البدايات اللغوية في الهند القديمة
حظيت اللغة بمكانة مرموقة لدى الهنود القدماء، مما أدى إلى ازدهار الدراسات اللغوية لديهم، خاصةً في مجال الأصوات اللغوية. انصبّ اهتمامهم على دراسة النصوص الدينية، وعلى رأسها كتاب “الفيدا” المقدس، الذي ظهر حوالي عام 1200-1000 قبل الميلاد.
تجدر الإشارة إلى أن كتاب “الفيدا” كُتب باللغة السنسكريتية، التي كانت تعتبر لغة الدين والأدب في الهند القديمة. وقد حافظت هذه اللغة على أقدم الملاحم الهندية، مثل “الماها بهاراتا” و “رامايانا”. لم تقتصر أهمية اللغة السنسكريتية على الدراسات اللغوية فحسب، بل كانت إلى جانبها لغة “براكريت” أيضًا حاضرة في المشهد اللغوي.
علاوة على ذلك، اهتم الهنود بالعلاقة التعسفية بين مكونات العلامة اللغوية، وأهمية السياق، ودراسة الحقيقة والمجاز في الفكر اللغوي. كما عالجوا العديد من القضايا التي شغلت بال اللغويين، مثل العلاقة بين اللغة ومحاكاة الطبيعة، وأثر العوامل الاجتماعية، بالإضافة إلى تحديد معاني الكلمات.
علم النحو عند الهنود
احتل علم النحو مكانة خاصة في تاريخ الهند، حيث كان يُعتبر من أقدس العلوم لديهم. إذ كان هناك اعتقاد سائد بأن “الماء هو أقدس شيء على وجه الأرض، والكتب المقدسة أكثر قداسة من الماء، ولكن النحو أكثر قداسة من الكتب المقدسة.” يُعتبر كتاب “المثمن” لبانيني أشهر مؤلف في النحو الهندي.
أُطلق على الكتاب اسم “المثمن” لأنه يتألف من ثمانية فصول، يشتمل كل منها على قواعد نحوية بلغ عددها 4000 قاعدة. تُعتبر هذه القواعد كنزًا ثمينًا في تاريخ الفكر اللغوي وعلم النحو. من بين أهم القضايا التي تناولها بانيني في كتابه:
- الإبدال الصرفي.
- المشكلات الصوتية.
- الزوائد الأساسية.
- التصريف.
- قواعد تحديد الجنس والعدد.
شخصيات بارزة في الفكر اللغوي الهندي
ظهر العديد من العلماء البارزين في مجال الدراسات اللغوية في الهند، وقدموا إسهامات كبيرة في هذا المجال. من بين هؤلاء:
ياسكا
يُعتبر ياسكا مؤسس علم الاشتقاق في الهند. ألف العديد من الكتب، بما في ذلك كتاب معروف باسم Nirukta (أي التفسير)، وكتاب Nigranthu (أي المجموعة المرتبة). هذه الكتب ليست معاجم بالمعنى الحديث، ولكنها شروح للكلمات في اللغة السنسكريتية الهندية.
بانيني
اشتهر بانيني بذكائه وعبقريته وريادته في مجال الدراسات اللغوية. يعتبر من أبرز الشخصيات في الفكر اللغوي في الهند. بانيني هو اسم العائلة، وليس الاسم الشخصي. عُرف له اسمان آخران هما: ahika و salanki. يعود نسبه إلى بلدة تسمى Salaturiya، وهي بلدة تقع في غرب الهند، حيث وُلد وعاش.
تاريخ اللسانيات في اليونان القديمة
بدأ الفكر اللغوي في التبلور لدى اليونانيين في القرن السادس قبل الميلاد. اهتم اليونانيون بعلم النحو في إطار الدراسات اللغوية بشكل كبير، وأتقنوا فنون الكتابة والكلام النحوي. كما اهتموا بنظرية العقل والمنطق في النحو واللغة، واعتبروا النحو جزءًا أساسيًا من الفكر اللغوي والفلسفة.
أعلام اللسانيات في الحضارة اليونانية
من أبرز الشخصيات في مجال الدراسات اللغوية في اليونان:
أفلاطون
يُعتبر أفلاطون أول من تحدث عن النحو اليوناني، وميز بين الأفعال والأسماء في النحو. درس النحو اليوناني والتداخل اللغوي، وتناول قواعد درس الافتراض اللغوي والتداخل اللغوي. كما درس أفلاطون العلاقة بين التداخل اللغوي ووجود أصل أجنبي للعديد من المفردات اليونانية، وعمل على تقسيم الجملة إلى اسمية وفعلية.
أرسطو
كان أرسطو تلميذًا لأفلاطون، ولكنه خالف أستاذه في العديد من القضايا، مثل النظرة الفلسفية وأصل اللغة وطبيعة اللغة. عمل أرسطو على تقسيم الكلام إلى فعل واسم، وأضاف إلى ذلك السند السموي أو ما يُدعى بالرابطة.
المراجع
- محاضرات، تاريخ الفكر اللساني، صفحة 1.
- محاضرات، كتاب تاريخ الفكر اللساني، صفحة 2.
- أحمد مختار عمر، كتاب البحث اللغوي عند الهند واثره على اللغويين، صفحة 29_30.
- أحمد مختار عمر، كتاب البحث اللغوي عند الهند، صفحة 33.
- سيدي موسى، كتاب اللسانيات عند اليونان، صفحة 3-4.
- سيدي موسى، كتاب اللسانيات عند اليونان، صفحة 3_4.