مقدمة عن فيتامين د
يعد فيتامين د من العناصر الغذائية الهامة لصحة الجسم، وغالباً ما يرتبط بأشعة الشمس. يُعرف أيضاً بـ “فيتامين أشعة الشمس” نظراً لقدرة الجسم على تصنيعه عند التعرض لأشعة الشمس. حيث يتم تصنيعه داخل الجسم بكميات كافية عند التعرض المتوسط لأشعة الشمس بمساعدة الكوليسترول، لذلك لا يُعتبر الحصول عليه من الغذاء ضرورياً في حال التعرض الكافي لأشعة الشمس.
التعرض للشمس في الأيام المشمسة لمدة 10 إلى 15 دقيقة يومياً مرتين إلى ثلاث مرات في الأسبوع يعتبر كافياً لتلبية احتياجات معظم الأفراد من فيتامين د.[1] ومع ذلك، قد يحتاج الأشخاص ذوو البشرة الداكنة إلى فترات أطول من التعرض للشمس للحصول على نفس الكمية من الفيتامين.[2]
على الرغم من سهولة الحصول على فيتامين د من الشمس، يتجنب الكثيرون التعرض المباشر لها أو يستخدمون واقي الشمس، الذي يعيق عملية تصنيع الفيتامين في الجلد، وذلك لحماية البشرة من الأضرار المحتملة مثل التجاعيد وسرطان الجلد. لتحقيق التوازن بين الفوائد والأضرار، يُنصح باستخدام واقي الشمس بعد التعرض للشمس لفترة كافية لتلبية احتياجات الجسم من فيتامين د.[3]
معلومات أساسية عن فيتامين د
على الرغم من تسمية فيتامين د بالفيتامين، إلا أنه يعتبر هرموناً يتم إنتاجه في الجسم عند التعرض لأشعة الشمس.[2]
الشكل النشط لهذا الهرمون هو 1,25-ثنائي هيدروكسيل-الكوليكالسيفيرول (Calcitriol)، ويبدأ تصنيعه في الجلد ثم يتم تنشيطه على مرحلتين: الأولى في الكبد والثانية في الكلى.
الأشخاص الذين يعيشون في المناطق القطبية الشمالية قد لا يتمكنون من تلبية احتياجاتهم من فيتامين د عن طريق التعرض للشمس، خاصة في فصل الشتاء. وينطبق الأمر ذاته على الأشخاص الذين لا يخرجون من المنزل أو يقضون معظم وقتهم في الأماكن المغلقة، وكذلك سكان المناطق المزدحمة التي تعاني من تلوث الهواء الشديد، مما يمنع وصول الأشعة فوق البنفسجية بشكل كاف. كما أن الأشخاص ذوي البشرة الداكنة قد يحتاجون إلى وقت أطول للتعرض للشمس، حيث يمكن أن تمنع صبغات الجلد الكثيفة ما يصل إلى 95% من الأشعة فوق البنفسجية من الوصول إلى طبقات الجلد العميقة التي يتم فيها تصنيع فيتامين د3. بالإضافة إلى ذلك، فإن استخدام واقي الشمس بعامل حماية 15 أو أكثر يقلل من قدرة الجلد على تصنيع الفيتامين بنسبة تصل إلى 99%.[3]
أدوار هرمون فيتامين د في الجسم
عند الحديث عن أهمية فيتامين د ووظائفه في الجسم، يتبادر إلى الذهن دوره الحيوي في امتصاص الكالسيوم والفسفور والحفاظ على صحة العظام. ومع ذلك، يواصل العلم اكتشاف وظائف وأدوار أخرى مهمة للفيتامين د.[3] وتشمل وظائفه:
- الحفاظ على توازن الكالسيوم والفسفور في الجسم عن طريق تحفيز امتصاصهما،[1] وإعادة امتصاصهما في الكليتين.[2] كما يعمل مع هرمون الغدة الجار درقية على تحفيز إطلاق الكالسيوم من العظام وطرح الفسفور في البول في حال انخفاض مستوى الكالسيوم في الدم، وبالتالي الحفاظ على تركيز الكالسيوم والفسفور في الدم لتمكين العظام من ترسيبهما.[1] إن الحصول على كميات كافية من فيتامين د والكالسيوم يضمن الحفاظ على مستوى الكالسيوم في الدم، وبالتالي الحفاظ على صحة العظام.[3]
- المحافظة على معدل النمو الطبيعي لخلايا العديد من أنسجة الجسم وتمايزها وتكاثرها، مثل أنسجة العضلات والجلد وجهاز المناعة والغدة الجار درقية[1] والجهاز العصبي والدماغ والأعضاء التناسلية والغضاريف والبنكرياس[2] والثدي والقولون، وتُساهم قدرته على منع التكاثر غير الطبيعي للخلايا في الوقاية من السرطان.[3]
