دراسة في نشأة جبال سلطنة عمان

استكشاف تشكّل الجبال في سلطنة عُمان. تحليل جيولوجي للأراضي العُمانية وتكوينها. نظرة على التضاريس الجبلية الشاهقة في السلطنة وأسرارها الجيولوجية.

نظرة عامة على جبال سلطنة عمان

لطالما أثارت التكوينات الجبلية الشاهقة في سلطنة عُمان فضول الجيولوجيين والمستكشفين على مر العصور. بالإضافة إلى الكثبان الرملية الممتدة التي تغطي مساحات واسعة من البلاد، يظل السؤال عن كيفية تشكل هذه المنطقة من العالم سؤالاً محورياً. دفع هذا الاهتمام المتزايد بعلوم الأرض الباحثين إلى دراسة هذه التكوينات التي تشكلت عبر ملايين السنين، للكشف عن أسرارها وتاريخها الجيولوجي العريق.

آلية تكوين الجبال في الأراضي العمانية

بالتعاون بين الجمعية الجيولوجية العُمانية وفريق متخصص من وزارة الإعلام العُمانية، تم إجراء دراسات متعمقة حول نشأة الجبال في سلطنة عُمان. أشارت هذه الدراسات إلى أن سلسلة جبال الحجر، الواقعة في الجزء الشمالي من السلطنة، يعود ارتفاعها الحالي إلى ما يقارب أربعة إلى ستة ملايين سنة فقط. ومن المثير للاهتمام أن هذه السلسلة الجبلية لا تزال في حالة نمو مستمر، وإن كان بمعدل بطيء لا يتجاوز الميليمترين سنوياً.

أظهرت الأبحاث أيضاً أن الجزء السفلي من هذه السلسلة يحتضن الجبل الأخضر، الذي تم العثور فيه على صخور جليدية يعود تاريخ تكوينها إلى حوالي سبعمائة مليون عام. ووفقاً للدراسات، فإن أقدم الصخور في عُمان تقع في المنطقة الشرقية، بالقرب من جبل قهوان. تم تحديد عمر هذه الصخور باستخدام تقنيات تحليل العناصر المشعة، وهي الطريقة المعتمدة في التعامل مع الصخور النارية. أما بالنسبة للصخور الرسوبية، فقد تم تحليلها من خلال دراسة الأحافير الموجودة بداخلها.

التركيبة الجيولوجية للأراضي العمانية

تقع سلطنة عُمان في أقصى الركن الجنوبي الشرقي من الصفيحة القارية العربية، وهي إحدى الصفائح الأربع عشرة التي تشكل الغلاف الخارجي للأرض. تتميز الصفيحة العُمانية بحدود وأخاديد تفصلها عن الصفائح الأخرى في باطن الأرض.

إن الحرارة الكامنة في باطن الأرض تولد تيارات حرارية ضخمة، تتسبب في حركة الصفائح بمعدل يقدر بأربعة مليمترات سنوياً. هذه التيارات تؤدي إلى تباعد الصفائح في مناطق الحدود بينها، بينما تتسبب في تصادمها وتداخلها في مناطق أخرى. هذه الحركات التكتونية هي المسؤولة بشكل أساسي عن تكوين الجبال، بالإضافة إلى حدوث الزلازل والبراكين. كما أنها تلعب دوراً كبيراً في انزياح القارات عبر العصور، مما أدى إلى انتقال عُمان، مثلها مثل بقية اليابسة على سطح الأرض، إلى موقعها الحالي.

تشكلت الصفيحة العربية نتيجة لالتحام العديد من الكتل الأرضية المختلفة، وذلك منذ حوالي تسعمائة مليون عام، خلال فترة شهدت ذروة النشاط البركاني على الأرض. يظهر هذا النشاط البركاني بوضوح في المنطقة الشمالية الشرقية من عُمان، حيث يقع جبل قهوان، الذي يعتبر من أقدم الصخور البركانية في السلطنة. وقد أظهرت التحليلات التي أجريت على العناصر المشعة الموجودة في هذه الصخور أن عمرها يعود إلى حوالي ثمانمئة وخمسين مليون عام.

تظهر الصخور النارية أيضاً على نطاق واسع في ولاية مرباط، حيث تم العثور على حواجز نارية تخترق الصخور الجرانيتية القديمة بشكل عمودي. كما توجد هذه الصخور النارية أيضاً في ولاية محوت.

مع مرور الوقت، تعرضت الصفائح القارية المرتفعة للعوامل الجوية المختلفة، مثل الرياح والتغيرات في درجات الحرارة، وخاصة التعرية الناتجة عن تساقط الأمطار وحركة الكتل الجليدية. أدت هذه العوامل إلى تفتت الصخور وتراكم الفتات الصخري، مما أدى إلى تكوين طبقات من الصخور الرسوبية.

قبل حوالي خمسمئة وعشرين مليون عام، بدأت اليابسة في عُمان في الارتفاع تدريجياً، نتيجة للتصادم مع شبه القارة الهندية. أدى هذا الارتفاع إلى ترسب مجموعة من الصخور في عُمان، تعرف باسم صخور هيما. وقد وصفها الجيولوجيون بأنها تتكون من ترسبات بحرية وبرية متعاقبة في المنطقة، والتي ساهمت في تكوين النفط والغاز في مناطق الحقف ومقراط.

Total
0
Shares
المقال السابق

لمحة عن كرة الطائرة الشاطئية

المقال التالي

نبذة عن الإمام مالك بن أنس

مقالات مشابهة