دروس وعِبر من سورة محمد

استخلاص العبر من سورة محمد: هداية المؤمن وجزاء الكافر. فهم أحكام القتال والأسر. مقارنة بين ثواب المؤمنين وعقاب الكافرين والاتعاظ بالأمم السابقة. أهمية تدبر القرآن.

هداية للمؤمنين وعاقبة الكافرين

توضح الآيات (1-3) في سورة محمد، وهي سورة مدنية، أن الأعمال الصالحة التي يقوم بها الكفار، مثل صلة الأرحام وإطعام المحتاجين وحسن الخلق، لن تُقبل منهم؛ لأنهم يسلكون طريق الضلال. أما المؤمنون الذين يسيرون في طريق الهداية ويتمسكون بالحق ويعملون الصالحات، فإن أعمالهم ستُقبل بإذن الله.

وتتناول الآيات (22-28) من السورة نفسها فئة أخرى من الكفار، وهم المنافقون الذين وصلهم الدين، لكنهم أصروا على الكفر. خوفًا، يتظاهرون بالإيمان، وهم أبعد ما يكونون عنه. هؤلاء يتمنون العودة إلى ما قبل الإسلام من الفساد في الأرض وقطع الأرحام، ولهذا المرض، سلبهم الله تعالى نعمة السمع والبصر، فلم يعودوا ينتفعون بآيات القرآن ولا يفهمونها، وكأنهم أنعام ضالة.

فهم قواعد الحرب والأسر

من الدروس المستفادة من هذه السورة الكريمة، فهم أحكام القتال والأسر، والتي تتناولها الآية الرابعة من السورة. هذه الآية توجّه المؤمنين إلى التشدد في قتال الكفار وأهل الكتاب المعتدين، وعدم التهاون معهم. بعد انتهاء القتال ووقوع الأسرى في أيدي المسلمين، لهم الحق في أن يمنّوا عليهم بإطلاق سراحهم دون مقابل، أو أن يبادلوهم بأسرى المسلمين لدى الكفار، أو أن يأخذوا منهم فدية مقابل حريتهم.

تظل هذه الأحكام سارية المفعول حتى يستسلم المشركون أو يصالحوا المسلمين، وهذا يشير إلى أن الإسلام يدعو إلى السلام ويحث عليه. الحرب ليست غاية في حد ذاتها، بل الإقناع والحوار بالحجة هو سبيل الإسلام في الانتشار، والقتال هو اختبار لصدق المؤمنين. ولو شاء الله لأهلك الكفار كما فعل بالأمم السابقة، ولكنه امتحان لرفع درجات المجاهدين الصادقين، وعلى رأسهم الشهداء.

مقارنة الثواب والعقاب وأخذ العظة من الأمم

من الدروس القيّمة المستخلصة من السورة الكريمة، المقارنة بين جزاء المؤمنين وجزاء الكافرين، والاعتبار بمصير الكفار من الأمم السابقة، وهو ما تتناوله الآيات (5-15). هذه الآيات تبين أن جزاء المؤمنين يتمثل في صلاح الحال في الدنيا والآخرة، ودخول الجنة ذات الأنهار المتنوعة، والنصر على الأعداء.

أما جزاء الكافرين فهو الهلاك وذهاب ثواب أعمالهم، ودخول النار والخلود فيها، وتدعوهم الآيات إلى الاعتبار بمصائر الأمم السابقة، حتى لا تحل بهم سنة الله في إهلاك أهل الضلال.

من هنا، يتعظ المسلم ويتأمل في مصير الكفار، ويسأل الله أن يكون من أهل الجنة، حيث حثت الآيات المسلمين على السعي لنيل رضا ربهم الذي يوصل إلى الجنة، مع الترغيب في ذلك من خلال وصف الجنة ونعيمها.

أهمية التفكر في القرآن الكريم

كما ذكرنا سابقًا، تتناول الآيات (22-28) من السورة الكريمة المنافقين الذين وصلهم الدين، لكنهم أصروا على الكفر والضلال. ونتيجة لذلك، سلبهم الله سبحانه وتعالى نعمة السمع والبصر، فلم يعودوا ينتفعون بآيات القرآن ولا يفهمونها، وكأنهم أنعام ضالة.

ويستفاد من ذلك وجوب حرص المسلم على تدبر القرآن الكريم والانتفاع به، والحرص على تلاوته في كل الأوقات. قال تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا).

فضل الجهاد والزهد في الدنيا

من العبر المستخلصة من السورة الكريمة، بيان أهمية الجهاد وعدم التعلق بالدنيا الفانية، وهو ما يمكن استخلاصه من الآيات (35-38). هذه الآيات تدعو المؤمنين إلى عدم الضعف والاستسلام للأعداء، بل إلى الاستمرار في الجهاد؛ فالله عز وجل معهم ينصرهم ويجزل لهم الثواب على أعمالهم.

وكذلك حتى ينظروا إلى حقيقة الدنيا، فما هي إلا لعب ولهو، فلا يتعلقوا بملذاتها، ولا يبخلوا بالأموال عندما يُدْعَون إلى إنفاقها في سبيل الله؛ فإنما يقدمونها ليجدوا ثوابها عند الله سبحانه وتعالى.

ايات من سورة محمد صلى الله عليه وسلم

قال تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا).

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

دروس وعِبر من سورة الزخرف

المقال التالي

دروس وعبر من قصة: كونوا قردة خاسئين

مقالات مشابهة