حجر إسماعيل: التسمية والأحكام الشرعية

استعراض لتسمية حجر إسماعيل، والأحكام الفقهية المتعلقة به، كالصلاة فيه والطواف حوله.

فهم حجر إسماعيل: أصول التسمية والواقع التاريخي

يقع حجر إسماعيل بين الجدار الغربي للكعبة، الذي يحدّه الركن العراقي والركن الشامي، والجدار القصير المجاور لهما.[1] من الجدير بالذكر أن تسمية هذا المكان “بحجر إسماعيل” ليس لها أصل شرعي، ولا يُنسب إلى نبي الله إسماعيل -عليه السلام- بشكل مباشر. فبناء الكعبة الأصلي، الذي أكمله إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام-، كان يشمل هذا الحجر. ولكن، بعدما تضررت جدران الكعبة بسبب حريق وفيضان عظيم قبل بعثة النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، قامت قريش بهدم ما تبقى من الجدران وإعادة البناء. ونظرًا لقلة الأموال المتوفرة، لم تتمكن من إتمام البناء وفقًا لأسس إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام-. لذا، أزالوا هذا الحجر وبنوا عليه جدارًا قصيرًا، ليبقى دليلًا على انتمائه للكعبة. وقد التزمت قريش بشرط عدم استخدام أموال غير طاهرة في البناء.

يروي الإمام البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قولها للنبي ﷺ: (سَأَلْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَنِ الجَدْرِ، أمِنَ البَيْتِ هُوَ؟ قالَ: نَعَمْ، قُلتُ: فَما لهمْ لَمْ يُدْخِلُوهُ في البَيْتِ؟ قالَ: إنَّ قَوْمَكِ قَصَّرَتْ بهِمُ النَّفَقَةُ، قُلتُ: فَما شَأْنُ بَابِهِ مُرْتَفِعًا، قالَ: فَعَلَ ذَاكِ قَوْمُكِ لِيُدْخِلُوا مَن شَاؤُوا، ويَمْنَعُوا مَن شَاؤُوا، ولَوْلَا أنَّ قَوْمَكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بالجَاهِلِيَّةِ فأخَافُ أنْ تُنْكِرَ قُلُوبُهُمْ، أنْ أُدْخِلَ الجَدْرَ في البَيْتِ، وأَنْ ألْصِقْ بَابَهُ في الأرْضِ).[2][3]

أحكام الصلاة في محيط حجر إسماعيل

اختلف الفقهاء حول جواز استقبال حجر إسماعيل في الصلاة. فذهب بعضهم إلى القول بعدم جواز ذلك، بينما رأى آخرون جوازه مع شروط معينة.

رأي الحنفية والمالكية والشافعية

تُشير هذه المذاهب إلى عدم صحة استقبال حجر إسماعيل في الصلاة، سواء كانت فرضًا أم نافلة. ويرجع ذلك إلى عدم يقين كونه جزءًا من البيت، بينما توجه القبلة إلى البيت هو واجب شرعي، كما جاء في قوله تعالى: (وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ).[5] ولا يجوز العدول عن نصوص الكتاب إلى أقوالٍ غير ثابتة.

رأي الحنابلة

يبيح هذا المذهب استقبال حجر إسماعيل في صلاة النافلة والفرض، بشرط أن يكون المصلي خارج الحجر في صلاة الفرض. ويستندون في ذلك إلى ما روته عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-: (كنتُ أُحِبُّ أن أدخلَ البيتَ فأُصلِّيَ فيه، فأخذ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بيدي فأدخلني الحِجرَ، وقال: صلِّ في الحِجرِ إن أردتَ دخولَ البيتِ، فإنَّما هو قطعةٌ من البيتِ ولكنَّ قومَك استقصروه حين بنَوُا الكعبةَ، فأخرجوه من البيت).[6]

الطواف حول الكعبة: حجر إسماعيل والمسار المحدد

اتفقت مذاهب الحنفية، والمالكية، والحنابلة، والشافعية على عدم جواز الطواف من داخل حجر إسماعيل. فشرط صحة الطواف هو أن يكون من خارج الكعبة. حتى من يرى أن الحجر جزء من البيت، يرى أيضًا عدم صحة الطواف من داخله، لأنّ ذلك لا يُعدّ طوافًا كاملاً بالبيت، كما أمر الله تعالى: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ).[7][4]

المراجع

  1. “معنى الحجر”، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 6/1/2022.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:7243، صحيح.
  3. “حجر إسماعيل، تسمية لا أصل لها”، طريق الإسلام، 2012/11/5، اطّلع عليه بتاريخ 27/1/2022، بتصرف.
  4. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 103-104، بتصرف.
  5. سورة البقرة، آية:144
  6. رواه الترمذي، في مختصر الأحكام، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:4/111.
  7. سورة الحج، آية:29

جدول المحتويات

الموضوعالرابط
فهم حجر إسماعيل: أصول التسمية والواقع التاريخي#section1
أحكام الصلاة في محيط حجر إسماعيل#section2
الطواف حول الكعبة: حجر إسماعيل والمسار المحدد#section3
المراجع#references




Total
0
Shares
المقال السابق

سر تسمية حائط البراق: تاريخ، أهمية، ودلالات

المقال التالي

حضرموت: تاريخها، مناخها، واقتصادها

مقالات مشابهة