دراسة حول تدهور جودة الهواء

استكشاف شامل لتدهور جودة الهواء: مصادر التلوث، سواء كانت من صنع الإنسان أو طبيعية، وأنواع الملوثات المختلفة، وتأثيراتها على الصحة والبيئة والاقتصاد، بالإضافة إلى حلول مبتكرة لمكافحة هذه المشكلة المتفاقمة.

مفهوم تدهور جودة الهواء

يشير تدهور جودة الهواء إلى إطلاق مجموعة من الغازات، الجسيمات الدقيقة، والمواد السائلة في الغلاف الجوي بمعدلات تتجاوز قدرة البيئة على استيعابها وتخفيفها. يؤدي هذا التركيز المتزايد للمواد الضارة إلى مشاكل صحية واقتصادية، بالإضافة إلى آثار جمالية سلبية.

تعتبر هذه الظاهرة قديمة، حيث تعود إلى العصور الوسطى، وقد تسببت في العديد من الحوادث المأساوية. من الأمثلة على ذلك الحادثة التي وقعت في لندن عندما تسبب الدخان الناتج عن حرق الفحم في مشاكل بيئية خطيرة، مما دفع الملك إدوارد الأول إلى حظر استخدام الفحم في أفران الجير عام 1307م. حادثة أخرى وقعت في بلجيكا عام 1930م، حيث توفي 36 شخصًا خلال 5 أيام نتيجة لتفاعل ثاني أكسيد الكبريت والجزيئات الدقيقة مع الرطوبة العالية.

أسباب تدهور جودة الهواء

تشمل أسباب تدهور جودة الهواء مصادر طبيعية وأخرى ناتجة عن النشاط البشري.

الأسباب الناتجة عن النشاط البشري

تعتبر الأنشطة البشرية المساهم الأكبر في تدهور جودة الهواء في العصر الحديث.

انبعاثات الوقود التقليدي

تعتبر انبعاثات الوقود الأحفوري من المصادر الرئيسية لتدهور جودة الهواء، وتتضمن:

  • الانبعاثات الناتجة عن احتراق الوقود الأحفوري مثل النفط والفحم في محطات توليد الطاقة، المصانع، الأفران، محارق النفايات وأجهزة التدفئة.
  • انبعاثات الغازات الدفيئة من الصناعة، والتي تمثل 21% من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الولايات المتحدة.
  • انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن توليد الكهرباء، والتي تمثل 31% من إجمالي تلك الانبعاثات، وفقًا لاتحاد العلماء المهتمين.
  • الانبعاثات الناتجة عن المركبات التي تعمل بالبنزين مثل ثاني أكسيد الكربون، أول أكسيد الكربون، أكاسيد النيتروجين، بخار الماء والجسيمات المادية.
  • الانبعاثات الناتجة من النقل، حيث أشارت دراسة نشرت عام 2014 إلى أن النقل ينتج أكثر من نصف كمية أول أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين، وأكثر من ربع كمية الهيدروكربونات المنطلقة في الهواء.

الأنشطة الزراعية وتربية الحيوانات

تنتج الغازات الدفيئة من الزراعة وتربية المواشي بسبب إنتاج غاز الميثان من الماشية وإزالة الغابات للحصول على المراعي. تمثل الزراعة 24% من الانبعاثات السنوية للغازات الدفيئة، ولا يشمل هذا التقدير غاز ثاني أكسيد الكربون الذي تزيله الأنظمة البيئية من الغلاف الجوي.

إدارة المخلفات

تعتبر المخلفات من المصادر الشائعة لتدهور جودة الهواء، حيث تطلق مكبات النفايات غاز الميثان، وهو من الغازات الدفيئة الرئيسية وقابل للاشتعال بدرجة كبيرة، وقد يسبب الاختناق. يتطلب النمو السكاني المتزايد زيادة في أماكن دفن النفايات بعيدًا عن المناطق الحضرية.

