مقدمة في علم الفراسة
يُعتبر علم الفراسة فناً قديماً يعنى بتحليل الشخصية وفهمها من خلال دراسة المظهر الخارجي للإنسان، خاصةً ملامح الوجه وتكوين الجسم. على الرغم من أن بعض الممارسات المرتبطة به قد تُصنف ضمن الخرافات، إلا أن جوهره يعتمد على دراسات منهجية تركز على كيفية انعكاس المشاعر والأنشطة العقلية على تعابير الوجه وحركات الجسم. هذه التعابير، بدورها، تكشف جوانب من الطبيعة النفسية للفرد.
تاريخياً، يعود أصل هذا العلم إلى الحضارات القديمة، حيث كان يُنظر إليه كجزء من الفلسفة العلمية. وقد استخدم كأداة للكشف عن بعض العيوب الخلقية. الفيلسوف اليوناني أرسطو يعتبر من أوائل من وثقوا هذا العلم، حيث قدم دراسات تفصيلية تربط بين ملامح الوجه والصفات الشخصية. كما ساهم علماء عرب مثل الرازي وابن رشد في تطوير هذا العلم. في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، استُخدم هذا العلم في محاولة لتحديد الميول الإجرامية.
اكتساب مهارات الفراسة
إن إتقان مهارات الفراسة يمكن أن يحسن بشكل كبير من قدرة الشخص على التواصل وبناء علاقات اجتماعية وعاطفية ناجحة. يؤكد علماء النفس على أن جزءًا كبيرًا من التواصل البشري يتم بشكل غير لفظي، من خلال الإيماءات وحركات الجسد. تعلم الفراسة يمكن أن يتم من خلال دراسة ملامح الوجه أو فهم تعابير الوجه وحركات الجسد المختلفة.
تحليل تعابير الوجه
لكي يتمكن الشخص من فهم الآخرين وقراءة مشاعرهم، يجب عليه التدرب على تحليل الحركات الدقيقة للوجه. المشاعر تظهر بشكل فوري على الوجه، وفيما يلي بعض الأمثلة على تعابير الوجه ومعانيها:
حركات العيون:
تعتبر العيون من أقوى العناصر في الوجه للتعبير عن المشاعر. يجب على المبتدئ في علم الفراسة أن يركز على قراءة العيون، حيث يتغير حجم بؤبؤ العين تبعاً للمشاعر الداخلية. يتسع البؤبؤ عند الشعور بالاهتمام أو الحماس، وينقبض عند الشعور بالإهانة أو السلبية.
حركات الشفاه:
عضلات الشفاه حساسة للغاية وتعكس المشاعر التي يشعر بها الشخص. على سبيل المثال، ارتعاش الشفة أثناء الكلام قد يشير إلى الكذب.
حركات الأنف:
على الرغم من أن الأنف لا يعطي رسائل قوية مثل العيون والشفاه، إلا أن موقعه في منتصف الوجه يجعله سهل الملاحظة. اتساع فتحات الأنف قد يدل على شعور الشخص بالعدوانية أو الاستياء أو الغضب. كما أن احمرار الأنف قد يشير إلى الكذب بسبب توسع الخلايا الدموية.
حركات الحاجبين:
على الرغم من أن الحاجبين مرتبطين بعدد محدود من العضلات، إلا أنهما يعطيان دلالات متعددة. ارتفاع الحاجبين مع تجعد الجبين قد يشير إلى التساؤل أو المفاجأة، بينما انقباض الحاجبين قد يدل على التركيز أو الحزن أو الغضب.
تحليل شكل الملامح
يمكن الاستدلال على بعض الصفات الشخصية من خلال شكل ملامح الوجه:
الجبهة:
ترتبط الجبهة بالأمور العقلية، وتصنف حسب شكلها إلى عدة أنواع:
الجبهة العالية والمنخفضة:
الجبهة العالية قد تعبر عن شخصية محبة للقراءة والمعرفة وذات ذاكرة جيدة. أما الجبهة المنخفضة فغالباً ما تدل على شخص بسيط يفضل عدم التفكير المعقد.
الجبهة الواسعة والضيقة:
صاحب الجبهة الواسعة يتمتع بالتفكير المنطقي والمثابرة وحب المال، بينما أصحاب الجباه الضيقة عادة ما يكونون ضيقي الأفق ومحافظين.