- المشاركة في عمليات الأيض الخاصة بالعضلات والتأثير في قوتها وانقباضها. في المقابل، تزداد احتمالية تعرض الأشخاص الذين لا يمتلكون الفيتامين د بكميات كافية لضعف العضلات، والذي يشمل ضعف عضلة القلب.[3]
- وجدت بعض الدراسات العلمية أن مستوى هرمون فيتامين د (الكالسيتريول) في الدم يتناسب عكسياً مع مقاومة الإنسولين ويُخفّض من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.[4]
- يساهم فيتامين د في التحكم باستجابات جهاز المناعة التي يسبّب الخلل فيها بعض أمراض المناعة الذاتية، مثل مرض السكري من النوع الأول والتصلب اللويحي وأمراض الأمعاء الالتهابية[3] وأمراض الروماتيزم الناتجة عن الخلل في المناعة الذاتية.[5]
المقدار اليومي الموصى به من فيتامين د
يوضح الجدول التالي الكميات اليومية الموصى بها والحد الأعلى المسموح بتناوله يومياً من فيتامين د حسب الفئة العمرية:[6]
الفئة العمريّة | الاحتياجات اليومية (ميكروجرام/اليوم) | الحد الأعلى (ميكروجرام/اليوم) |
---|---|---|
الرضع 0-6 أشهر | 10 | 25 |
الرضع 6-12 شهراً | 10 | 38 |
الأطفال 1-3 سنوات | 15 | 63 |
الأطفال 4-8 سنوات | 15 | 75 |
5-50 سنة | 15 | 100 |
51-70 سنة | 20 | 100 |
71 سنة فأكثر | 15 | 100 |
الحامل والمرضع | 15 | 100 |
أعراض وعواقب نقص فيتامين د
يؤدي نقص فيتامين د إلى انخفاض في امتصاص الكالسيوم من الغذاء، مما يؤدي إلى إطلاق الكالسيوم من العظام للحفاظ على نسبة ثابتة للكالسيوم في الدم. وهذا يسبب الكساح لدى الأطفال، وتلين العظام وهشاشتها في الكبار، ويمنع المراهقين من الوصول إلى أكبر كتلة عظمية ممكنة.[1]
تعتبر هذه الأمراض هي النتائج الرئيسية لنقص فيتامين د، ولكن وُجد لنقصه تأثيرات أخرى تشمل ما يأتي:
- زيادة فرصة الإصابة بالرّبو.[7]، كما وُجد أنّ نقصه يرتبط بحالات الربو الشديد في الأطفال.[8]
- ارتفاع فرصة الإصابة بعدوى الجهاز التنفسي بنوعيها البكتيري والفيروسي.[8]
- زيادة فُرصة الإصابة بالاكتئاب.[9]
- ارتفاع فُرصة الإصابة بزيادة الوزن والسُّمنة.[10]
- زيادة فُرصة الإصابة بارتفاع ضغط الدّم.[11]
- ارتفاع فرصة الإصابة بالتأخّر الإدراكي عند كبار السن.[8]
- ارتفاع خطر الوفاة لأيّ سبب.[11]
- ارتفاع خطر الوفاة بأمراض القلب والأوعية الدمويّة.[12]
- زيادة فُرصة الإصابة بارتفاع الكوليسترول.[11]
- زيادة فرصة الإصابة بالسّرطان.[8]
- ارتفاع فرصة الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.[4]
- ارتفاع خطر الإصابة بأمراض المناعة الذاتيّة، مثل مرض السكري من النوع الأول، والتصلُّب اللُّويحي المتعدد، وغيرها.[13]
أضرار ومخاطر زيادة فيتامين د
لا يحدث التسمم بفيتامين د من التعرض المفرط لأشعة الشمس، كما لم تسجل حالات تسمم ناتجة عن تناول الأطعمة المدعمة به. ولكن، تحدث سمية فيتامين د نتيجة لتناول المكملات الغذائية دون استشارة طبية.[3] يجب تناول هذه المكملات تحت إشراف طبي لمنع حدوث أي آثار جانبية.[11] يؤدي تناول كميات كبيرة جداً إلى ارتفاع مستوى الكالسيوم والفسفور في الدم، مما يؤدي إلى ترسب الكالسيوم في الأنسجة اللينة مثل القلب والرئتين والكلى والغشاء الطبلي في الأذن، وقد ينتج عن ذلك الصمم،[1] وحصوات الكلى. كما يمكن أن يترسب الكالسيوم في جدران الأوعية الدموية، مما يؤدي إلى زيادة صلابتها، وهو أمر خطير إذا حدث في شرايين رئيسية، وقد يصل إلى حد الموت.[2] أما في الأطفال الرضع، فإن التسمم بفيتامين د يسبب اضطرابات معوية وتأخراً في النمو وضعفاً في العظام.[11]
كيفية فحص مستوى فيتامين د
