فهرس المحتويات
الباب | العنوان |
---|---|
الكشف عن الذات: رحلة الروح الداخلية | مقولة جلال الدين الرومي عن النفس |
سحر الحب: أقوال في العشق والمعنى | مقولة جلال الدين الرومي عن الحب |
نور الإيمان: التواصل مع الخالق | مقولة جلال الدين الرومي عن الإيمان |
حكمة الحياة: تأملات في الوجود | مقولة جلال الدين الرومي عن الحياة |
الكشف عن الذات: رحلة الروح الداخلية
من خلال أقواله، يوجهنا جلال الدين الرومي في رحلة عميقة نحو فهم الذات. يقول:
كنت أسمع اسمي ولا أرى نفسي، كنت منشغلًا بنفسي، لكني أبدًا لم أكن مستحقًا لها، وحين كان وخرجت من نفسي .. وجدت نفسي. ماذا عنك؟ متى ستبدأُ هذه الرحلة الطويلة إلى نفسك؟
رحلة الكشف عن الذات ليست سهلة؛ فهي، بحسب الرومي، كـ”مُكابَدَتُكَ لِنَفسِكَ حربٌ لا نهايةَ لها”. إنَّ التعلق بالمديح الزائف قد يُضلّ الطريق، فـ”النفس من كثرة المديح تتحول إلى فرعون”.
يحثّنا الرومي على التّأمل الداخلي: “أيّها البشر الأتقياء التائهون في هذا العالم، لِم هذا التيه من أجل معشوق واحد، ما تبحثون عنه في هذا العالم ابحثوا عنه في دخائلكم، فما أنتم سوى ذلك المعشوق”. إنّ جوهر السعي يكمن في داخلنا، فـ”ما تبحث عنه يبحث عنك”.
يُضيف الرومي نصيحةً عميقة حول قبول التغيير: “لا تنزعج إذا انقلبت حياتك رأسًا على عقب، فكيف تعرف أن الجانب الذي اعتدت عليه، أفضل من ذلك الجانب الذي سوف يأتي”. يُشدّد على جوهر الوجود، قائلاً: “إن تكن تبحث عن مسكن الروح، فأنت روح، وإن تكن تفتش عن قطعة خبز، فأنت الخبز، وأن تستطيع إدراك هذه الفكرة الدقيقة فسوف تفهم أن كل ما تبحث عنه هو أنت”.
ويختم الرومي هذه الفكرة بوصفٍ شاعرٍ عن الإنسان قائلاً: “يا أخي أنت مجرد فكرة، وما بقي منك عظام وجلد”. إنّ تقييدنا بالحواسّ المادية قد يُعيق فهمنا للواقع الحقيقي، “ربما تكون الأذنان هما القطنتان اللتان تحجبانك عن السمع”. ويُضيف: “يُمْكِنُ لي أن أنقسم عن أي واحد، عدا من يحتويني ضِمنهُ”.
ويُذكّرنا بضرورة تقبّل الصعاب: “لا تجزع من جرحك، وإلا فكيف للنور أن يتسلل إلى باطنك”. فالقلب هو الجوهر، والقول مجرد عرض، “القلب جوهر، والقول عرَض، القول زائل والقلب هو الغرض”. ويختم بمقولةٍ عن الاستماع لصوت الروح: “دع روحك تجذبكَ بصمتٍ إلى ما تحبه، حقًا إنها لن تضللك أبدًا”.
ويُنبهنا الرومي على ضرورة الفهم الذاتي بقوله: “لعلَّ الْكثِير من العيُوب الَّتي أَمْضيت وقْتك ملاحظًا إيَّاها فِي الآخرِين ما هِي إلاَّ انعكاسٌ لحَالِك أنت”. وهنا يصف علاقتنا بالكون، قائلاً: “لستَ قطرةَ ماءٍ في محيط بل أنت محيطٌ بأكمله في قطرة ماءٍ واحدة”.
ويُنهي هذا الباب بتأملاتٍ عن النوم: “عند النوم، تعودُ أحاسيسُ الناسِ منالغربةِإلى موطنها” ودعوةٍ للاستماع لصوتٍ أعلى من الكلام: “ثمة صوتٌ لا يستخدم الكلمات، أنصِتْ إليه”.
