دراسة في قصيدة عنترة بن شداد

تحليل لقصيدة عنترة بن شداد الشهيرة. استكشاف للمعاني الأساسية في قصيدة عنترة بن شداد. استعراض للصور البلاغية في قصيدة عنترة. عرض لأبيات القصيدة.

مقدمة

تعتبر قصيدة عنترة بن شداد من أبرز وأشهر القصائد في الأدب العربي. هي جزء من المعلقات، وهي مجموعة من القصائد التي كانت تعلق على جدران الكعبة في العصر الجاهلي، وذلك لأهميتها وقيمتها الأدبية العالية. قصيدة عنترة تعكس شجاعة الفارس وعشقه لعبلة، وتصوّر حياة البادية بصورة مؤثرة. هذه الدراسة ستتناول جوانب مختلفة من القصيدة، بدءًا بتفسير بعض الأبيات، مرورًا باستخلاص الأفكار الرئيسية، وصولًا إلى تحليل الصور الفنية والبلاغية.

تفسير أبيات من القصيدة

لنستعرض سويًا بعض الأبيات من معلقة عنترة مع شرح موجز لها:

هَل غادَرَ الشُعَراءُ مِن مُتَرَدَّمِ
أَم هَل عَرَفتَ الدارَ بَعدَ تَوَهُّمِ

في بداية معلقته، يتساءل عنترة عما إذا ترك الشعراء السابقون شيئًا من المعاني لمن سيأتي بعدهم، وهل يمكن التعرف على الديار بعد طول الغياب والتغيرات التي طرأت عليها؟ إنه يعبر عن صعوبة الإتيان بجديد في عالم الشعر بعد أن استنفد السابقون الكثير من المعاني.

يا دارَ عَبلَةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمِي
وَعَمِّي صَباحًا دارَ عَبلَةَ وَاِسْلَمِي

فَوَقَفتُ فيها ناقَتي وَكَأَنَّها
فَدَنٌ لِأَقضِيَ حاجَةَ المُتَلَوِّمِ

وَتَحُلُّ عَبلَةُ بِالجَواءِ وَأَهلُنا
بِالحَزنِ فَالصَّمَّانِ فَالمُتَثَلَّمِ

حُيِّيتَ مِن طَلَلٍ تَقادَمَ عَهدُهُ
أَقوى وَأَقفَرَ بَعدَ أُمِّ الهَيثَمِ

حَلَّت بِأَرضِ الزائِرينَ فَأَصبَحَت
عَسِرًا عَلَيَّ طِلابُكِ اِبنَةَ مَخرَمِ

هنا يخاطب عنترة ديار عبلة، متمنيًا لها السلامة، ثم يصف وقوفه في الديار على ناقته الضخمة، ويذكر أماكن إقامة عبلة وقبيلته. ويشكو من بعد المسافة وصعوبة الوصول إليها.

عُلِّقتُها عَرَضًا وَأَقتُلُ قَومَها
زَعمًا لَعَمرُ أَبيكَ لَيسَ بِمَزعَمِ

وَلَقَد نَزَلتِ فَلا تَظُنّي غَيرَهُ
مِنّي بِمَنزِلَةِ المُحَبِّ المُكرَمِ

كَيفَ المَزارُ وَقَد تَرَبَّعَ أَهلُها
بِعُنَيزَتَينِ وَأَهلُنا بِالغَيلَمِ

يصف الشاعر حبه لعبلة رغم كونه يقاتل قومها، ويؤكد مكانتها الرفيعة في قلبه، ويعود ليشتكي من بعد ديارها وصعوبة الزيارة.

إِن كُنتِ أَزمَعتِ الفِراقَ فَإِنَّما
زُمَّت رِكابُكُمُ بِلَيلٍ مُظلِمِ

ما راعَني إِلّا حَمولَةُ أَهلِها
وَسطَ الدِيارِ تَسَفُّ حَبَّ الخِمخِمِ

فيها اِثنَتانِ وَأَربَعونَ حَلوبَةً
سودًا كَخافِيَةِ الغُرابِ الأَسحَمِ

يتحدث عنترة عن رحيل عبلة وقومها، ويصف استعدادهم للرحيل ليلاً، ويرى الإبل السوداء التي تشبه الغربان.

إِذ تَستَبيكَ بِذي غُروبٍ واضِحٍ
عَذبٍ مُقَبَّلُهُ لَذيذِ المَطعَمِ

وَكَأَنَّ فأرَةَ تاجِرٍ بِقَسيمَةٍ
سَبَقَت عَوارِضَها إِلَيكَ مِنَ الفَمِ

أَو رَوضَةً أُنُفًا تَضَمَّنَ نَبتَها
غَيثٌ قَليلُ الدِمنِ لَيسَ بِمَعلَمِ

جادَت عَليهِ كُلُّ بِكرٍ حُرَّةٍ
فَتَرَكنَ كُلَّ قَرارَةٍ كَالدِرهَمِ

سَحًّا وَتَسكابًا فَكُلَّ عَشِيَّةٍ
يَجري عَلَيها الماءُ لَم يَتَصَرَّمِ

ينتقل الشاعر لوصف جمال عبلة، فيصف ثغرها بالبياض والرائحة الطيبة، ويشبهه بروضة خضراء لم تطأها قدم.