الأسباب الطبيعية

قد يحتوي الهواء الجوي على جزيئات دقيقة عالقة ناتجة عن مصادر طبيعية، مثل:

  • الغبار وحبوب اللقاح والأبواغ التي تحملها الرياح.
  • الجسيمات العالقة الناتجة عن عمليات التعرية بواسطة الرياح.
  • أملاح البحار في المناطق الساحلية.
  • بقايا الكائنات الحية النباتية والحيوانية.
  • المواد الدقيقة الناتجة عن حرائق الغابات.
  • أكاسيد النيتروجين الناتجة عن الصواعق.
  • كبريتيد الهيدروجين الناتج عن الطحالب في المحيطات.
  • غاز الميثان الناتج عن البيئات الرطبة.
  • الانبعاثات البركانية، مثل بركان إتنا الذي يبعث حوالي 3000 طن من غاز ثاني أكسيد الكبريت يوميًا، وبركان تامبورا الذي قذف 100 مليار طن من الملوثات في الهواء عام 1815.

أصناف الملوثات

ملوثات الهواء في الأماكن المفتوحة

تقسم ملوثات الهواء الخارجي إلى نوعين:

الملوثات الرئيسية

هي الملوثات التي تنبعث مباشرة من المصدر إلى الهواء الخارجي، ومن أهمها:

  • أكاسيد الكبريت (خاصة ثاني أكسيد الكبريت).
  • أكاسيد النيتروجين (خاصة ثاني أكسيد النيتروجين).
  • أول أكسيد الكربون.
  • ثاني أكسيد الكربون.
  • المركبات العضوية المتطايرة.
  • الأمونيا.
  • المواد السامة (مثل الحديد والكادميوم والزرنيخ والنحاس).
  • الكلوروفلوروكربون.
  • الروائح.
  • الملوثات المشعة.
  • الأجسام الدقيقة.

الملوثات الثانوية

هي الملوثات التي تتشكل عندما تتفاعل الملوثات الأولية في الغلاف الجوي، ومن أهمها:

  • الجسيمات المتكونة من الملوثات الأولية الغازية.
  • المركبات الموجودة في الضباب الدخاني الكيميائي الضوئي.
  • طبقة الأوزون الأرضي.
  • نترات بيروكسي أسيتيل.

ملوثات الهواء في الأماكن المغلقة

تُمثل مصادر تلوث الأماكن المغلقة التي تطلق الغازات أو الجزيئات في الهواء السبب الرئيس لمشاكل جودة الهواء الداخلي، ويمكن أن يزيد عدم كفاية التهوية من مستوى الملوثات. تشمل هذه المصادر:

  • أجهزة احتراق الوقود.
  • منتجات التبغ.
  • مواد البناء والمفروشات.
  • منتجات التنظيف والصيانة المنزلية.
  • أجهزة التبريد والتدفئة المركزية.
  • الرطوبة العالية جدًا.

تداعيات تدهور جودة الهواء

التأثير على صحة الإنسان

تؤثر المواد السامة الموجودة في الهواء على وظائف الجسم الطبيعية، خاصة الجهاز التنفسي، القلب، العيون، المناعة والجلد. قد تسبب سمية الخلايا العديد من السرطانات على المدى البعيد. تتأثر الفئات الأكثر حساسية (كبار السن والأطفال ومرضى الجهاز التنفسي والقلب) بشكل كبير.

تظهر آثار تدهور جودة الهواء على الإنسان من خلال:

  • الجهاز التنفسي: تهيج القصبات الهوائية واضطرابات الصوت، بالإضافة إلى أمراض مثل الربو وسرطان الرئة.
  • أمراض القلب: تأثير الملوثات على تعداد خلايا الدم البيضاء وتضخم البطينين الأيمن والأيسر.
  • الجهاز العصبي النفسي: مضاعفات عصبية واضطرابات نفسية، بالإضافة إلى علاقة محتملة بفرط النشاط العصبي والنشاط الإجرامي، وحتى التهاب الأعصاب ومرض آلزهايمر ومرض باركنسون.
  • الجلد: شيخوخة الجلد وتصبغات الوجه، واحتمال تلف الأعضاء عند امتصاص الجلد للملوثات.
  • مشاكل أخرى: علاقة محتملة بمرض التوحد لدى الأجنة والأطفال، وتشوه الغدد الصماء والاضطرابات العصبية، وتأثير على نمو الأجنة وحجم رأس الأجنة وانخفاض الوزن عند الولادة.
  • خلل في الجهاز المناعي، وتهيج العين وجفافها، واعتلال الشبكية.

