دور الشعر في الحياة الجاهلية

الفهرس

العصر الذي سبق الإسلام

يُعرف العصر الجاهلي بأنه الفترة التي سبقت ظهور الإسلام بحوالي 130 عاماً قبل الهجرة النبوية. وقد اشتهر العرب في هذا العصر بذكائهم الحاد، وبلاغتهم، وسرعة بديهتهم، وحِدّة فِراسَتهم. وقد ساهم هذا في ازدهار الفنون، لا سيما فن الشعر، الذي تنوعت أغراضه لتشمل الهجاء، والمدح، والفخر، والرثاء، والغزل، والوصف، والحكمة، والموعظة، وحتى الاعتذار.

أثر الشعر في المجتمع الجاهلي

كان للمدح والهجاء مكانة عظيمة في الشعر الجاهلي. فكان المدح يرفع الممدوح إلى أعلى مراتب التقدير، بينما كان الهجاء يُسقِط المهجو من مكانته، ويلحق به العار. لهذا، كان العرب يخشون هجاء الشعراء، بل كانوا يُقدمون لهم الأموال والهبات الكثيرة مقابل مدحهم، أو لتجنب شرّ هجائهم. يُظهر هذا مدى تأثير الشعر في تشكيل الرأي العام وتأثيره على مكانة الأفراد والقبائل. كما أن مكانة الشاعر كانت مرموقة، فهو يُعتبر بمثابة لسان قبيلته، يدافع عنها، ويُخلّد تاريخها، ويُحافظ على شرفها.

كما ذكر القيرواني في كتابه “العمدة” أن ازدهار اسم شاعر في قبيلة معينة كان يُسبب الاحتفالات والمناسبات الكبيرة، مما يؤكد المكانة الاجتماعية المرموقة للشعراء.

مختلف أغراض الشعر الجاهلي

تنوعت أغراض الشعر الجاهلي، وكان من أبرزها:

• الغزل: وهو الشعر الذي يعبر عن الحب والعشق، وقد امتاز بصدق المشاعر، وكثيرا ما كان الشّعراء يستهلون قصائدهم بمقدّمة غزلية. مثال ذلك قول المُثقّب العبدي:
  أفاطِمُ قبْلَ بَينِكِ مَتَّعـيني
  وَمَنْعُكِ مَا سَألتُ كأن تَبِينِ
  فَلَا تَعِدِي مَواعِدَ كاذباتٍ
  تَمُرُّ بِهَا رِيَاحُ الصَّيفِ دُونِ
  فَإِنِّي لَوْ تُخَالِفُني شِمَالِي
  خِلاَفَكِ مَا وَصَلْتُ بِهَا يَمِينِي
  إِذَا لَقَطَعْتُهَا وَلَقُلْتُ بِينِ
  كَذَلِكَ أَجْتَوِي مَنْ يَجْتَوِينِي
• الحماسة والفخر: امتاز هذا النوع من الشعر بالشجاعة والقوة، والتباهي بالفضائل الحميدة كالكرم والشجاعة. مثال ذلك معلقة عمرو بن كلثوم:
  مَتَى نَنْقُلْ إِلَى قَوْمٍ رَحَانَا
  يَكُونُوا فِي اللِّقَاءِ لَهَا طَحِينَا
  يَكُونُ ثِفَالُهَا شَرْقِيَّ نَجْدٍ
  وَلَهْوَتُهَا قُضَاعَةُ أَجْمَعِينَا
• الرثاء: وهو الشعر الذي يُنظم في الميت، وقد برعت فيه النساء الجاهليات. ومن أشهرهنّ الخنساء، التي اشتهرت بقصائدها المؤثرة في رثاء أخيها صخر.
• الوصف: تميز شعراء الجاهلية بوصفهم الدقيق للطبيعة، والحيوانات، وحتى الظواهر المناخية. مثال على ذلك شعر أبي دؤاد الإيادي.
• المدح: وهو الثناء على الممدوح، وقد يكون وسيلة للكسب المادي. مثال على ذلك شعر امرئ القيس.
• الهجاء: وهو عكس المدح، فهو ذمّ المهجو ونقده. مثال على ذلك شعر زهير بن أبي سلمى.
• الحكمة: وهي عبارات تعبر عن تجارب الحياة وخبرتها، وقد تظهر في وسط القصيدة. مثال على ذلك قول زهير بن أبي سلمى:
  وَمَنْ هَابَ أَسْبَابَ المَنَايَا يَنَلْنَهُ
  وَلَوْ رَامَ أَسْبَابَ السَّمَاءِ بِسُلَّمِ

سمات الشعر الجاهلي

يتميز الشعر الجاهلي بخصائص لفظية ومعنوية:

الخصائص اللفظية

• الخشونة البدوية.
• الخلو من الأخطاء اللغوية والألفاظ الأعجمية.
• البساطة في الأسلوب وعدم الإكثار من الزخارف اللفظية.
• الإيجاز ووضوح الفكرة.

الخصائص المعنوية

• صدق المشاعر والشفافية في التعبير.
• التركيز على وحدة البيت الشعري.
• الدقة في وصف الطبيعة.
• الواقعية وبساطة التعبير.

الشعر الجاهلي: أمثلة بارزة

من أشهر أمثلة الشعر الجاهلي المعلقات، وهي قصائد طويلة من أجود ما قيل في العصر الجاهلي. يُقال إنها سميت بالمعلقات لأنها كتبت بماء الذهب وعُلقت على جدار الكعبة، أو لأنها “تعلق” في النفس لجودتها.

ومن أشهر مطالع المعلقات:

• قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ وَمَنْزِلِ – امرؤ القيس
• لِخُولَةَ أَطْلالٌ بِبَرْقَةَ ثَمُدٍ – طرفة بن العبد
• وغيرها من المعلقات العشر.

شعراء جاهليون مشهورون

من أشهر شعراء العصر الجاهلي:

• عنترة بن شداد
• طرفة بن العبد
• عمرو بن كلثوم
• زهير بن أبي سلمى
• الحارث بن حلزة اليشكري
• لبيد بن ربيعة
• وغيرهم الكثير.