سحر الحب: أقوال في العشق والمعنى
يتحدث جلال الدين الرومي عن الحبّ بشاعريةٍ عميقة، فالحبّ عنده ليس مجرد مشاعر عابرة، بل هو رحلةٌ إلى أعماق الروح. يقول:
لا يهدأ قلب العاشق قط ما لم يبادله المحبوب الوله، وحين يشع نور الحب في القلب فذاك يعني أن هناك إحساسًا بالحب في القلب الآخر.
ويُضيف: “والجميل يجذب الجميل، إن شئت فاقرأ الطيبات للطيبين”. ولكنّه يُحذّر من حبٍّ سطحيّ: “الحب الذي لا يهتم إلا بالجمال الجسدي ليس حبًّا حقيقيًّا”.
ويشرح الرومي طبيعة السعي وراء الحبّ: “منْ يريدُالقمرلا يتجنَّب اللّيل، من يرغبُ في الوَرد لا يخْشى أشْواكه، ومَن يسعى إِلى الحبّ لا يهرب من ذاتِه”. ويُؤكّد أنّ الحبّ ليس حكرًا على البعض، فـ”ليس لكل أحد أن يكون محبوبًا؛ لأن المحبوب يحتاج إلى صفات وفضائل، لا يرزقها كل إنسان، ولكن لكل أحد أن يأخذ نصيبه في الحب وينعم به، فإذا فاتك أيها القارئ العزيز أن تكون محبوبًا، فلا يفتك يا عزيزي أن تكون محبًّا، إن لم يكن من حظك أن تكون يوسف، فمن يمنعك من أن تكون يعقوب، وما الذي يحول بينك وبين أن تكون صادق الحبّ دائم الحنين”.
ويُعبّر عن عمق العشق بقوله: “وفي بحر العشق ذبت كالملح لم يبق كفر ولا إيمان، شك ولا يقين، يشعّ في قلبي كوكب، تختبئ فيه السبع سماوات”. إنّ العاشق، بحسب الرومي، لا يعرف اليأس أبدًا: “فالعاشق لا يعرفاليأسأبدًا، وللقلب المغرم كل الأشياء ممكنة”.
ويُنصح الرومي بعدم البحث عن الحبّ، بل عن إزالة الحواجز: “مهمتك هي عدم السعي وراء الحب، بل أن تسعى وتجد كل الحواجز التي كنت قد بنيت بينك وبينه”. ويُبيّن أنّ ثمن الوصال هو الروح: “قلتُ: أشتهي وصلك قال: ثمن الوصال ما هو إلا روحك فهتف قلبي: ربح البيع إذًا”.
ويُعرّف العشق بقوله: “العشق هو تلك الشعلة التي عندما اشتعلت أحرقت كل شيء ما عدا المعشوق، وأنت بسبب شوكة واحدة تفر من العشق، فماذا تعرف أنت عن العشق ما خلا الاسم؟”. ويُختم هذا الباب بقوله عن الوداع: “الوداعلا يقع إلا لمن يعشق بعينيه، أما ذاك الذي يحبّ بروحه وقلبه فلا ثمة انفصال أبدًا”.
نور الإيمان: التواصل مع الخالق
يُعبّر جلال الدين الرومي عن إيمانه بالله -عز وجل- بأسلوبٍ روحانيّ عميق. يقول:
لا حلّ إلا أن تكون لله عبدًا.
ويُشير إلى أهمية الإيمان بالغيب: “بدون الإيمان بالغيب تغلق على نفسك كوة الدار”. ويُربط بين نور القلب ونور الله: “والنور الذي في العين ليس إلا أثرًا من نور القلب، وأما النور الذي في القلب فهو من نور الله”.
ويُؤكد أنّ الطهارة ليست شرطًا للتقرب إلى الله: “لم يَكُن أبدًا من شروط السير إلى الله أن تكون في حالة طُهرٍ ملائكية، سِر إليه بأثقالِ طينك؛ فهو يحبُ قدومك عليه ولو حَبوًا”. ويُعبّر عن شوقه للاتصال بالله بقوله: “إلهي، خذ روحي إلى ذلك المكان الذي يمكن فيه أن أتحدث فيه بِدونِ كلمات”.
