لمحة عامة عن الجهاز البولي
الجهاز البولي يعتبر من الأجهزة الحيوية في جسم الإنسان، حيث يضطلع بدور رئيسي في التخلص من المواد الضارة والفضلات التي لا يحتاجها الجسم. تتم هذه العملية عن طريق إخراج هذه المواد على شكل بول. بالإضافة إلى ذلك، يلعب الجهاز البولي دورًا هامًا في تنظيم مستويات الماء والأملاح في الجسم. يجب الانتباه إلى أن أي خلل في مستويات بعض المواد في الجسم قد يؤثر سلبًا على صحة الجهاز البولي، مثل اضطراب مستوى الجلوكوز في الدم. فالجهاز البولي لديه قدرة محدودة على التعامل مع سكر الجلوكوز، وبالتالي فإن ارتفاع مستويات السكر في الدم فوق الحد الذي يتحمله الجسم قد يلحق الضرر به على المدى القريب والبعيد. ومن الجدير بالذكر أن اللون الطبيعي للبول هو الأصفر الباهت أو الفاتح، ويكون نقيًا وشفافًا. أي تغير في لون البول قد يشير إلى مشكلة عارضة أو قد يكون دليلًا على مشكلة صحية تستدعي استشارة الطبيب.
الأجزاء الرئيسية للجهاز البولي
يتكون الجهاز البولي من عدة أجزاء أساسية تعمل بتناغم لضمان قيامه بوظائفه على أكمل وجه. فيما يلي شرح مفصل لهذه الأجزاء:
الكليتان: الوظيفة والتركيب
يحتوي جسم الإنسان الطبيعي على كليتين، وهما من أهم الأعضاء في الجهاز البولي. تقع كل كلية على جانبي العمود الفقري في الجزء الخلفي من التجويف البطني. يزن متوسط الكلية الواحدة حوالي 125-170 جرامًا لدى الرجال، و 115-155 جرامًا لدى النساء. وتجدر الإشارة إلى أن الكلية اليمنى أصغر قليلًا من الكلية اليسرى وتقع إلى الأسفل قليلًا لإفساح المجال للكبد. تقع فوق كل كلية غدة تسمى الغدة الكظرية. على الرغم من صغر حجم الكليتين نسبيًا، إلا أنهما تستقبلان حوالي 20-25% من إجمالي الدم الخارج من القلب. الشرايين الكلوية هي المسؤولة عن تغذية الكليتين بالدم، بينما الأوردة الكلوية هي الأوعية الدموية المسؤولة عن نقل الدم خارج الكلى.
تتكون الكلية من عدة أجزاء رئيسية:
- الوحدة الأنبوبية الكلوية (النفرون): تحتوي الكلية الواحدة على ما يقارب مليون وحدة أنبوبية كلوية، وهي الجزء الأكثر أهمية في الكلية حيث يدخلها الدم لتتم عمليات أيض المواد الغذائية وتخليص الجسم من الفضلات بعد تنقية الدم.
- الكبسولة الكلوية: يدخل الدم بعد مروره بالوحدة الأنبوبية الكلوية إلى هذه الكبسولة، وتتكون بشكل رئيسي من:
- الكبيبة: مجموعة من الشعيرات الدموية المسؤولة عن امتصاص البروتينات من الدم عند عبوره عبر الكبسولة الكلوية.
- محفظة بومان: الجزء المسؤول عن تمرير المتبقي من الدم بعد التصفية إلى النبيبات الكلوية.
- النبيبات الكلوية: مجموعة من الأنابيب الصغيرة التي يتكون كل منها من عدة أجزاء. يصل السائل إلى نهاية الأنبوب مخففًا وغير مركز، ويحتوي على مادة اليوريا الناتجة عن عمليات أيض البروتينات. تشمل أجزاء النبيبات الكلوية:
- النبيب الملتوي القريب: يعيد امتصاص الماء والجلوكوز والصوديوم إلى الدم.
- انحناء هنلي: يمتص البوتاسيوم والكلور والصوديوم إلى الدم.
- النبيبة الملتوية البعيدة: تطرح البوتاسيوم والأحماض من الدم وتمتص الصوديوم إليه.
