دليل مُبسط لخطوات حج التمتع

تعرف على خطوات حجّ التمتُّع: الإحرام، التلبية، طواف العمرة، أعمال يوم التروية، أعمال يوم عرفة، وأعمال يوم النحر. دليل شامل ومبسط لأداء مناسك الحج

مقدمة

تبدأ رحلة الحاج المتمتع بأداء العمرة ثم الحج، وذلك منذ اللحظة التي يغادر فيها وطنه. يجب أن يخلص نيته لله تعالى ويعقد العزم على أداء هذه الفريضة العظيمة. المسافر لأداء العبادة يُثاب على كل خطوة يخطوها، لذلك يُستحب له أن يحافظ على السنن القولية والفعلية طوال رحلته، بدءًا بدعاء السفر.

ينبغي على الحاج أن يكثر من ذكر الله تعالى وتلاوة القرآن الكريم، وأن يحرص على أداء الصلوات في أوقاتها مع الجماعة. كما يجب عليه أن يحافظ على طهارته بالماء، وإذا تعذر ذلك، فعليه التيمم، كما قال تعالى: ﴿وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾. [النساء: 43]

كما يجب على المسافر أن يتحلى بالأخلاق الحسنة في تعامله مع الآخرين. يُستحب للمسافر أن يؤدي جميع صلوات النوافل باستثناء الرواتب التابعة للظهر والمغرب والعشاء.

الإحرام والتلبية للمتمتع

تبدأ مناسك حج التمتع بوصول الحاج إلى الميقات. يبدأ المتمتع بالإحرام من الميقات المحدد له، ويُستحب له الاغتسال والتطيب في رأسه وبدنه. ثم يرتدي ملابس الإحرام، فيلبس الرجل الإزار والرداء، بينما ترتدي المرأة ما تشاء من الثياب الساترة غير المتبرجة. بعد ذلك، يصلي الصلاة المشروعة في ذلك الوقت في الميقات، ثم يبدأ بالتلبية بصوت مرتفع إن كان رجلاً.

أما المرأة، فتخفض صوتها بالتلبية بحيث تسمع من بجوارها فقط. يقول المتمتع: “لبيك عمرة”، ثم يبدأ التلبية قائلاً: “لبَّيك اللهمّ لبَّيك، لبَّيك لا شريك لك لبَّيك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك”، ويستمر في التلبية حتى يبدأ في الطواف في مكة. وعندما يصل إلى المسجد، يدخل بقدمه اليمنى ويقول دعاء دخول المسجد: “اللَّهُمَّ افْتَحْ لي أبْوابَ رَحْمَتِكَ”.

أداء طواف العمرة للمتمتع

إذا استطاع المسلم الوصول إلى الحجر الأسود وتيسر له ذلك دون إلحاق الأذى بالآخرين، فليصله وليلمسه. وإذا لم يتمكن من ذلك، فليشر إليه بيده من بعيد. تكون الإشارة إلى الحجر الأسود عند بداية كل شوط، ويقول عند بدء طوافه: “باسم الله والله أكبر، اللهمّ إيماناً بك وتصديقاً بكتابك، ووفاءً بعهدك واتِّباعاً لسُنّة نبيّك محمّد صلّى الله عليه وسلّم”، ثم يبدأ الطواف.

يُستحب للرجل في هذا الطواف الاضطباع، أي أن يكشف عن كتفه الأيمن خلال طوافه، وذلك بجعل رداء الإحرام من تحت كتفه الأيمن. وبعد الانتهاء من الطواف، يعيد رداءه على كتفه. كما يُستحب له الرمل، أي أن يسرع في المشي مع تقارب الخطوات، ويكون الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى فقط.

يجوز للطائف أن يمشي حسب الحاجة إذا كان الزحام يعيق الرمل. ويقول في طوافه ما شاء من الذكر والدعاء، ويتلو ما شاء من القرآن الكريم، ويكبر عندما يحاذي الحجر الأسود. ثم يقوم بالسعي بين الصفا والمروة، وبعد ذلك يتحلل المتمتع من إحرامه.