التأثير على البيئة

تؤثر الملوثات على النظم البيئية بأكملها، وتتضمن الآثار:

  • حجب الألوان والأشكال والصوت.
  • تأثر المحاصيل الزراعية وموت الأشجار الصغيرة.
  • تلف النباتات والمحاصيل الزراعية بسبب المطر الحمضي.
  • تلف المباني والآثار.
  • إصابة الحيوانات بتشوهات خلقية وأمراض وانخفاض معدلات الولادة.

يجب ذكر ظاهرة الاحتباس الحراري، الناجمة عن زيادة الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي. اتخذت العديد من الدول خطوات للحد من هذه الظاهرة، مثل اتفاقية كيوتو عام 1997.

التأثير على الاقتصاد

قد يكون تدهور جودة الهواء مصدر قلق كبير على الاقتصاد، حيث أن زيادة التصنيع يهدد تدهور النظم البيئية، والنظام الزراعي، والصحة بشكل عام. يتأثر القطاع الزراعي بالمطر الحمضي، كما تتأثر السياحة بتغير المناخ والتأثيرات الصحية للملوثات.

مقترحات للحد من تدهور جودة الهواء

دعم المشروعات البحثية المدعومة حكومياً

يهدف هذا الدعم إلى تطوير طرق نقل كهربائية صديقة للبيئة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.

تشجيع تطوير مصادر الطاقة المتجددة

يهدف هذا إلى الابتعاد عن استخدام الوقود الأحفوري وتقليل انبعاث ثاني أكسيد الكربون، من خلال الاستفادة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الحرارية الجوفية.

تطبيق نظام حصص الكربون

يسمح هذا النظام بإطلاق كمية محددة من انبعاث الغازات الضارة ومحاولة تقليلها كل عام، مع تطبيق عقوبات قاسية على المخالفين.

استخدام مصابيح الليد

تٌعرف مصابيح LED بأنّها أكثر كفاءة من المصابيح الفلورية والمتوهجة، وتوفر المال من خلال زيادة كفاءة الاضاءة.

سن قوانين صارمة

يتطلب في هذه اللوائح استخدام أجهزة غسل الغاز في جميع المنشآت الصناعية التي تطلق ملوثات الهواء.

مقياس جودة الهواء

يتمّ قياس جودة الهواء باستعمال مؤشر جودة الهواء (بالإنجليزية: Air Quality Index)، الذي يعمل مثل مقياس الحرارة ويمتد من 0-500 درجة؛ حيث يُظهر هذا المؤشر التغيّرات في مقدار تلوث الهواء، فإذا كان أقل من 50 درجة مثلاً فإنّ ذلك يُشير إلى أن نوعية الهواء جيدة، ويمكن للشخص أن يقضي بعض الوقت في الهواء الطلق، ولن يشكل تلوث الهواء أي مخاطر على صحته، وكلما زاد المؤشر زادت المخاطر على الصحة.

مؤشر جودة الهواء للصحةالدرجةالدلالة
جيد0-50جودة الهواء عالية ولا وجود لملوثات الهواء
معتدل51-100جودة الهواء مقبولة مع وجود ملوثات هوائية تؤثر في بعض الأشخاص شديدي الحساسية
غير صحي لأصحاب الحساسية101-150جودة الهواء ليست لائقة للأشخاص الذين يعانون من الحساسية
غير صحي151-200هنا يمكن لأي شخص التأثر، أمّا الأشخاص الحساسون فسيتأثرون بدرجة أكبر
غير صحي بشكل كبير201-300يمكن لجميع الأشخاص التعرض لتأثيرات كبيرة على الصحة
خطير301-500تأثير خطير على صحة جميع الأشخاص

يتم قياس الملوثات عن طريق جمع الأجهزة الأرضية وبعض الأقمار الصناعية المختصة للمعلومات المهمة عما يوجد في الهواء، فمثلاً يرصد القمر الصناعي (GOES-R) تلوث الغلاف الجوي بالجزيئات كل 5 دقائق خلال اليوم، ويرصد القمر الصناعي (JPSS) تلوث الهواء بالجزيئات مثل جزيئات الضباب الدخاني، والغبار، والجسيمات، والرماد البركاني، كما يقيس الغبار الجوي لكامل الكرة الأرضية بدقة عالية مرة واحدة في اليوم، ويقيس غاز أول أكسيد الكربون الناتج عن حرائق الغابات.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

دراسة حول تقنيات الإعلام والتواصل

المقال التالي

دراسة حول حركة الحيوانات

مقالات مشابهة