- القشرة الكلوية: الجزء الخارجي من الكلية ويحتوي على الكبيبة والأنابيب الملتوية، ويلعب دورًا مهمًا في حماية الأجزاء الداخلية للكلى.
- اللب الكلوي: النسيج الداخلي للكلية ويتكون من:
- الأهرامات الكلوية: تراكيب تتكون من الوحدات الأنبوبية الكلوية والأنابيب المسؤولة عن نقل السوائل إلى الكليتين.
- نظام القنوات الجامعة: قناة جامعة في نهاية كل وحدة أنبوبية كلوية داخل لب الكلية، تخرج منها السوائل بعد تنقيتها.
- حويضة الكلية (الحوض الكلوي): شكلها كالقمع، تستقبل السائل بعد خروجه من القنوات الجامعة، وتمثل الممر الذي يسلكه السائل إلى المثانة البولية، وتتكون من:
- الكأس الكلوية: على شكل كؤوس تجمع السوائل قبل انتقالها إلى المثانة البولية، وتتحول فيها السوائل الزائدة والفضلات إلى بول.
- النقير: يمر فيه الشريان الكلوي المسؤول عن حمل الدم المؤكسج من القلب إلى الكلية للترشيح، والوريد الكلوي المسؤول عن نقل الدم غير المؤكسج إلى القلب.
الحالبان: وظيفة النقل
الحالبان هما أنبوبان ينقلان البول من الكليتين إلى المثانة البولية. يتراوح قطر الحالب بين 4-5 ملم، بينما يتراوح طوله بين 25-30 سم. يتكون جدار الحالب من ثلاث طبقات رئيسية: الطبقة الخارجية، والطبقة الوسطى (العضلية)، والطبقة الداخلية (غشاء مخاطي). تنقبض عضلات جدار الحالبين باستمرار وترتخي لدفع البول إلى أسفل بعيدًا عن الكليتين. كل 10-15 ثانية، يتم دفع كمية صغيرة من البول عبر الحالبين إلى المثانة البولية. احتباس البول في الحالب أو رجوعه إلى الكليتين يسبب التهابات في الكلى.
المثانة البولية: التخزين المؤقت
المثانة البولية هي عضو قابل للتمدد يقوم بتخزين البول مؤقتًا. عندما تكون المثانة فارغة، يكون جدارها سميكًا ومنتظم الشكل. عندما يصل البول من الحالبين، يصبح الجدار رقيقًا وتتحرك المثانة إلى الأعلى باتجاه التجويف البطني، مما يزيد حجمها. يمكن أن يتغير طولها من 5 سم إلى 15 سم تقريبًا، وتتراوح سعتها بين 470-710 ملليلتر. يشعر الإنسان بالحاجة الملحة للتبول عندما يمتلئ ربع المثانة فقط. قاعدة المثانة على شكل مثلث وتمنع ارتداد البول إلى الحالبين وتمنع تمدد الإحليل.
وظائف المثانة:
- تخزين البول في الجسم بشكل مؤقت.
- المساعدة في طرح البول خارج الجسم بواسطة عضلات المثانة.
العضلات المتحكمة: تنظيم الإخراج
العضلات العاصرة تتحكم في احتباس البول وإخراجه. توجد عضلتان عاصرتان: داخلية لا إرادية (جزء من العضلة السفلى للمثانة) تمنع مرور البول إلى الإحليل، وخارجية إرادية تسمح بالتحكم في إخراج البول.
الإحليل: قناة الإخراج
الإحليل هو أنبوب مجوف ينقل البول إلى خارج الجسم، ويقع بين المثانة والصماخ البولي.
- الإحليل لدى الإناث: ينقل البول خارج الجسم، ويمنع ارتداد البول، ويوفر حماية ضد البكتيريا. يبلغ طوله 4 سم ويقع خلف الارتفاق العاني فوق فتحة المهبل وأسفل البظر. يتكون من العضلة العاصرة الداخلية، والعضلة المهبلية الإحليلية، والعضلة العاصرة الخارجية.
- الإحليل لدى الذكور: يطرد البول والسائل المنوي، ويمنع ارتداد السوائل، ويمنع دخول البكتيريا. يبلغ طوله 22 سم. الجزء الأول منه هو الإحليل البروستاتي الذي يبدأ من عنق المثانة ويستمر حتى غدة البروستاتا.
