مقتطفات من حياة نزار قباني: رؤى شعرية
المحتويات | |
---|---|
الحبّ والثورة عند نزار | |
الشعر والحياة: فلسفة شاعرية | |
وطنية وشجن: خواطر في الهوية | |
تأملات في الكتابة والإلهام |
الحبّ والثورة عند نزار
يُبرز شعر نزار قباني تناقضاً ساحراً بين الحبّ والثورة، فالحبّ عنده ليس مجرد شعور، بل هو قوة دافعة، قوة مُلهمة قادرة على تغيير العالم. يُعبّر عن هذا التناقض في أبياته الشهيرة: “الحبُ في الأرض بعضٌ من تَخَيُّلِنا.. إن لم نجده عليها لاخترعناهُ”. كذلك، تتجلى الثورة في شعره كأمر شامل أو لا يكون، كما يقول: “الثورة عندي إما أن تكون شاملة كل الشمول.. أو لا تكون”. فهو لا يرى حلولاً وسطى في هذا السياق. يضيف إلى ذلك رؤيته العميقة عن المرأة، حيث يصفها في كلمات مؤثرة: “يا امرأة تمسك القلب بين يديها سألتك بالله لا تتركيني فماذا أكون أنا إن لم تكوني”.
الشعر والحياة: فلسفة شاعرية
يرى نزار قباني أن الشعر ليس مجرد كلمات منظمة، بل هو وسيلة للتعبير عن أعماق النفس الإنسانية، وعن معاناة الكاتب وتجاربه. يقول: “فالتجربة إذن شرط أساسي من شروط الكتابة، والكاتب الذي لا يعاني، لا يستطيع أن ينقل معاناته للآخرين”. كما يؤكد على أن عظمة الشاعر تكمن في قدرته على إحداث الدهشة، وأن الشعر هو “أن تأتي بغير المتوقع”. ويُضيف رأيه حول أهمية الثقافة: “الثقافة التي تخاف على نفسها من هجمة قط الجيران.. ثقافة فئران”. يعتبر نزار أن الكلمات قد تفقد قوتها عند النطق بها، موضحاً ذلك بقوله: “كلماتنا في الحب تقتل حبنا.. إن الحروف تموت حين تقالُ”.
وطنية وشجن: خواطر في الهوية
لم يتوانَ نزار عن التعبير عن مشاعره تجاه وطنه وقضيته، مُندداً بما يُعانيه شعبه. يقول: “قاتلوا عنا إلى أن قتلوا.. وبقينا في مقاهينا كبصاق المحارة”. كما يُعبّر عن ألمه بسبب ما تعرّضت له العروبة من مآسٍ، قائلاً: “طعنوا العروبةَ في الظلام بخنجرٍ فإذا هُمُ.. بين اليهودِ يهودُ”. ولكن ألمه يتجاوز ذلك ليصل إلى أعمق مستويات الإنسانية، حيث يُشير إلى معاناة الإنسان في وطنه بقوله: “لا يعرف الإنسان كيف يعيش في هذا الوطن.. لا يعرف الإنسان كيف يموت في هذا الوطن”.
تأملات في الكتابة والإلهام
يُظهر نزار قباني في شعره مدى تأثّره باللغة وبعجزها أحياناً عن التعبير الكامل عن مشاعره، كما يقول: “أكثرُ ما يعذِّبني في اللغة.. أنّها لا تكفيكِ وأكثرُ ما يضايقني في الكتابة أنها لا تكتُبُكِ”. كما يصف شعوره بالعجز أمام قدره المُحدّد، مُعبّراً عن ذلك في قوله: “وكيف أهرب منه.. إنه قدري هل يملك النهر تغييرا لمجراه”. وتتجلى عمق رؤيته في كلماته: “فيه مزايا الأنبياء، وفيه كفر الكافرين وداعة الأطفال فيه.. وقسوة المتوحشين”. يُعبّر عن تجاربه الحياتية بأسلوب فلسفي عميق متأمل، مُظهرًا براعة كبيرة في وصف المشاعر والأحاسيس.