حقوق الجار في الإسلام

تُبيّن هذه المقالة حقوق الجار في الإسلام، وتُسلط الضوء على أهمية صلة الرحم والتكافل الاجتماعي بين الجيران في بناء مجتمع متماسك.

فهرس المحتوى

حقوق الجار في الإسلام

أكد الإسلام على أهمية صلة الرحم والعيش بسلام وتكافل بين الجيران، وجعل لِـهُم حقوقاً شرعية على بعضهم البعض. عندما يلتزم المسلمون بهذه الحقوق، تَسود بينهم روح الألفة والمحبة والتسامح، التي تُميّز المجتمع المسلم عن غيره.

من أهم حقوق الجار في الإسلام:

  • كف الأذى عن الجار: يَجب على المسلم أن يُكفّ الأذى عن جاره، وأن يُدفع عنه أي شيء يُؤذيه. جاء في الحديث الشريف، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:(أنه قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فُلانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: هِيَ فِي النَّارِ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ فُلانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلاتِهَا وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالأَثْوَارِ مِنَ الأَقِطِ وَلا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: هِيَ فِي الْجَنَّةِ).[٢]
  • بذل المعروف: يبذل الجار لِـجاره المعروف، كأن يُهديه أو يُقدم له المساعدة. الإهداء إلى الجار وبذل المعروف يُوقع في قلب الجار أثراً عظيماً، تُقرِّب النفوس وتَزرع المحبّة وتُزيل الأحقاد.
  • محبّة الخير لجاره: من حق الجار عليه أن يحبه ويحب له الخير، وأن يبتعد عن حسده، فقد رُوي عن أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام قَالَ:(والذي نفسي بِيَدِه، لا يؤمِنُ عَبدٌ حتى يحِبَّ لِجارهِ- أو قال لأخيه- ما يحِبُّ لِنَفسِه).[٤]
  • مساعدة الجار مادياً: يُقدّم المسلم لِـجاره كلّ مساعدة ماديّة مُمكنة. فقد رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -عليه الصلاة والسلام:(لا يمنعُ أحدُكم جارَه أن يغرزَ خشبَه في جدارِه. قال: ثم يقولُ أبو هريرةَ: ما لي أراكم عنها معرضين؟ واللهِ! لأرمين بها بين أكتافِكم).[٥]
  • حفظ عورات الجار: على المسلم أن يحفظ عورات جاره، وألا يتتبع عوراته، ولا ما قد يكون من نقصٍ في بيته.
  • حفظ ماله وعرضه: لا يَخون الجار جاره، ولا يُؤذيه في أهله، فقد رُوي عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنّه قال:(سألتُ، أو سئلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: أيُّ الذنبِ عندَ اللهِ أكبرُ؟ قالَ: (أنْ تجعلَ للهِ ندًا وهوَ خَلَقَكَ) قلتُ: ثمَّ أيُّ؟ قالَ: (ثمَّ أنْ تقتُلَ ولدَكَ خِشيَةَ أنْ يطْعَمَ معكَ). قلتُ: ثم أيُّ؟ قالَ: (أنْ تُزانِيَ بحليلةِ جارِكَ). قالَ: ونزلَتْ هذهِ الآيةُ تصديقًا لقولِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ}).[٦]
  • المشاركة في الأفراح والأحزان: يُشارك الجار جاره في أحزانه وأفراحه، ويُواسيه في حال المصيبة بأنواعها، ويقف معه ويُسانده، ولا يكون مصدر إزعاجٍ وقلقٍ لجاره.

فضل الإحسان إلى الجار

أقرب الناس للإنسان وأكثرهم معرفةً به وبأحواله هم جيرانه. إنّ للجار حقاً عظيماً على جاره، ويُعدّ القيام بحق الجار من أوجب الواجبات ومن أكبر أسباب السعادة والراحة.

كان العرب في الجاهلية يتفاخرون بحسن الجوار، ورعاية حقوقه. ولما جاء الإسلام أكّد على حق الجار، قال تعالى:(اعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ)،[٨] فالله سبحانه وتعالى يوصي بالإحسان إلى الجار مهما كانت مكانته ومهما كانت درجة قربه.

أحاديث شريفة عن الإحسان إلى الجار

أوصى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالجار كما أوصاه الله به عن طريق الوحي، فقد روت السيدة عائشة -رضي الله عنهاـ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:(ما زالَ يوصيني جبريلُ بالجارِ حتَّى ظنَنتُ أنَّهُ سيورِّثُهُ).[٩]

ورُوي عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال:(مَن كان يُؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ فلْيُكرِمْ جارَهُ)،[١٠] ويدل هذا على فَضل إكرام الجار وحُسن معاملته، وأن إكرام الجار وحُسن معاملته صفاتٌ تَدُل على كمال الإيمان وتمامه.

طرق الإحسان إلى الجار

يستطيع المسلم أن يُحسن إلى جاره وأن يقدّم له كلّ ما هو جميل. ولإحسانه وجوه كثيرة، نذكر بعضاً منها:

  • زيارة الجار إذا مرض والاطمئنان عليه.
  • مشاركته أفراحه وأحزانه والوقوف إلى جانبه.
  • تفقد أحوال الجيران والسّؤال عنهم.
  • مساعدة الفقير منهم بالقدر الذّي يستطيع عليه المسلم، من صدقة أو دين أو هدية ما شابه.
  • كفّ الأذى عنه.
  • تذكيره بالله -تعالى- ودعوته لعمل الخير، وإن كان غير مسلم يدعوه إلى الاسلام بأسلوب لبق.

المراجع

  1. عابد بن عبد الله الثبيتي (20-10-2013)،”حقوق الجار”،طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 22-2-2017.
  2. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2560، صحيح.
  3. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2550، صحيح.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 45، صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1609، صحيح.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 4761، صحيح.
  7. أبتزين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب بن الحسن، السَلامي، البغدادي، ثم الدمشقي، الحنبلي (المتوفى: 795هـ) (1422هـ – 2001م)،جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم(الطبعة السابعة)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 345، جزء 1.
  8. سورة النساء، آية: 36.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 6014، صحيح.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي شريح العدوي الخزاعي الكعبي، الصفحة أو الرقم: 6019، صحيح.
  11. محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج، أبو عبد الله، شمس الدين المقدسي الرامينى ثم الصالحي الحنبلي (المتوفى: 763هـ)،الآداب الشرعية والمنح المرعية(الطبعة الأولى)، الرياض: عالم الكتب، صفحة 16، جزء 2.
  12. محمد الجوابي،المجتمع والأسرة في الإسلام، صفحة 75. بتصرّف.
Total
0
Shares
المقال السابق

حقوق الإنسان والطفل: ضمان كرامة الإنسان في جميع مراحل الحياة

المقال التالي

حقوق الطفل في الإسلام: ضمان مستقبل مشرق

مقالات مشابهة