ويصف تجربته الروحية: “بدأت أتعب من المخلوقات، أريدُ جمال الخالق، لكن حين أتطلع هناك، أرى نفسي، وحين أتطلع إلى نفسي، أرى ذلك الجمال”. ويُدعو الله أن يحميه من إغواء نفسه: “يا سيدي لا تسلمني إلى إغواء النفس، لا تتركني مع أيّ سواك؛ لخوفي مني أسرع إليك أنا منك فأعدني إلي”.
ويُعبّر عن امتلائه بالله: “ممتلئ بك جلدًا دمًا وعظامًا وعقلًا وروحًا، لا مكان لنقص رجاء أو للرجاء، ليس بهذا الوجود إلاك”. ويُشير إلى دور الله في إيقاظنا: “من جمال الحياة أن الله يبعث في طريقك ما يوقظك بين الحين والآخر، أنت الذي ظننت لوقت طويل أنك مستيقظ”.
ويُذكّرنا الرومي بأنّ حقيقتنا لا تُرى بالعين: “عيوننا ما تراك، لكنّ عُذرًا لنا: فالعيونُ ترى مَظهرًا لا حقيقة”. ويطرح سؤالاً حول الطاعة: “أيهما أصدق في الطاعة: من أطاع الملك في الغيب أم من أطاعه في الحضور”. ويُشبه طريقنا إلى الله بسلمٍ يجب تسلقُه: “وضع الله أمامنا سلَّمًا علينا أن نتسلقه درجةً إثر درجة، لديك قدمان فلِمَ التظاهر بالعرج”.
حكمة الحياة: تأملات في الوجود
يُقدم جلال الدين الرومي حكمةً عميقة حول الحياة والإنسان. يقول:
لربما أنك باحثٌ في الأغصانِ عمّا لا يَظَهَرُ إلا في الجُذُور.
ويُشبه الكمال باللهب الخالي من الدخان: “النار ليس لها دخان عندما تصبح لهبًا”. ويُشير إلى أنّ الخفي يُظهر نفسه من خلال ضده: “إن الأشياء الخفية تجعلها أضدادها مرئية”. ويُعرّف الأدب بأنه تحمل غير الأدب: “الأدبُ ليس إلا تحمُّل من لا أدبَ عنده”.
ويُقدّر رمضان بقوله: “رمضان، إنَّ كل صباح مِنه عيد وكل ليلةٍ منه قدر”. ويُعبّر عن تميّز اليوم بقوله: “ما لهذا النهار بشمسين في السماء، ليس كمثله نهار”. ويُضيف حول الغضب: “لا تحاول الاختباء بداخل غضب الجلاء لا يمكن أن يختبئ”.
ويُرمز لقميص يوسف كبشارة: “كان قميص يوسف بشرى الوصال حين ألقي على يعقوب”. ويُشبه الناي بالروح التي تشتاق لأصلها: “استمع إلى صوت الناي كيف يبث آلامالحنينيقول: مُذ قُطعت من الغاب وأنا أحنُ إلى أصلي”.
ويُعبّر عن حزنه: “أتيتك أيها الراقد منذ زمن في كبرياءٍ كالشمس، أشكي لك حزني، فهل تراك تسمعني؟”. ويُشير إلى تجربة روحية: “لا كاسات خمر هنا، لكن خمراً تدور، لا دخان، بل لهب، اسمعوا الأصوات خافقة، بما تنخر به الأنغام”.
ويُحذّر من الغضب والشهوة: “الغضبوالشهوة، يجعلان المرء أحوَلْ، ويحولان الروح عن طريق الاستقامة”. ويُشبه البكاء بالحياة: “كيف يضحك المرج إن لم يبك السحاب، وهل ينال الطفل اللبن بغير بكاء!”. ويُنصح بالبعد عن الوقاحة: “كلُّ من يُبدي الوقاحَةَ في الطريقِ، يَغرَقُ في وادي الحَيرة”.
ويُنهي هذا الباب بتأمل في البساطة: “لعل الأشياء البسيطة، هي أكثر الأشياء تميزًا ولكنْ، ليست كلُّ عينٍ ترى”.