الأفكار المركزية في القصيدة

تتمحور القصيدة حول عدة أفكار رئيسية، منها:

  • إظهار مهارة الشاعر وتمكنه من اللغة.
  • التعبير عن الشوق والحنين لديار عبلة.
  • وصف حب الشاعر لعبلة رغم الصعاب.
  • تصوير قوة الشاعر وشجاعته.
  • وصف رحلة الأحبة و فراقهم.

الصور الفنية والبلاغية

تزخر القصيدة بالصور الفنية الرائعة، ومن أمثلتها:

  • وَقَفتُ فيها ناقَتي وَكَأَنَّها فَدَنٌ: تشبيه للناقة بالقصر الضخم، وهو تشبيه مجمل.
  • فيها اِثنَتانِ وَأَربَعونَ حَلوبَةً سودًا كَخافِيَةِ الغُرابِ الأَسحَمِ: تشبيه للإبل السوداء بريش الغراب الأسود، وهو تشبيه مجمل.
  • وَكَأَنَّ فأرَةَ تاجِرٍ بِقَسيمَةٍ سَبَقَت عَوارِضَها إِلَيكَ مِنَ الفَمِ: تشبيه لثغر المحبوبة بفأرة العطار، وهو تشبيه مجمل.

نص القصيدة

هذا هو نص معلقة عنترة بن شداد العبسي:

            هَل غادَرَ الشُعَراءُ مِن مُتَرَدَّمِ
            أَم هَل عَرَفتَ الدارَ بَعدَ تَوَهُّمِ

            يا دارَ عَبلَةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمِي
            وَعَمِّي صَباحًا دارَ عَبلَةَ وَاِسلَمِي

            فَوَقَفتُ فيها ناقَتي وَكَأَنَّها
            فَدَنٌ لِأَقضِيَ حاجَةَ المُتَلَوِّمِ

            وَتَحُلُّ عَبلَةُ بِالجَواءِ وَأَهلُنا
            بِالحَزنِ فَالصَّمَّانِ فَالمُتَثَلَّمِ

            حُيِّيتَ مِن طَلَلٍ تَقادَمَ عَهدُهُ
            أَقوى وَأَقفَرَ بَعدَ أُمِّ الهَيثَمِ

            حَلَّت بِأَرضِ الزائِرينَ فَأَصبَحَت
            عَسِرًا عَلَيَّ طِلابُكِ اِبنَةَ مَخرَمِ

            عُلِّقتُها عَرَضًا وَأَقتُلُ قَومَها
            زَعمًا لَعَمرُ أَبيكَ لَيسَ بِمَزعَمِ

            وَلَقَد نَزَلتِ فَلا تَظُنّي غَيرَهُ
            مِنّي بِمَنزِلَةِ المُحَبِّ المُكرَمِ

            كَيفَ المَزارُ وَقَد تَرَبَّعَ أَهلُها
            بِعُنَيزَتَينِ وَأَهلُنا بِالغَيلَمِ

            إِن كُنتِ أَزمَعتِ الفِراقَ فَإِنَّما
            زُمَّت رِكابُكُمُ بِلَيلٍ مُظلِمِ

            ما راعَني إِلّا حَمولَةُ أَهلِها
            وَسطَ الدِيارِ تَسَفُّ حَبَّ الخِمخِمِ

            فيها اِثنَتانِ وَأَربَعونَ حَلوبَةً
            سودًا كَخافِيَةِ الغُرابِ الأَسحَمِ

            إِذ تَستَبيكَ بِذي غُروبٍ واضِحٍ
            عَذبٍ مُقَبَّلُهُ لَذيذِ المَطعَمِ

            وَكَأَنَّ فأرَةَ تاجِرٍ بِقَسيمَةٍ
            سَبَقَت عَوارِضَها إِلَيكَ مِنَ الفَمِ

            أَو رَوضَةً أُنُفًا تَضَمَّنَ نَبتَها
            غَيثٌ قَليلُ الدِمنِ لَيسَ بِمَعلَمِ

            جادَت عَليهِ كُلُّ بِكرٍ حُرَّةٍ
            فَتَرَكنَ كُلَّ قَرارَةٍ كَالدِرهَمِ

            سَحًّا وَتَسكابًا فَكُلَّ عَشِيَّةٍ
            يَجري عَلَيها الماءُ لَم يَتَصَرَّمِ
        

المراجع

  • أبو عمرو الشيباني، كتاب شرح المعلقات التسع، صفحة 215-261. بتصرّف.
  • الزَّوْزَني، أبو عبد الله، كتاب شرح المعلقات السبع للزوزني، صفحة 245. بتصرّف.
  • “هل غادر الشعراء من متردم”، الديوان.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

دراسة في معلقة عمرو بن كلثوم

المقال التالي

فهم وتقييم ضعف استجابة الجسم للإنسولين

مقالات مشابهة