تعريف الاعتداء |
دوافع الاعتداء وتأثيراته |
المؤثرات الذاتية في نشوء الاعتداء |
دور المحيط الاجتماعي: الأسرة والمؤسسة التعليمية والجماعة |
تأثير وسائل الاتصال |
توضيح مفهوم الاعتداء
الاعتداء لغةً يعني الشدة والغلظة. وفي قواميس اللغة، يُوصف بأنه تعبير قاسي يهدف إلى التقويم والردع. الاعتداء هو عكس اللين والرفق. يقال: عَنُفَ، أي قسا. وعَنُفَ به وعليه، أي عامله بشدة وقسوة، ولامه بشدة إنكارًا لفعله بهدف تغييره وتقويمه وردعه. فالاعتداء إذًا هو المعاملة بالقسوة والشدة دون لين وتلطف.
أما اصطلاحًا، فإن مفهوم الاعتداء يتفق مع معناه اللغوي، مع إضافة توضيح للحال المصاحبة والتنوع. فهو القول الشديد، والفعل الشديد، والرأي الشديد. إنه انتزاع اللين من الأمور والأقوال والأفعال والأحوال، وإظهار الشدة والقسوة فيها. ومنه أنواع ومظاهر متنوعة كالاعتداء العقدي والعلمي والفكري، ومن ثمراته الغلو والتطرف.
كما يعرف بأنه أي سلوك أو تصرف يؤدي إلى الأذى أو يهدف إليه، وقد ينتج عنه تعنيف الآخرين بأذى جسدي أو نفسي أو لفظي أو استهزاء أو فرض رأي.
دوافع الاعتداء وتأثيراته
لا يقتصر الاعتداء كسلوك أو ظاهرة على زمن بذاته أو مكان أو عرق أو دين، بل إن أسبابه ودواعيه متنوعة ومتعددة تظهر وتتطور في مختلف الحضارات والأزمنة. لقد كان ظهور الاعتداء مبكرًا منذ النشأة الأولى للحياة الإنسانية على وجه الأرض، وكانت من مظاهره الأولى سفك الدماء وقتل النفس، والشاهد فيه سابقة قتل قابيل لأخيه هابيل لداعي الحسد وضيق العين، فَحَضَر السببُ وفَسَّرَ السُّلوك. ثم مع ازدياد البشرية تعدادًا وتنوعًا أصبح الاعتداء أحد سمات المجتمعات على الصعيد الفردي أو المجتمعي، وللتاريخ شواهد عديدة تعرض تسلط الطبقات داخل المجتمع الواحد أو اعتداء مجتمع على آخر، ولكل حالة أسبابها ودواعيها، ويمكن إجمال أسباب الاعتداء في الآتي:
المؤثرات الذاتية في نشوء الاعتداء
تنشأ هذه العوامل من شخصية الفرد وذاته؛ إذ هي انعكاسات لتفاعلات الذات البشرية ومكوناتها، ومن هذه العوامل:
- تراكم الشعور بالإحباط، وتدنّي مستوى ثقة الفرد بنفسه.
- عجز الفرد عن مواجهة مشاكله وحلِّها والتخلُّص منها.
- انفعالات المراحل العمرية، وانعكاسات البلوغ والمراهقة.
- نزعة التحرر من السلطة والرغبة في الاستقلالية وتحمّل المسؤوليَّة.
- ضعف مهارات التواصل، وبناء العلاقات الاجتماعية، واضطرابات الشخصية الانفعالية والنفسيَّة.
- عقدة النقص والشعور بالحرمان العاطفي والفشل.
- البُعد عن الله تعالى، وضعف الوازع الديني.
- إدمان المخدِّرات.
- الانانيَّةُ والكِبر، وعدمُ القدرة على ضبط الدوافع العدوانيَّة.
دور المحيط الاجتماعي: الأسرة والمؤسسة التعليمية والجماعة
تمثل هذه المؤسسات الثلاث دوائر الفرد ومراحل نشأته؛ إذ يبدأ تكوين شخصيته في البيئة الأسرية المسؤولة عن بنائه الجسمي والعقلي والوجداني والأخلاقي والنفسي والاجتماعي، لتكون الأسرة بذلك حجر الأساس وينبوع الرَّفدِ الأولِ والأهم، ثم يَنتقل بعد ذلك لِصقلِ بنائه وذاته خلال مَرحلةِ المدرسةِ التي تَدعم بناءَه الاجتماعيّ والنفسي، ليبدأ اختلاطه في المُجتمعِ يَعظم ويتوسَّعُ أوّلاً بأوّل، ليصنعَ روابطهُ المكانيَّةِ المتعلِّقةِ بالسَّكنِ والحي، ودعائمه السلوكية والاجتماعية المتمثِّلةِ بمجتمع الرفاق وتكوين الأصدقاء، وتتسبَّبُ هذه الدوائر بتشكيلِ سلوك الاعتداء عند الفردِ لأسبابٍ عديدة منها:
- تفكُّك الأسرةِ وضعفِ روابطها، وضعفُ المُتابعة الأسريَّة لسلوك الأفراد، وتردِّي الوضع الاقتصادي للأسرة.
- غيابُ دورِ الموجِّهِ والمرشد، واقتصارُ الدَّورِ على اللومِ المستمر.
- غيابُ القدوةِ الحسنة، وانعدامُ الثقةِ بالمربّين والمُعلّمين.
- طبيعةُ المُجتمع المدرسيِّ، وضعف إمكاناتِه الماديَّةِ وتجهيزاتِه.
- تركيبةُ الحيِّ المُحيط بمنطقة السَّكن؛ إذ تتميَّزُ الأحياءُ عادةً بظهورِ الطبقيَّةِ، والازدحام، والعشوائيَّة، وغيرها.
- التسرُّبُ من المدرسة، والفشل في مُسايرة الرِّفاقِ، ونشوءُ الخلافاتِ بينهم.
تأثير وسائل الاتصال
يبرز دور الإعلام في تنمية ظاهرة الاعتداء وتفشيها نتيجة الظهور المتكرر لمشاهد الاعتداء بأنواعه وترويجها عبر البرامج التلفزيونية والأعمال السينيمائية كنوع من الإثارة والتسلية، لتظهر انعكاسات هذه المشاهد في شخصيات المراهقين وسلوكاتهم؛ إذ تتشرب أفكارهم مثل هذه المشاهد، وتصبح واقعًا في حياتهم العملية.