خطورة الفتوى بدون معرفة

استكشاف خطورة إصدار الفتاوى الشرعية دون علم كافٍ، وأثر ذلك على الفرد والمجتمع، وأهمية طلب العلم الشرعي.

مخاطر إصدار الفتاوى بغير علم

إن الفتوى تمثل توضيحًا لأحكام الله تعالى في مختلف الظروف والأحداث. عندما يصدر شخص فتوى، فإنه يقدم تفسيرًا للشريعة الإسلامية، وقد يتبعه الآخرون بناءً على هذا التفسير. لذلك، فإن إصدار الفتوى بدون علم كافٍ ينطوي على خطرين عظيمين:

  1. الجرأة على الله والقول بغير علم:

    قال الله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾.

    الشخص الذي يفتي بغير علم يتحدث عن الله بغير معرفة، وقد جعل الله هذا الفعل قريبًا من الشرك به، مما يدل على خطورته. فالله تعالى حذر بشدة من الكذب عليه في أحكامه وشرعه.

  2. تضليل الناس وإغواؤهم:

    قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ﴿إن الله لا يقبض العِلم انتِزاعًا ينتزعه مِن العباد، ولكن يقبض العِلم بقَبض العلماء، حتى إذا لم يُبْقِ عالِمًا اتخذ الناسُ رُؤوسًا جُهَّالًا، فسُئِلُوا فأفتوا بغير عِلم، فضَلُّوا وأَضَلُّوا﴾.

    الشخص الذي يفتي بغير علم يضل عن الحق ويضل الآخرين الذين يتبعون فتواه.

بالإضافة إلى ذلك، يتحمل المفتي بغير علم أوزار من يعملون بفتواه، كما قال تعالى: ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۙ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾. ومن يفتي برأيه مخالفًا الكتاب والسنة، فإنه يفعل ما يغضب الله ورسوله، ويعرض نفسه لغضب الله وعقابه الشديد.

ما المقصود بالفتوى؟

الفتوى هي إجابة المفتي على سؤال السائل، وهي في جوهرها تبليغ عن الله تعالى وإخبار بما شرعه لعباده من أحكام. أول من أفتى هو النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وكانت فتاواه تتضمن جوامع الكلم. ثم قام الصحابة الكرام بالإفتاء بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-. يجب أن يكون المفتي مؤهلاً لذلك ومجتهدًا في العلم، أو مقلدًا لمذهب معين.

أهمية طلب العلم الشرعي

طلب العلم فرض كفاية، ويتحقق هذا الفرض عندما يتعلم المسلم ما يحتاجه من أحكام العبادات والمعاملات التي يمارسها في حياته. وما زاد عن ذلك فهو فرض كفاية. طلب العلم من أفضل الأعمال، لأنه يمنع الفتوى بالهوى وبغير علم، والتي تؤدي إلى ظهور البدع والجهل والجدل بين الناس.

هناك ثلاثة أسباب تجعل طلب العلم ضروريًا للمسلمين:

  1. انتشار البدع وظهور أضرارها.
  2. انتشار الفتوى بغير علم. وهذا يستدعي ضرورة طلب العلم والحرص عليه. المسلم يحتاج إلى أهل العلم الراسخين الذين لديهم سعة اطلاع وفقه في الدين وحكمة في توجيه الناس، لكي يبينوا له أمور دينه ودنياه.
  3. انتشار الجدل في كثير من مسائل العلم. حتى تلك المسائل الواضحة لأهل العلم.

المصادر والمراجع

  1. محمد صالح المنجد، موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 615.
  2. سورة الأعراف، آية:33
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:100، صحيح.
  4. سورة النحل، آية:25
  5. حمود بن عبدالله التويجري، تغليظ الملام على المتسرعين إلى الفتيا وتسريع الأحكام، صفحة 36.
  6. عبدالكريم زيدان، أصول الدعوة، صفحة 161.
  7. ابن عثيمين، العلم للعثيمين، صفحة 18.
Total
0
Shares
المقال السابق

نظرة في الإعجاز الرقمي بالقرآن الكريم

المقال التالي

أحكام الصيام للمبتعثين أثناء السفر في رمضان

مقالات مشابهة