دروس وعبر من قصة: كونوا قردة خاسئين

دروس مستخلصة من حكاية ‘كونوا قردة خاسئين’. نظرة عامة على القصة، الآيات القرآنية ذات الصلة، العبر الهامة، والمصادر.

لمحة عن القصة

تتحدث القصة عن اختبار إلهي لبني إسرائيل، حيث أمرهم الله بالتفرغ للعبادة في يوم السبت، وحرّم عليهم العمل في هذا اليوم. وكجزء من هذا الاختبار، تم توجيه الأسماك للاقتراب من شواطئهم بشكل خاص في يوم السبت.

إلا أن جماعة منهم لجأت إلى الحيلة للالتفاف على هذا الأمر. قاموا بحفر أحواض متصلة بالبحر يوم الجمعة، بحيث تدخلها الأسماك يوم السبت، ثم يقومون بصيدها يوم الأحد.

حاول المؤمنون الصادقون نصحهم وتحذيرهم من عاقبة هذا التحايل، لكنهم لم يستمعوا. ظهر فريق آخر لم يشارك في هذا الفعل المشين، ولكنهم انتقدوا الناصحين بحجة أن الله سيعذب هؤلاء القوم أو يهلكهم. أجابهم الناصحون بأنهم يقومون بواجبهم لإعذار أنفسهم أمام الله. وفي نهاية المطاف، مسخ الله هؤلاء المتحايلين إلى قردة وخنازير.

الآيات القرآنية المتعلقة بالقصة

ورد ذكر قصة مسخ اليهود إلى قردة في عدة مواضع من القرآن الكريم، منها:

  • سورة البقرة: الآية الخامسة والستون.
  • سورة النساء: الآية السابعة والأربعون.

أما التفاصيل الكاملة للقصة، فقد جاءت في سورة الأعراف، من الآية الثالثة والستين بعد المئة، وحتى الآية السادسة والستين بعد المئة.

قال تعالى في سورة البقرة الآية 65: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ}.

وقال تعالى في سورة النساء الآية 47: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَىٰ أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ ۚ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا}.

العِبر والدروس المستفادة

تزخر هذه القصة بالعديد من العبر والدروس القيمة، ومنها:

  • التأكيد على حقيقة التحايل والخداع كصفة متأصلة في بعض النفوس، ورغبتهم في التملص من الالتزامات الدينية والأخلاقية. تاريخهم مع النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- يشهد على ذلك.

  • وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك بالقدر المستطاع وبالأساليب المناسبة. هذا الأمر يتضح من خلال قيام المؤمنين بواجب النصح والإرشاد، كما أنه منصوص عليه في الدين الإسلامي. قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن رَأَى مِنكُم مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيَدِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسانِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وذلكَ أضْعَفُ الإيمانِ).

  • إذا قام المؤمن بواجبه في الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولم يجد استجابة من المدعوين، فإنه لا يتحمل مسؤولية تقصيرهم، وله أن يعتزلهم ويبتعد عن مجالسهم.

  • الله عز وجل يمهل العاصين، ولكنه لا يهملهم. وهو سبحانه وتعالى مطلع على كل شيء، وعذابه شديد أليم إذا حل.

  • التحايل على أوامر الله ذنب عظيم، وأشد جرماً من مجرد المعصية. المتحايل يستهزئ بأمر الله، بينما العاصي قد تغلب عليه شهوته أو يزل به هواه.

  • عاقبة التحايل وخيمة، حيث أهلك الله القوم المتحايلين بسبب فعلتهم الشنيعة. أما الطائعون الذين قاموا بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقد نجاهم الله. أما مصير الفريق الثالث الذي طلب من المصلحين ترك العصاة وشأنهم، فلم يحدده النص القرآني بشكل قاطع.

    يرى بعض العلماء أنهم هلكوا مع الظالمين، بينما يرى آخرون أنهم نجوا مع المصلحين. الرأي الراجح هو أنهم نجوا، ويكفيهم سوءاً أن النص القرآني تجاهل ذكرهم بسبب موقفهم السلبي.

المصادر

  • أبالصابوني (1997)، صفوة التفاسير (الطبعة 1)، القاهرة: دار الصابوني للطباعة والنشر والتوزيع، جزء 1.
  • مسلم، صحيح مسلم، عن أبو سعيد الخدري.
  • اسلام ويب (25/05/2021)، “قصة أصحاب السبت.. عبر ودروس”، اسلام ويب.
  • الزحيلي (1418)، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة 2)، دمشق: دار الفكر المعاصر ، جزء 9.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

دروس وعِبر من سورة محمد

المقال التالي

أسرار وخفايا جسم الإنسان: رحلة في عالم الأعضاء والوظائف

مقالات مشابهة