يتحول فيتامين د الذي يتم تناوله أو تصنيعه في الجلد إلى 25-هيدروكسيل الفيتامين د (25(OH)-vitamin D)، ولذلك يعتبر أفضل تحليل لمعرفة مخزون الجسم من فيتامين د هو تحليل مستوى 25-هيدروكسيل الفيتامين د الكامل. هناك اختلاف في تعريف نقص فيتامين د وعدم كفايته. ووفقاً لمختبرات عيادة مايو، يعتبر الشخص مصاباً بنقص شديد بالفيتامين د إذا كانت نتيجة التحليل أقل من 10 نانوجرام/ ملل، ويعتبر مصاباً بنقصه في حال كانت النتيجة تتراوح بين 10-24 نانوجرام/ملل. أما إذا كانت النتيجة بين 25-80 نانوجرام/ ملل فإنها تعتبر طبيعية وجيدة، وفي حال ارتفعت عن 80 نانوجرام/ملل فإنها تعتبر في مستوى قد يسبب السمية.[14]
متى يجب إجراء تحليل فيتامين د؟
على الرغم من أن نقص فيتامين د يعتبر شائعاً، إلا أن تحليله لا يطلب من الجميع بشكل روتيني بسبب ارتفاع تكلفته. ولكن يجب أن يتم فحصه في الأشخاص المعرضين لنقصه الشديد، كما في الحالات التالية:[14]
- عدم الحصول على فيتامين د بشكل كافٍ بسبب عدم تناول كميات كافية منه، أو بسبب سوء التغذية، أو بسبب عدم التعرض الكافي لأشعة الشمس.
- مشاكل في الجهاز الهضمي، كالأمراض التي تسبب سوء الامتصاص، مثل متلازمة الأمعاء القصيرة (Short bowel syndrome)، والتهاب البنكرياس (Pancreatitis)، وأمراض الأمعاء الالتهابية (Inflammatory bowel disease)، والداء النشواني (Amyloidosis)، والداء البطني الذي يُعرف أيضاً باسم السيلياك (Celiac)، والعمليات الجراحية التي يتم إجراؤها لعلاج السمنة والتي ينتج عنها سوء الامتصاص (Malabsorptive bariatric surgery procedures).
- بعض أمراض الكبد: مثل تناول بعض الأدوية المضادة للصرع والتي ترفع من نشاط الإنزيم 24-هيدروكسيلاز (24-hydroxylase)، وفي حالات مرض الكبد الشديد أو فشل الكبد، والتي تُخفض من نشاط الإنزيم 25-هيدروكسيلاز (25-hydroxylase).
- بعض حالات الكلى، مثل التقدم في العمر والقصور الكلوي (Renal insufficiency)، واللتين يرتفع فيهما نشاط الإنزيم 1-ألفا-هيدروكسيلاز (1-α-hydroxylase)، وحالات المتلازمة الكلوية (Nephrotic syndrome) والتي ينخفض فيها مستوى البروتين الرابط لفيتامين د.
دواعي إجراء فحص مستوى فيتامين د
يجب أيضاً أن يتم فحص مستوى فيتامين د في الأشخاص الذين ظهرت في فحوصاتهم المخبرية أو الإشعاعية نتائج متعلقة بنقص فيتامين د، مثل:
- انخفاض مستوى الكالسيوم في تحليل البول الكامل (اختبار البول على مدى 24 ساعة) في حالات عدم استعمال عقار الثيازايد (Thiazide) المدرّ للبول.
- ارتفاع مستوى هرمون الغدة الجار درقيّة.
- ارتفاع مستوى إنزيم الفوسفاتاز القلوي (Alkaline phosphatase) الكُلّي أو العظمي.
- انخفاض مستوى الكالسيوم أو الفسفور في الدم.
- انخفاض كثافة المعادن في العظام، كما في حالات هشاشة العظام (Osteoporosis)، وحالات الكتلة العظميّة المتدنيّة (Osteopenia).
- الكسور التي لم تنتج عن الصدمات أو الرضوض (أو ارتفاع القابليّة للكسور).
- حالات أشباه الكسور في العظام (Skeletal pseudofractures).
يُقترح أيضاً أن يقوم الأطباء بطلب تحليل فيتامين د في جميع الأشخاص الذين يعانون من أعراض عظميّة وعضليّة، مثل ألم العظام، وألم العضلات (Myalgias)، والضعف العام، حيث إنّ هذه الأعراض يتم كثيراً تشخيصها الخاطئ كإرهاق مزمن، أو كضعف ناتج عن التقدّم في العمر، أو متلازمة الفيبروميالجيا (الألم العضلي الليفي، أو بالإنجليزيّة: Fibromyalgia)، أوالاكتئاب، في حين أنّ هذه الأعراض قد تنتج عن نقص فيتامين د في كثير من الأشخاص، على الرغم من غياب الأبحاث العلميّة الكبيرة التي تدعم ارتباط نقص هذا الفيتامين بالألم.