مقدمة
يعتبر الانفصال بالتراضي، أو ما يعرف بالخلع، أحد أشكال إنهاء العلاقة الزوجية في الإسلام. يتم هذا النوع من الانفصال بموافقة الطرفين، وغالباً ما يكون مقابل تعويض مادي تقدمه الزوجة للزوج. يستعرض هذا المقال الحقوق المترتبة للزوجة بعد هذا النوع من الانفصال، وتأثيره على عقد الزواج، بالإضافة إلى استعراض مشروعيته في القرآن والسنة النبوية.
استحقاقات الزوجة بعد الطلاق بالتراضي
الخلع هو اتفاق بين الزوجين على إنهاء الزواج مقابل بدل مادي أو بدونه. يُشار إليه أحياناً بـ”الطلاق مقابل الإبراء” إذا كان البدل هو المهر المؤجل. يؤكد هذا النوع من الطلاق على أنه يتم بالاتفاق بين الطرفين وليس بقرار فردي من الزوج.
عندما تختار الزوجة الخلع، فإن العلاقة الزوجية تنتهي بشكل كامل، وينتج عن ذلك عدة أمور:
حق النفقة والإقامة
لا يسقط حق المرأة المطلقة خلعاً في النفقة والسكن إذا كانت حاملاً، إلا إذا تم الاتفاق بين الزوجين على خلاف ذلك، أي التنازل عن هذه الحقوق مقابل الخلع.
حق العودة إلى الزوج خلال فترة العدة
لا يحق للزوجة التي اختلعت زوجها أن تعود إليه خلال فترة العدة الشرعية إلا بعقد زواج جديد. والفرق هنا بين العدة في الطلاق العادي وعدة الفسخ لا يؤثر في الحكم.
ولا يجوز للزوجة الزواج من رجل آخر قبل انتهاء فترة العدة. ومع ذلك، يجوز للزوجين بعد الخلع أن يعودا إلى بعضهما قبل انتهاء العدة، وذلك بعقد ومهر جديدين، وبموافقة الطرفين.
والهدف من العدة هو التأكد من خلو رحم المرأة، وقطع أي شك في اختلاط الأنساب إذا تزوجت من آخر. أما إذا أرادت العودة إلى زوجها الذي خالعته خلال العدة، فلا مانع شرعاً؛ لانتفاء شبهة اختلاط الأنساب.
تأثير الخلع على استمرارية الزواج
يختلف العلماء في تحديد طبيعة الخلع، فيرى البعض أنه طلاق بائن بينونة صغرى، بينما يراه آخرون فسخاً لعقد الزواج. في كلا الحالتين، يترتب على الخلع انتهاء العلاقة الزوجية، ولا يمكن للزوجين العودة لبعضهما إلا بعقد زواج جديد ومهر جديد ورضا الطرفين.
إقرار الخلع في الشريعة الإسلامية
تستمد مشروعية الخلع من قول الله -تعالى- في القرآن الكريم: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّـهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾. (سورة البقرة، الآية 229).
تشير الآية إلى أن الخلع يكون مقبولاً إذا خيف من عدم التزام الزوجين بأحكام الله في حال استمرار الزواج، وبالتالي تلجأ الزوجة إلى دفع مال للزوج مقابل إنهاء عقد الزواج.
كما ورد في السنة النبوية ما يؤكد مشروعية الخلع، ومن ذلك قصة امرأة ثابت بن قيس كما رواها عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-:
“أنَّ امرأةَ ثابتِ بنِ قيسٍ أتتِ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، فقالَت: يا رسولَ اللَّهِ! ثابتُ بنُ قيسٍ، أما إنِّي ما أعيبُ عليهِ في خُلُقٍ ولا دينٍ، ولَكِنِّي أكْرَهُ الكُفرَ في الإسلامِ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: أتردِّينَ عليهِ حديقتَهُ؟ قالَت: نعَم قالَ رسولُ اللَّهِ: اقبَلِ الحديقةَ وطلِّقها تَطليقةً.” (رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:4951، صحيح).
المصادر
- كمال بن السيد سالم، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة.
- مجموعة مؤلفين، موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي.
- مجموعة كؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية.