دلالات الفضاء في سرديات شرق المتوسط

مقدمة

تتجلى أهمية المكان في الروايات التي تتناول منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، حيث يعتبر ليس مجرد خلفية للأحداث، بل عنصرًا أساسيًا يساهم في تشكيل التجربة السردية وتحديد مسارات الشخصيات. يمكن تقسيم هذه الأمكنة إلى فئتين رئيسيتين: الأماكن المغلقة التي تعكس القيود والقمع، والأماكن المفتوحة التي ترمز إلى الأمل والحرية.

الأماكن المحصورة

تمثل الأماكن المحصورة في الروايات انعكاسًا للظروف الصعبة التي يعيشها الأفراد في هذه المنطقة، سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية.

منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط الشرقي

على الرغم من اتساعها الجغرافي، تظهر منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط في الروايات كفضاء مقيد بسبب القضايا المشتركة التي تواجهها. فالخوف، والموت، والمعاناة، هي عناصر متكررة في قصص هذه المنطقة. يصور الكاتب هذا الفضاء على أنه بؤرة للظلم والاستبداد.

السجن

يظهر السجن كرمز للقمع والتعذيب، حيث يتم استخدام أساليب وحشية لإجبار السجناء على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها. يروي رجب، أحد الشخصيات الرئيسية، تجربته المؤلمة في السجن ويصف أساليب التعذيب المختلفة.

الحبس الانفرادي

الحبس الانفرادي هو شكل من أشكال العقاب القاسية التي يتعرض لها السجناء، حيث يتم عزلهم في زنزانة منفردة. في إحدى القصص، يتعرض جميع السجناء للحبس الانفرادي بسبب فعل قام به أحدهم. يصف بطل الرواية هذه التجربة المريرة.

يقول بطل الرواية: “فجأة رأينا عصمت يضع رجله في بطن الحارس ويرفسه بقوة فسقط الحارس وأغمي عليه ودفعنا كلنا ثمن الضربة حبسًا انفراديًا لمدة واحد وعشرون يومًا.”

القبو

يصور القبو كمكان ضيق ومظلم، حيث يتعرض السجناء للتعذيب والمعاملة القاسية. يصف رجب القبو بأنه مكان لا يتسع لأكثر من ثلاثة أشخاص، حيث تعرض للضرب والتعذيب والوقوف تحت اندفاع خرطوم المياه الشديد رغم مرضه.

ويصفه فيقول: “السجن يا أنيسة في داخل الإنسان، أتمنى أن لا أحمل سجني أينما ذهبت، إن مجرد تصورهذا العذاب يدفع بالإنسان إلى الانتحار.”

المنزل

على الرغم من كونه مكانًا للراحة والأمان، إلا أن المنزل في الروايات يحمل ذكريات مؤلمة وأحلامًا محطمة. يشهد المنزل على الأحداث الهامة في حياة الشخصيات، مثل الاعتقالات والعودة من السجن.

الغرفة

تمثل الغرفة ملاذًا شخصيًا، حيث يهرب الأفراد للاختلاء بأنفسهم والتفكير في مصائرهم. غالبًا ما تظهر الغرفة في الروايات كمكان للهروب من الواقع المؤلم.

ومن ذلك الحوار بين رجب وأنيسة:”غرفتك جاهزة ونظيفة، لا أريد أحدا لا أقارب لا جيران..”

الفضاءات الرحبة

تمثل الأماكن المفتوحة في الروايات رمزًا للحرية والانفتاح على العالم، وتعكس رغبة الشخصيات في التحرر من القيود والظروف الصعبة.

البحر

البحر هو مكان للتحرر والانفتاح، حيث يجد الأفراد فيه ملاذًا من المعاناة والقيود. يمثل البحر الأمل في مستقبل أفضل وحياة أكثر حرية.

يقول أحد الأبطال: “من أجل الكلمة سافرت، ركبت البحر في الشتاء الحزين لعلّي من مكان بعيد أستطيع أن أقول الكلمات التي حلمت بها طوال خمس سنين.”

المقبرة

المقبرة هي مكان للتأمل والتفكير في الحياة والموت. تعتبر المقبرة تذكيرًا بمرور الوقت وأهمية استغلال الحياة بشكل جيد.

ويذكر رجب المقبرة فيقول: “غدًا سأنام عند القبر سأقول لها أن جسدي هو الذي خانني يا أمي.”

الشوارع

الشوارع هي مكان للتفاعل الاجتماعي والتعبير عن الذات. تمثل الشوارع رمزًا للحرية والحياة العامة.

وقد عبرت أنيسة في الرواية عنها في حوارية مع رجب الذي كان ينظر للحرية من خلال تلك الأماكن فقالت: “كل شيء تغير، الشوارع غير الشوارع، البيوت غير البيوت..”

الأزقة

الأزقة هي مكان للغموض والخفاء، حيث تحدث فيها الأحداث السرية والمؤامرات. تمثل الأزقة جانبًا مظلمًا من الحياة الاجتماعية.

وقد وردت في الرواية كما ذكرتها أنيسة: “لما أخذوا رجب ولولت أمي وركضت وراءهم، تجمع الناس في الزقاق…ثم تدخل الناس في الزقاق…”

الدول والمدن الكبيرة

تمثل الدول والمدن الكبيرة في الروايات فرصًا جديدة للعيش والعمل، ولكنها أيضًا قد تحمل تشابهات مع الظروف الصعبة في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط.

المراجع

  1. رقية جرموني، تحليل الخطاب السردي في رواية شرق المتوسط لعبد الرحمن منيف، صفحة 129. بتصرّف.
  2. زهرة زهاني، التشكيل الفني في روايات عبد الرحمن منيف رواية “شرق المتوسط ” أنموذجا، صفحة 45-46. بتصرّف.
  3. عبد الرحمن منيف، شرق المتوسط، صفحة 20. بتصرّف.
  4. عبد الرحمن منيف، رواية شرق المتوسط، صفحة 74. بتصرّف.
  5. زهرة زهاني، التشكيل الفني في روايات عبد الرحمن منيف رواية “شرق المتوسط ” أنموذجـا، صفحة 47. بتصرّف.
  6. زهرة زهاني، التشكيل الفني في روايات عبد الرحمن منيف رواية “شرق المتوسط ” أنموذجـا، صفحة 47-48. بتصرّف.
  7. عبد الرحمن منيف، رواية شرق المتوسط، صفحة 12.
  8. عبد الرحمن منيف، رواية شرق المتوسط، صفحة 143.
  9. عبد الرحمن منيف، رواية شرق المتوسط، صفحة 32.
  10. عبد الرحمن منيف، رواية شرق المتوسط، صفحة 34.
  11. عبد الرحمن منيف، رواية شرق المتوسط، صفحة 48.
  12. زهرة زهاني، التشكيل الفني في روايات عبد الرحمن منيف رواية “شرق المتوسط أنموذجا، صفحة 50. بتصرّف.
Exit mobile version