعة رقم 8 لـ 3 عناصر انتقالية.
  • قسم مندليف كل دورة من الدورات (4-7) إلى سلسلتين.
  • ضم جدول مندليف الأكاسيد والهيدرات لعناصر المجموعة الأولى.
  • وضع مندليف صيغة عاّمة لأكاسيد العناصر من كل مجموعة، فكانت الصيغة العامة لأكاسيد عناصر المجوعة رقم (1) على سبيل المثال هي R2O.

يستند الجدول الدوري الحديث المعتمد حاليًا على عدد من توقعات مندليف القديمة الصحيحة، إلا أن الجدول الدوري أصبح أكثر تطورًا ووضوحًا، ومن أهم أوجه التشابه ما يأتي:

  • يمثل كل مربع في الجدول الدوري عنصرًا مختلفًا.
  • يمثل كل صف في الجدول الدوري دورة.
  • يمثل كل عمود في الجدول الدوري مجموعة.
  • بلغ عدد دورات الجدول الدوري الحديث 7 دورات.

شكل مندليف بالتنبؤات السابقة الجدول الدوري الخاص به، وكانت جميعها صحيحة ما عدا جزء صغير منها، وبذلك كان في جدوله بعض الخلل والقصور، ومن أبرز تنبؤاته الخاطئة ما يأتي:

  • ضمت بعض المجموعات عناصر متباينة بصورة ملفتة، ومن ذلك وجود بعض العناصر المعدنية الصلبة مع عناصر معدنية أخرى لينة في المجموعة ذاتها؛ كوجود عنصر النحاس (Cu) والصوديوم (Na) في مجموعة واحدة على سبيل المثال، أو الفضة (Ag) والبوتاسيوم (K).
  • لم يتمكن مندليف من إيجاد المكان المناسب لعنصر الهيدروجين (H) في جدوله الدوري، ووضعه مع القلويات.
  • لم يكن ترتيب مندليف يعتمد كليًا على الأوزان الذرية للعناصر؛ فكان يشذ عن ذلك أحيانًا كما يظهر في ترتيب العناصر الآتية: الكوبالت (Co)، والنيكل (Ni)، والتيلوريوم (Te)، والإنديوم (In).
  • تختلف النظائر في العدد الكتلي، وبذلك لا يمكن وضعها جميعًا في نفس الموقع في الجدول الدوري، إلا أن هذا غاب عن مندليف.

أهم الإنجازات العلمية الأخرى لمندليف

يعتبر مندليف المؤسس الأول للجدول الدوري في الكيمياء. من بين أهم مساهماته العلمية الأخرى في الكيمياء والفيزياء:

  • وضع القانون الدوري.
  • درس العلاقة بين خصائص العناصر الكيميائية (مثل الشكل والحجم) من خلال أطروحة تخرجه وأطروحته لنيل درجة الماجستير.
  • اكتشف العلاقة المباشرة بين الوزن الذري للعنصر وخصائصه.
  • درس سلوك الغازات والسوائل.
  • اكتشف درجة الحرارة المطلقة للغليان، وهي النقطة التي تتحول عندها المادة الغازية إلى سائلة تحت تأثير الضغط.
  • ألف نظرية ألغيت لاحقًا تنص على أن المحاليل الكيميائية هي مركبات ناتجة عن خلط نسب معينة من المواد.
  • لاحظ انحرافًا عن قانون بويل، الذي ينص على أن حجم الغاز يقل بزيادة تأثير الضغط الواقع عليه (علاقة عكسية).
  • اهتم بدراسة التمدد الحراري للمواد السائلة.
  • ألف كتابًا أسماه “مبادئ الكيمياء”، والذي أصبح من الكتب المدرسية المعتمدة لدراسة الكيمياء في روسيا في ذلك الوقت.
  • وضع تنبؤات لعناصر غير مكتشفة حتى الآن، وترك فراغات مخصصة لها، بالإضافة إلى وضع تنبؤات بخصائص هذه العناصر المجهولة.
  • كان لمندليف مساهمات مميزة في علوم القياس، حيث طور من خلالها نظريات لقياس الأوزان بصورة دقيقة، كما أنه أدخل النظام المتري للقياس في روسيا.

المصادر والمراجع

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

ديمتري مندليف: رائد الجدول الدوري

المقال التالي

ميشيل شاسل: نبذة عن حياته وإنجازاته

مقالات مشابهة