خواطر جلال الدين الرومي حول الموت والفناء

نظرة عميقة في فلسفة جلال الدين الرومي عن الموت والحياة، وكيف يفسر رحلة الروح وواقع الوجود.

فهرس المحتويات

الموضوع الرابط
أفكار الرومي حول الموت الفقرة الأولى
الحبّ عند الرومي وعلاقته بالموت الفقرة الثانية
الموتُ: ولادةٌ جديدةٌ الفقرة الثالثة
تأملات الرومي في الفراق الفقرة الرابعة
نصائح الرومي في مواجهة الموت الفقرة الخامسة

أفكار الرومي حول الموت: رحلة الروح

يُعدّ جلال الدين الرومي من أبرز الشعراء والفلاسفة الصوفيين، وقد ترك إرثاً غنياً من الأفكار حول الموت والحياة. من أشهر أقواله عن الموت قوله: [١] “كل نفس ذائقة الموت، إلا أنّ الحياة لا تتذوقها كل الأنفس”. فهذه المقولة تُلقي الضوء على حقيقة الموت كجزء لا يتجزأ من دورة الحياة، لكنها تُشدّد على اختلاف تجربة الحياة نفسها بين الأفراد.

يُضيف الرومي بعداً آخر لفهم الموت، قائلاً: “السلام عَلى الضاحكين وفي قلوبهم سنيِن بُكاء، أولئك الذين قرّروا العيش ولَم تُحالفهم الحياة بعد”. هنا يُشير إلى التناقض الظاهري بين السعادة والوجع، وكيف أن البعض يُخفي ألمًا عميقاً خلف ابتسامة ظاهرة.

كما يصف الرومي محدودية الكلام في التعبير عن مشاعرنا، بقوله: “ليس كل ما في القلب قابلٌ للبوح ، هناك ما يولد ويموت ولا يُفصح عنه”.

الحبّ عند الرومي: ماء الحياة الخالد

يرى الرومي أن الحبّ هو جوهر الحياة، وأن الحياة بدون حبّ لا قيمة لها. يقول: “ﺍﻟﻌﻤﺮ ﺍﻟﺬي ﻣﺮّ ﺑﻠﺎ ﻋﺸﻖ ﻛﺄﻧّﻪ ﻟﻢ يكن، ﻓﺎﻟﻌﺸﻖ ﻣﺎﺀ ﺍﻟﺤﻴﺎة، ﺗﻘﺒّﻠﻪ ﺑﻘﻠﺒﻚ ﻭﺭﻭﺣﻚ، وﻛﻞ ﻣن لا يعشقون ﺍﻋﺘﺒﺮﻫﻢ أﺳﻤﺎﻛﺎ ﺧﺮﺟﺖ ﻣن ﺍﻟﻤﺎﺀ، ﺍﻋﺘﺒﺮﻫﻢ ﻣﻮﺗﻰ ﺫﺍﺑﻠﻴﻦ، ﺣﺘﻰ ﻭإﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ملوكا”. يشبّه الرومي الذين يفتقرون للحبّ بأسماك خارج الماء، ميتة رغم ما تملكه من ثروة وسلطة.

يُبرز الرومي قدرة الحبّ على تحويل الواقع المرير إلى حلو، بقوله: “إن الحب هو الذي يحول المر حلوًا، والتراب تبرًا، والكدر صفاء، واﻷلم شفاء، والسجن روضة، وهو الذي يلين الحديد و يذيب الحجر، ويبعث الميت وينفخ فيه الحياة”.

الموت: بدايةٌ جديدةٌ للروح

يُعتبر الرومي الموت ولادةً جديدةً للروح، حيث يتحرر الإنسان من قيود الجسد. يقول مخاطباً الطيور: “أيتها الطيور، وأنتم الآن منفصلون عن أقفاصكم، أظهروا وجوهكم وقولوا: أين نبتم ، ويا من ولدتم عندما وصلتم إلى الموت ، هذا هو الميلاد الثاني، ألا فلتولدوا فلتولدوا”. ويُضيف: “حياة العاشقين في الموت ، ولن تملك قلب الحبيب إلاّ بفقدان قلبك”.

ويرى الرومي أن الأرض ليست مجرد تراب، بل هي “طست من الدم، من دماء العاشقين وجراح موت العظام”، مشيراً إلى أن الحبّ والعاطفة قد ساهمت في تشكيل واقعنا.

تأملات الرومي في الفراق: وداعٌ للبصر، وليس للقلب

يُعبر الرومي عن رؤيته للفراق بقوله: “في يوم وفاتي عندما يسيرون بنعشي لا تظن أني متألم لفراق هذا العالم، فلا تبك من أجلي ولا تقل وا أسفاه وا أسفاه، فوقوعك في مخيض الشيطان مدعاة للأسف، وعندما ترى نعشي لا تصرخ:الفراق، فوصالي هو في هذا الزمان ولقائي، وحين أودع القبر لا تقل الوداع، فالقبر هو حجاب على مجمع الجنان”.

ويوضح الرومي أن الوداع الحقيقي لا يقع إلاّ لمن يُحبّ بعينيه فقط، أما من يُحبّ بروحه وقَلبه، فلا انفصال أبداً: “الوداع لا يقع إلا لمن يعشق بعينيه أما ذاك الذي يحب بروحه وقلبه فلا ثمة انفصال أبدا”.

نصائح الرومي في مواجهة الموت: الحبّ والرحمة

يُقدم الرومي نصائح قيّمة للمرء في رحلته في الحياة، مُشدّداً على أهمية الحبّ والرحمة، وكيف أن الحرص على عدم إيذاء الآخرين يُعدّ أمرًا بالغ الأهمية. يقول: “أتريد أن تدخل إلى الفردوس؟ تحتاج إلى رحمة الله لتسير على الصراط المستقيم، جميعنا نواجه الموت في النهاية، لكن كن حريصًا وأنت على الطريق إياك أن تؤذي قلب بشر”.

يُنصح الرومي بالتغلّب على الخوف من الموت، وأن يستمتع بكل لحظة من حياته، قائلاً: “لا تدع حلقك يضيق بالخوف كلَّ نهار وكلَّ ليلةٍ، خذْ رشفات أنفاس قبل أن يغلقَ الموت فمك”.

كما يُشدّد على أهمية غرس بذور المحبة في هذه الحياة القصيرة، قائلاً: “إن هذه الحياة أقصر من شهقة وزفيرها، فلا تغرس بها سوى بذور المحبة. إن المحبة في القلوب حياتها .. وجميع من جهلوا الهوى أموات”. و يُختم بتعبير جميل عن رغبته في الموت في عشقٍ كامل، قائلاً: “هكذا أود أن أموتَ في العشق الذي أكنه لك، كقطع سحب تذوب في ضوء الشمس”.

المراجع

  1. مختارات من أقوال جلال الدين الرومي. [تاريخ الوصول: 2024-10-27]
  2. أهم أقوال جلال الدين الرومي. [تاريخ الوصول: 2024-10-27]
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

حِكَم جلال الدين الرومي: رحلة في النفس والحب والإيمان والحياة

المقال التالي

أفكار جمال الدين الأفغاني: رؤى ثاقبة في الدين والأمة والحرية

مقالات مشابهة