الأعصاب: التحكم والتنسيق
تعمل الأعصاب مع العضلات لحبس البول وإخراجه. تحمل الأعصاب الرسائل من المثانة إلى الدماغ لإعلامه بامتلاء المثانة، وتحمل الرسائل من الدماغ إلى المثانة لتقوم بالانقباض أو الارتخاء.
الوظائف الأساسية للجهاز البولي
يقوم الجهاز البولي بعدة وظائف حيوية، منها:
- تخليص الجسم من الفضلات (اليوريا وحمض اليوريك) عن طريق البول.
- إعادة امتصاص العناصر الغذائية (الجلوكوز، الأحماض الأمينية، الماء، الفوسفات، الكلور، الصوديوم، المغنيسيوم، البوتاسيوم، البيكربونات).
- تنظيم درجة حموضة الدم (7.38-7.42).
- تنظيم الأسمولالية (توازن الماء والكهارل). في حال ارتفاعها، ترسل منطقة تحت المهاد إشارة إلى الغدة النخامية لإطلاق الهرمون المضاد لإدرار البول، مما يزيد تركيز البول، ويزيد امتصاص الماء إلى الدم، ويحتجز اليوريا في لب الكلية، ويفتح أجزاء في القنوات الجامعة لامتصاص الماء.
- تنظيم ضغط الدم.
- إفراز مركبات مهمة: الإريثروبويتين (تصنيع كريات الدم الحمراء)، والرينين (التحكم بحجم البلازما والسائل الليمفي والسائل بين الخلوي)، والكالسيتريول (زيادة امتصاص الكالسيوم من الأمعاء وإعادة امتصاص الفوسفات من الكلى).
كيفية الحفاظ على سلامة الجهاز البولي
هناك عدة نصائح يمكن اتباعها للحفاظ على صحة الجهاز البولي:
- شرب كميات كافية من السوائل (6-8 أكواب يوميًا، نصفها ماء). استشارة الطبيب في حالات فشل القلب الاحتقاني وأمراض الكلى.
- التقليل من الكافيين (القهوة، الشاي، الشوكولاتة)، والمشروبات الغازية، والامتناع عن الكحول.
- الإقلاع عن التدخين.
- تجنب الإمساك (تناول الألياف، وشرب الماء، وممارسة الرياضة).
- المحافظة على وزن صحي.
- الذهاب إلى المرحاض فور الشعور بالحاجة (كل 3-4 ساعات).
- تفريغ المثانة قدر المستطاع عند التبول.
- التبول بعد الجماع.
- اختيار الملابس الداخلية القطنية وغير الضيقة.
- مسح الفرج من الأمام إلى الخلف لدى النساء.
- زيادة كمية الماء في الطقس الحار أو عند ممارسة الرياضة الشديدة.
- الحد من الأملاح.
الأمراض الشائعة التي تصيب الجهاز البولي
تشترك العديد من أمراض الجهاز البولي في أعراض مثل تكرار التبول، والشعور بحرقة، ووجود دم في البول، والغثيان، والقيء، والتعب. بعض الأمراض تشمل:
- التهابات المسالك البولية: تنجم عن بكتيريا، وتصيب المثانة أو الحويضة والكلية. النساء أكثر عرضة للإصابة.
- السلس البولي: ضعف القدرة على التحكم بعضلات المثانة، مما يسبب تسرب البول.
- البيلة البروتينية: وجود البروتين في البول بكميات أعلى من الطبيعي.
- حصى الكلى: تتكون من تجمع المعادن لتشكيل بلورات صلبة في أي جزء من المسالك البولية.
- مرض الكلى متعدد الكيسات: اضطراب جيني يتمثل بنمو أكياس غير طبيعية في الكلى.
- اعتلال الكلية السكري: تلف الشعيرات الدموية الخاصة بالكبيبات الكلوية نتيجة المعاناة من داء السكري.
- الفشل الكلوي: فقدان الكلى القدرة على القيام بالوظائف اللازمة للحياة. العلاج يقتصر على زراعة الكلى أو الغسيل الكلوي.