مناسك يوم التروية للمتمتع

يبقى المتمتع في مكة حتى اليوم الثامن من ذي الحجة، بعد أن يفرغ من أداء مناسك عمرته ويتحلل منها. يُسمى هذا اليوم “يوم التروية”، حيث يتم فيه تجهيز الماء لما يليه من أيام. يحرم المتمتع في هذا اليوم، وليس هناك مناسك خاصة بهذا اليوم سوى المبيت في منى، مع الالتزام بأداء الصلوات الخمس في أوقاتها بدون جمع أو قصر.

الإقامة في منى هي من سنن اليوم الثامن، وتركها لا يؤثر في صحة الحج، وحجته صحيحة ولا تجب عليه الفدية. ومع ذلك، فإن الحرص على أداء جميع المناسك، سواء كانت سنة أو فريضة، هو الأفضل، لأن فريضة الحج تؤدى مرة واحدة في العمر.

أعمال يوم عرفة للمتمتع

الوقوف بعرفة هو الركن الأساسي في الحج، فمن فاته الوقوف بعرفة فقد فاته الحج، وعليه أن يعيده. يبدأ الوقوف بعرفة بعد طلوع شمس اليوم التاسع من ذي الحجة، وذلك بعد المبيت في منى. يتوجه الحاج إلى منطقة عرفة، ولكنه لا يدخلها مباشرة، بل يبقى ضمن حدود منطقة الجبل في منطقة نمرة.

بعد ذلك يتوجه إلى منطقة الوقوف بعرفة عند زوال الشمس، ويقف حيث تيسر له الوقوف دون التقيد بموضع معين، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (قد وقَفتُ هاهنا وعَرفةُ كُلُّها مَوقِفٌ). [رواه أبو داود] ويصلي في عرفة صلاة الظهر جمعاً وقصراً.

يجب أن يقف الحاج فترة زمنية يتحقق فيها معنى الوقوف الشرعي، ولا تشترط للوقوف بعرفة الطهارة من الحدثين الأكبر والأصغر. وبعد مغيب الشمس، أي الوقت الذي ينتهي فيه الوقوف بعرفة، ينزل الحاج عن جبل عرفات ويتوجه إلى مزدلفة، فيصلي فيها المغرب والعشاء معاً جمع تأخير.

شعائر يوم النحر للمتمتع

تبدأ أعمال يوم النحر برمي جمرة العقبة. يذهب الحاج من مزدلفة إلى منى لرمي جمرة العقبة الكبرى بسبع حصيات. بعد الانتهاء من الرمي، يذبح الحاج هديه، ثم يتحلل التحلل الأصغر بالحلق أو التقصير. بعد ذلك يتوجه إلى البيت الحرام لأداء طواف الإفاضة، ثم يسعى بين الصفا والمروة، وبعدها يتحلل التحلل الأكبر.

أعمال أيام التشريق للمتمتع

يتوجه الحاج مرة أخرى إلى منى بعد تحلله من إحرامه، ويبيت فيها ثلاثة أيام، وهي أيام التشريق. في كل يوم، يرمي الحاج قبل زوال الشمس الجمرات الثلاث: الصغرى، والوسطى، والكبرى. أما من كان في عجلة من أمره وأراد الاستعجال في العودة، فيجوز له أن يكتفي برمي جمرات اليومين الأول والثاني من أيام التشريق. يُستحب في الرمية الأولى أن يستقبل القبلة.

يكبر الحاج مع كل حصاة يرميها، ثم يدعو الله تعالى بعد انتهائه من رمي الجمرة الأولى، وبعد انتهائه من رمي الجمرة الثانية أيضاً. أما عند رمي الجمرة الثالثة، فإنه يجعل القبلة إلى يساره ومنى إلى يمينه، ولا يقف بعدها للدعاء. الرمي جائز من أي مكان، إلا أن ما سبق ذكره هو سنة النبي -عليه السلام- في الرمي.

