ما هو الاجتهاد وأهميته
في علم أصول الفقه، يُعرّف الاجتهاد بأنه استغراق الوسع في سبيل استنباط حكم شرعي من مصادره المعتبرة. يعتبر الاجتهاد فرض كفاية على القادرين عليه، إذ قال الله تعالى في كتابه الكريم: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ). هذه الآية تحث على البحث والسؤال لأجل فهم الدين بشكل صحيح. فالشخص المؤهل للاجتهاد يستطيع الوصول إلى الحق بنفسه، ولكن هذا لا يتحقق إلا بالإلمام الواسع بالعلوم الشرعية، والتبحر في النصوص وأصولها. يجب على المجتهد أن يكون حذراً وملماً بالقواعد الأصولية حتى لا يقع في مخالفات شرعية.
ليس من اللائق للطلاب الذين لم يكتسبوا إلا القليل من العلم أن يتصدروا للاجتهاد، لأن ذلك قد يؤدي إلى أخطاء فادحة، مثل العمل بأحاديث عامة مع وجود مخصص لها، أو العمل بأحاديث منسوخة دون علم بالنسخ، أو مخالفة إجماع العلماء دون علم بهذا الإجماع. تجدر الإشارة إلى أن الاجتهاد قد يكون جزئياً، حيث يكون العالم مجتهداً في مسألة معينة أو في باب من أبواب العلم.
المتطلبات الأساسية للاجتهاد
تباينت آراء العلماء حول الشروط اللازمة للاجتهاد، حيث تشدد البعض وخفف البعض الآخر. هناك شروط لقبول الاجتهاد وأخرى لصحته. فيما يلي عرض لأهم هذه الشروط:
شروط القبول في الاجتهاد
هناك ثلاثة شروط أساسية يجب توافرها فيمن يتصدى للاجتهاد، وبدونها لا يقبل اجتهاده:
- الإسلام: لا يقبل الاجتهاد من غير المسلم، لأن الاجتهاد نوع من العبادة، والإسلام شرط أساسي لصحة العبادات.
- التكليف: يجب أن يكون المجتهد بالغاً عاقلاً لكي يتمكن من فهم النصوص واستنباط الأحكام منها بشكل صحيح.
- العدالة: لا يقبل قول الفاسق، ولا يؤخذ بفتواه.
شروط الصحة في الاجتهاد
هي مجموعة من العوامل التي يجب توافرها في المجتهد حتى تتكون لديه القدرة الفقهية والفهم السليم، مما يمكنه من الاستنباط بطريقة صحيحة:
- المعرفة بكتاب الله تعالى: الإلمام بآيات القرآن الكريم، وتفسيرها، وأسباب نزولها.
- المعرفة بالسنة النبوية: الإلمام بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، ودلالاتها، وأحوال الرواة.
- المعرفة باللغة العربية وقواعدها: فهم اللغة العربية الفصيحة وقواعدها النحوية والصرفية والبلاغية.
- المعرفة بأصول الفقه: الإلمام بقواعد أصول الفقه التي تعتبر أساس الاجتهاد.
- المعرفة بمقاصد الشريعة: فهم مقاصد الشريعة الإسلامية وأهدافها العامة.
- الدراية بمواقع إجماع العلماء: معرفة المسائل التي أجمع عليها العلماء، وتجنب مخالفتها.
- الدراية بأحوال العصر وظروفه ومجتمعاته: فهم الواقع المعاصر والتغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية.
أصناف المجتهدين
ينقسم المجتهدون إلى عدة أصناف، منها:
- المجتهد المطلق: هو العالم المتبحر في القرآن الكريم والسنة النبوية وأقوال الصحابة رضي الله عنهم، والذي يجتهد في أحكام النوازل قاصداً موافقة الأدلة الشرعية حيث كانت.
- مجتهد مقيد بمذهب إمامه: هو المجتهد في معرفة فتاوى المذهب وأقواله وأصوله ومآخذه، مما يمكنه من التخريج عليها دون أن يكون مقلداً لإمامه لا في الحكم ولا في الدليل، بل مقلداً له في الاجتهاد والفتيا.
- مجتهد مقيد في مذهب من انتسب إليه: هو المتقن للمذهب في فتاويه والعالم بها، والمقر لها بالدليل، ولا يتعدى أو يخالف أقوال وفتاوى مذهبه، وإذا وجد نصاً لإمامه لم يعدل عنه إلى غيره البتة، فقد اكتفى بنصوص إمامه عن استنباط الأحكام بنفسه واستخراجها من النصوص.
- مجتهد في مذهب من انتسب إليه: هو الذي يحفظ فتاوى إمامه، ويقلده تقليداً محضاً، وليس لديه إلا التقليد المذموم لأقوال إمامه.
المراجع
- القرآن الكريم، سورة النحل، آية: 43.
- موقع إسلام سؤال وجواب، “حكم الاجتهاد في الإسلام وشروط المجتهد”، تاريخ النشر: 2008/06/03.
- مكتبة إسلام ويب، “شروط الاجتهاد”.
- موقع الألوكة، إيمان بنت محمد القثامي، “من هو المجتهد ، وأنواع المجتهدين”، تاريخ النشر: 2014/06/03.