فئاتٌ ممنوعةٌ من دخول الجنة
تتناول هذه المقالة أحاديث نبويةً كريمةً تصف ثلاث فئاتٍ لن يدخلوا الجنة، مع شرحٍ مُفصلٍ لكلّ فئةٍ وبيان حكمها الشرعي. سنستعرض الرواية الصحيحة، بالإضافة إلى رواياتٍ أخرى تتناول نفس المعنى.
الحديث النبوي الشريف
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه، حديثٌ صحيحٌ صححه الألباني في صحيح الترغيب، يقول فيه: (ثلاثةٌ لا يدخلون الجنَّةَ: الشيخُ الزَّاني، والإمامُ الكذَّابُ، والعائلُ المزْهُوُّ).[١][٢]
يُبين هذا الحديث تحذيراً شديداً من ارتكاب المعاصي الكبيرة، خاصةً عندما لا يكون هناك عذرٌ أو ضرورةٌ تدفعُ إلى ذلك. فالأفعال المنكرة تُعاقب عليها بشدة، وذلك لأنها نابعةٌ من معاندةٍ لله تعالى واستخفافٍ بأوامره.
هؤلاء لا يُحرمون من الجنة نهائياً، بل يدخلونها بعد تطهرهم من عذاب النار، بقدر ما يُقدره الله -سبحانه وتعالى- بعدله وحكمته. هذه الأعمال تُعدّ من كبائر الذنوب التي تستوجب دخول النار، لكنها لا تُخلد صاحبها فيها. ويُشدد هنا على أن مرتكب هذه المعاصي يبقى مسلماً عاصياً إن كان موحداً لله تعالى، فالمعاصي المذكورة من أكبر الكبائر، تدخل فاعلها النار، ثم يتطهر ثم يدخل الجنة [٣].
شرحٌ لكلّ فئةٍ
الشيخ الزاني
يُشير هذا الوصف إلى رجلٍ كبيرٍ في السنّ ارتكب جريمة الزنا. تُغَلظ العقوبة هنا على الشيخ مقارنةً بالشاب، لأن الشيخ يملك من الحكمة والخبرة ما يجعله يُدرك خطورة فعله، وعدم انقياده لرغباته. فقد أكرمه الله بالعقل والحكمة، فكيف يقع في هذا الفاحش؟
الإمام الكاذب
يقصد هنا الحاكم أو الإمام الذي اعتاد الكذب على رعيته. فهو يملك السلطة والقوة، ولا يحتاج إلى الكذب لتحقيق أغراضه، إلا أنه اختار اتباع هواه واستخف بمعصيةٍ عظيمة.
العائل المزهو
يُقصد به الفقير المتكبر. فقرٌ لا يمنع التكبر، والحديث يُشير إلى أن التكبر مذمومٌ في جميع الأحوال، حتى وإن كان صاحبه فقيراً. وقد ورد عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن كانَ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِن كِبْرٍ).[٦]
رواياتٌ أخرى
روايةٌ أخرى عن الفئات المحرومة
ورد في روايةٍ أخرى ضعيفة الإسناد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ما نصّه: (ثلاثةٌ لا تدخلُ الجنةَ: مدمنُ الخمرِ، وقاطعُ الرحِمِ، ومصدِّقٌ بالسحرِ).[٧]
مدمن الخمر يُعاقب بشدة، لأن الخمر تُذهب العقل، مما قد يدفع شاربها إلى ارتكاب جرائم أخرى. قاطع الرحم أيضاً يُهدد بالعقاب، لأنّ صلة الرحم من أهمّ الواجبات. ومصدّق السحر، فقد كفر بفعله، كما في قول عبد الله بن مسعود: (من أتى عرافًا أو كاهنًا، يؤمن بما يقول؛ فقد كفر بما أُنزل على محمدٍ).[٩]
روايةٌ ثانية
في روايةٍ أخرى جيدة الإسناد، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ثلاثةٌ لا يَدخُلونَ الجنةَ: العاقُّ لوالدَيهِ، والدَّيُّوثُ، والرَّجِلَةُ منَ النساءِ).[١٠]
العاق لوالديه يرتكب ظلماً عظيماً، والديوث من لا يغار على محارمه، وهذا يُعدّ من أشدّ الذنوب، والرجلة من النساء المتشبهات بالرجال في لباسهنّ وأفعالهم، وهذا مخالفٌ للفطرة الإسلامية.
يُذكر هنا قول الله تعالى: (وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا * وَاخفِض لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحمَةِ وَقُل رَبِّ ارحَمهُما كَما رَبَّياني صَغيرًا).[١١]
كما ورد في صحيح البخاري حديثٌ عن قرودٍ عاقبت قرداً وقردةٍ زنيا [١٢].
جدول المحتويات
البند | العنوان |
---|---|
1 | فئاتٌ ممنوعةٌ من دخول الجنة |
2 | الحديث النبوي الشريف |
3 | شرحٌ لكلّ فئةٍ |
4 | رواياتٌ أخرى |
[1] رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن سبمان الفارسي، الصفحة أو الرقم:2908، صحيح.
[2] أبو محمد الإثيوبي (2003)، شرح سنن النسائي (الطبعة 1)، صفحة 112، جزء 23. بتصرّف.
[3] أبو عبد العزيز الراجحي، شرح كتاب الإيمان الأوسط لابن تيمية، صفحة 15، جزء 10. بتصرّف.
[4] أبو موسى لاشين (2002)، فتح المنعم شرح صحيح مسلم (الطبعة 1)، صفحة 350، جزء 1. بتصرّف.
[5] أحمد حطيبة، شرح رياض الصالحين، صفحة 9، جزء 49. بتصرّف.
[6] رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:91، صحيح.
[7] رواه الألباني، في تخريج مشكاة المصابيح، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم:3582، إسناده ضعيف.
[8] رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة، الصفحة أو الرقم:2555، صحيح.
[9] رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن علقمة بن قيس، الصفحة أو الرقم:3049، صحيح.
[10] رواه السفاريني الحنبلي، في كشف اللثام، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 3/79، إسناده جيد.
[11] سورة الإسراء، آية:23-24
[12] رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن حصين بن عبدالرحمن السلمي، الصفحة أو الرقم:3849، صحيح.