الختام: نهاية الحج وطواف الوداع للمتمتع

يتوجه الحاج إلى مكة لأداء طواف الوداع بعد انقضاء أيام التشريق. طواف الوداع واجب على الحاج، لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (لا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حتَّى يَكونَ آخِرُ عَهْدِهِ بالبَيْتِ). [رواه مسلم] يبدأ وقت طواف الوداع مع انتهاء الحاج من أداء جميع مناسك الحج، فيودع بيت الله الحرام بالطواف حول الكعبة سبعة أشواط، ويصلي ركعتين، ثم يعود إلى أهله.

يسقط طواف الوداع عن الحائض والنفساء، وهذه سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في توديع بيت الله الحرام، قال -عليه الصلاة والسلام-: (خُذُوا عَنِّي مناسكَكم). [رواه الألباني] طواف الإفاضة يجزئ عن طواف الوداع، فلو أخر الحاج طواف الإفاضة حتى يكون آخر عهده ببيت الله الحرام وطاف ثم سافر، أجزأه ذلك عن طواف الوداع.

لماذا سُمي حج التمتع بهذا الاسم؟

حج التمتع هو: إحرام الحاج لأداء العمرة في أشهر الحج، وهي: شوال، ذو القعدة، وذو الحجة، ثم يؤدي مناسك الحج بعد فراغه من العمرة وتحلله منها. سُمي حج التمتع بهذا الاسم لأن الحاج يتمتع بالتحلل من الإحرام الذي أدى به العمرة، إذ يسقط عنه أحد السفرين لأنه اعتمر وحج في وقت واحد وفي سفر واحد.

يحق له كل ما هو مباح من التمتع بالنساء والطيب بين العمرة والحج. بالإضافة إلى ذلك، سُمي المتمتع بذلك لأنه يتقرب إلى الله تعالى بأداء عبادتَي الحج والعمرة في السنة نفسها، ويجب على المتمتع أن يذبح هدياً. وقد ورد ذكر حج التمتع في القرآن الكريم، إذ قال الله تعالى: ﴿فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾. [البقرة: 196]

أشكال حج التمتع

لحج التمتع صورتان:

  • الصورة الأولى: وهي الصورة الأصلية؛ بأن يحرم الحاج بالعمرة في أشهر الحج، ثم يحرم بالحج بعد تحلله من عمرته، وقد أجمع العلماء على ذلك.
  • الصورة الثانية: وهي الصورة الطارئة؛ بأن يحرم الحاج بالحج، ثم يفسخ حجه إلى عمرة قبل طوافه، وعندما ينتهي من أداء مناسك العمرة ويتحلل منها، يحرم بالحج، وتُسمى هذه الصورة (فسخ الحج إلى العمرة)، وهي جائزة عند الحنابلة، واختارها ابن تيمية وابن باز وابن عثيمين.

واستدلوا بما ثبت عن ابن عباس -رضي الله عنه-؛ إذ قال: (قَدِمَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ مُهِلِّينَ بالحَجِّ فأمَرَهُمْ أنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً، فَتَعَاظَمَ ذلكَ عِنْدَهُمْ، فَقالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، أيُّ الحِلِّ؟ قالَ: حِلٌّ كُلُّهُ). [رواه البخاري]

وفسخ الحج إلى العمرة من باب الانتقال من الأدنى إلى الأعلى، وهو يُعد من باب التمتع، وهو جائز.

أركان حج التمتع

أركان حج التمتع هي أركان الحج والعمرة معاً؛ لأن حج التمتع هو الإحرام من ميقات البلد لأداء العمرة، ثم الإحرام من مكة لأداء الحج. يأتي الحاج أولاً بأركان العمرة كاملة: الإحرام، الطواف حول الكعبة، والسعي بين الصفا والمروة.

بعد ذلك يتحلل من عمرته ثم يحرم للحج، ويأتي بأعمال الحج وأركانه كالمفرد: الإحرام، الوقوف بعرفة، طواف الإفاضة، والسعي بين الصفا والمروة. يجب الإتيان بهذه الأركان على الترتيب، لأن الترتيب شرط لصحة الحج.

Total
0
Shares
المقال السابق

آلية إنجاز المشاريع: دليل شامل

المقال التالي

استراتيجيات فعالة لحل المسائل

مقالات مشابهة