الجبهة المربعة:
هي الجبهة التي يكون طولها وعرضها متناسبين، ويتميز صاحبها بالقدرة على ممارسة أي مهنة تعطى له.
العيون:
تدل العيون على الأحاسيس والمشاعر، وقد يدل حجم العيون أو لونهما على صفات شخصية:
حجم العيون:
العيون الكبيرة تدل على شخص قوي الملاحظة، والعيون المتوسطة تدل على القدرة على تبني آراء سليمة، والعيون الصغيرة تشير إلى الصرامة والعنف.
لون العيون:
العيون الزرقاء توحي بشخص حيوي ومتفائل، والعيون الكستنائية توحي بالبراءة والرقة، والعيون البنية توحي بشخصية عاطفية وحساسة، والعيون الخضراء تدل على شخص مزاجي، والعيون السوداء تتسم بالإخلاص.
الأنف:
ترتبط مجموعة من الصفات بشكل الأنف:
الأنف الروماني:
أنف كبير ومقوس يدل على شخص قوي وشجاع.
الأنف الإغريقي:
يشكل خطاً مستقيماً مع الجبين، ويدل على شخص ذي ذوق رفيع وقدرة على التحكم في النفس.
الأنف المعقوف:
يتميز صاحبه بالهدوء ويمتلك رغبة بالسيطرة على الآخرين.
الأنف الأفطس:
يدل على شخص مرح واجتماعي، وقد يكون متهوراً وقلقاً.
أسس علم الفراسة
يتبع المتفرس منهجية تساعده في الوصول إلى الدلالات الخفية، وتتكون هذه المنهجية من محورين رئيسيين:
الاستدلال:
يستخدم عندما يكون الشيء المراد فهمه غير قابل للملاحظة، وذلك من خلال:
معرفة الشيء بالعلة:
التأمل في أسباب حدوث تصرف ما، ومعرفة الخلفية الاجتماعية والوظيفية للشخص.
معرفة الشيء بالمعلول له:
فهم القصد من فعل شيء ما، حيث يكون السلوك غير عفوي ويسعى لتحقيق غاية ما.
معرفة الشيء بالمعلول لعلته:
فهم السبب من سلوك ما اعتماداً على المزاج الأصلي للإنسان.
الاستنباط:
يرتبط بمهارات خاصة بالإنسان كالحدس الذي يمكن بعض الناس من استنباط معلومات حقيقية عن الشخص الذي يقابلونه لأول مرة.
مدى صحة علم الفراسة
يعكس الإنسان أخلاقه وصفاته في أفعاله الظاهرة، ولا يمكن إنكار القدرة على معرفة طبيعة شخص ما عن طريق ملاحظته والتفرس في حركاته وأفعاله. علم الفراسة علم صحيح بشكل مقيد وضمن قواعده المحددة. الربط المطلق بين تفاصيل جسدية بصفات وأخلاق الشخص هو تطرف غير مقبول. كما لا يمكن إنكار علاقة الملامح بصفات الشخص، ولكن لا يمكن الاعتماد على صفة واحدة للحكم على الشخص، بل يجب أن تدعم الصفات بعضها البعض حتى يتمكن المتفرس من إطلاق الحكم على الشخص الذي أمامه.
المراجع
- Amy Tikkanen, Swati Chopr، Grace Young، and others (15-11-2017)،”Physiognomy”،www.britannica.com, Retrieved 16-9-2018. Edited.
- Lucy Hartley,”Physiognomy”،www.encyclopedia.com, Retrieved 16-9-2018. Edited.
- أبد.إبراهيم الفقي (2010)،احترف فن الفراسة، الأردن: الحياة للدعاية الإعلان، صفحة 68-63، 13. بتصرّف.
- Dora Markinson,”How to Read Faces”،www.wikihow.com, Retrieved 16-9-2018. Edited.
- فاطمة سفيحي،الفراسة في التراث العربيّ في ضوء الدرس السيمائيّ المعاصر، الجزائر: مولود معمري تيزي وزو، صفحة 48-50،55. بتصرّف.
- جرجي زيدان (1987 )،علم الفراسة الحديث(الطبعة الثانية)، لبنان: دار الجيل، صفحة 12،14،15. بتصرّف.