حركة المعتزلة في العصر العباسي الزاهر

تعرف على نشأة المعتزلة في العصر العباسي الثاني وأهم مبادئهم ومعتقداتهم وتأثيرهم على الدولة العباسية. نظرة شاملة على هذه الحركة الفكرية الهامة.

الجذور التاريخية لتسمية المعتزلة

يعود تأسيس فكر المعتزلة إلى واصل بن عطاء، الذي اختلف مع أستاذه الحسن البصري حول مسألة “مرتكب الكبيرة”. بعد أن طرح واصل رأيه الخاص، غادر مجلس الحسن البصري ومعه مؤيدوه. فقال الحسن البصري عند مغادرته: “اعتزل عنا واصل فسمي وأصحابه المعتزلة”.

يرى بعض المؤرخين أن جذور المعتزلة تمتد إلى ما قبل ظهور واصل بن عطاء. ومع ذلك، فإن نشأة هذه الحركة الفكرية مرتبطة بالأحداث السياسية التي شهدها العصر الأموي، خاصة الخلاف حول الإمامة. يُنظر إلى الخلاف بين واصل بن عطاء والحسن البصري على أنه ذو طبيعة سياسية، بغض النظر عن مظهره الديني.

الأصول الفكرية للمعتزلة في الحقبة العباسية

تتميز المعتزلة بعدة أصول فكرية رئيسية، منها:

  • التوحيد: اعتقدوا بوحدة الذات الإلهية المطلقة، وأن الصفات ليست إلا جزءًا من الذات الإلهية.
  • العدل: يعتبر العدل من أهم مبادئ المعتزلة، حيث عملوا على تأسيس عقيدة عدالة الخالق ونفي الظلم عنه، وهو أمر مُسلّم به عند المسلمين.
  • الوعد والوعيد: الوعد هو كل خبر يتضمن إيصال نفع للغير، أما الوعيد فهو كل خبر يتضمن إيصال ضرر للغير.
  • المنزلة بين المنزلتين: تمثل هذه المسألة نقطة البداية التاريخية لظهور المعتزلة، وتتعلق بالموقف من مرتكب الكبيرة.
  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: هو الأصل العملي في مبادئ المعتزلة، وقد مارسوه في مجاهدة الزنادقة وأصحاب الملل الأخرى.

المعتقدات الأساسية للمعتزلة خلال العصر العباسي

تميزت المعتزلة بمعتقدات ومبادئ أساسية، منها:

  • اعتقدوا بوحدانية الله المطلقة، وعارضوا أي معتقد ديني يتعارض مع هذه الوحدة في الدولة العباسية.
  • رأوا أن جميع الصفات التي تطلق على الله ليست إلا وجهاً لذات واحدة.
  • أكدوا أن الله واحد لا يوجد مثله شيء، وأنه ليس جسماً ولا يحيط به مكان، وليس والد وليس مولود، ولا تدركه عين ولا يصيبه ضرر ولا يصل إليه أذى.

دور المعتزلة في بلاط الدولة العباسية

كان لظهور المعتزلة وتواجدهم في العصر العباسي آثار متعددة، منها:

  • مشاركتهم في توارث العلويين بعد سقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية.
  • عدم وجود نشاط بارز للمعتزلة في عهد المهدي بسبب سياسته المتشددة تجاه أصحاب الأهواء.
  • تميز المعتزلة عن غيرهم من الفرق بوجود رؤى سياسية واضحة، بالإضافة إلى اهتمامهم بالجانب الديني.
  • قيام علاقة وثيقة بين معتزلة بغداد والحاكم، ودفاعهم عن الإسلام ضد المانوية والحسيين، مما أعطى طابعًا دعائيًا لدورهم في الدفاع عن الخلافة.

تأصيل مفهوم المعتزلة

يمكن تعريف المعتزلة بأنها جماعة سعت إلى إخضاع النظريات الدينية لحكم العقل، وهذا يعتبر نتيجة لاحتكاك الفلسفة بالدين. يعتبر واصل بن عطاء أول المعتزلة، ومن أسباب ظهورهم هو أن العقل بدأ يستنير بأنوار جديدة، مما أدى إلى تطورات فكرية أسهمت في ظهور هذه الحركة.

انبثاق حركة المعتزلة

ظهرت المعتزلة في بداية القرن الثاني الهجري، وقدمت آراء واجتهادات في مجالات علم الكلام والفلسفة. أضاف المعتزلة مباحث جديدة إلى علم الكلام، ويعتبرهم البعض المؤسسين الحقيقيين لهذا العلم. قدم المعتزلة العقل على النص، وأكدوا على أهمية الفكر قبل السمع.

Total
0
Shares
المقال السابق

أسس الكفاءة الوظيفية للمعلمين

المقال التالي

أبو إسحاق المعتصم بالله: الخليفة العباسي الثامن

مقالات مشابهة