ثلاثةٌ أكون خصمهم يوم القيامة

معرفة من هم خصوم الله يوم القيامة، وما هي الأفعال التي تجعلهم كذلك، بالإضافة إلى دور الإسلام في منع الظلم.

فئاتٌ أكون خصمهم يوم الحساب

يُخبرنا الحديث النبوي الشريف عن ثلاث فئاتٍ يقف الله -عز وجل- خصماً لهم يوم القيامة، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: (قالَ اللَّهُ: ثَلاثَةٌ أنا خَصْمُهُمْ يَومَ القِيامَةِ: رَجُلٌ أعْطَى بي ثُمَّ غَدَرَ، ورَجُلٌ باعَ حُرًّا فأكَلَ ثَمَنَهُ، ورَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أجِيرًا فاسْتَوْفَى منه ولَمْ يُعْطِ أجْرَهُ)،[١] فبينما الله -سبحانه وتعالى- خصمٌ لكل ظالم، إلا أنّه خصّ هذه الفئات الثلاث بذكرهنّ في هذا الحديث الشريف، لما في أفعالهم من خيانةٍ عظيمةٍ لحقوق الله وحقوق العباد.

الخيانة والغدر بعهد الله

أول هذه الفئات هو من خان عهد الله. يُشير هذا إلى من أعطى وعداً باسم الله، أو أقسم به، ثم نقض هذا العهد. هذا الفعل يُعدّ من أشدّ أنواع الخيانة، لأنّ اليمين بِاسم الله -عز وجل- تُعدّ عهداً مقدّساً يجب الوفاء به. وقد حذّر الله -تعالى- من نقض العهود في قوله -عز وجل-: (الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّـهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّـهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ).[٧][٨] كما أنّ الغدر ليس من خصال المؤمن، بل هو أمرٌ مُنهيّ عنه في الإسلام، كما في قوله تعالى: (وَأَوفوا بِعَهدِ اللَّـهِ إِذا عاهَدتُم وَلا تَنقُضُوا الأَيمانَ بَعدَ تَوكيدِها وَقَد جَعَلتُمُ اللَّـهَ عَلَيكُم كَفيلًا إِنَّ اللَّـهَ يَعلَمُ ما تَفعَلونَ).[٩] وعن النبي صلى الله عليه وسلم :(إنَّ الغادِرَ يُرْفَعُ له لِواءٌ يَومَ القِيامَةِ، يُقالُ: هذِه غَدْرَةُ فُلانِ بنِ فُلانٍ)،[١٠] وهذا يدل على عظم ذنب الغدر وعواقبه الوخيمة.

بيع الحرّ وأكل ثمنه

الفئة الثانية هم الذين باعوا حرًا وأكلوا ثمنه. يُحرم الإسلام بيع الأحرار، فهو انتهاك لحرمة الإنسان وكرامته، وإهدار لحقوقه الأساسية. فهذا الفعل يُعدّ من الكبائر، لما فيه من ظلمٍ واضحٍ، واستعبادٍ غير مشروع. إنّ الله -تعالى- خلق الناس أحراراً، ولا يحق لأحدٍ أن يسترقّ أحداً بغير سببٍ شرعي، حتى لو كان ابنه. إنّ الله -عز وجل- خلق الجن والإنس ليعبدوه (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)؛[٣] وحرمان العبد من حريته يمنعه من أداء العبادات كما يجب، مما يُزيد من خطورة هذا الفعل.

حرمان الأجير من أجره

أما الفئة الثالثة فهي من استأجر عاملاً ثم لم يُعطِه أجره. هذا الفعل يُعدّ ظُلماً صراحاً، وحرماناً لحقٍ مكتسبٍ. الإسلام شدّد على وجوب إعطاء الأجير أجره كاملاً، وذلك قبل أن يجفّ عرقه، دلالةً على سرعة الوفاء بالحقوق. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أعطوا الأجيرَ أجرَهُ قبلَ أن يجفَّ عرقُهُ)،[١٦] وهذا يظهر حرص الإسلام على حماية حقوق العمال، وعدم استغلالهم. فعدم إعطاء الأجير أجره يُعتبر ظُلماً، والظلم من أشدّ المعاصي، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اتَّقُوا الظُّلْمَ، فإنَّ الظُّلْمَ ظُلُماتٌ يَومَ القِيامَةِ).[١٨]

منع الظلم في الإسلام

يُحرم الإسلام الظلم بكلّ صوره، فهو من أشنع الأعمال وأقبحها، وذلك لما فيه من انتهاكٍ لحرمات الله وحرمات العباد. الله -عز وجل- قد حَرّم الظلم في كتابه الكريم، وقوله -عز وجل-: (وَقَد خابَ مَن حَمَلَ ظُلمًا).[٢١] وأنّه عادةً ما يقع على الضعفاء الذين لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم. وقد جاء التحذير من الظلم في السنة النبوية أيضاً، كقوله صلى الله عليه وسلم: (قالَ اللَّهُ: ثَلاثَةٌ أنا خَصْمُهُمْ يَومَ القِيامَةِ: رَجُلٌ أعْطَى بي ثُمَّ غَدَرَ، ورَجُلٌ باعَ حُرًّا فأكَلَ ثَمَنَهُ، ورَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أجِيرًا فاسْتَوْفَى منه ولَمْ يُعْطِ أجْرَهُ).[١][٢][٢٢] فهذه الأمثلة تُبرز مدى أهمية العدل والإنصاف في الإسلام، ووجوب تجنّب الظلم بكلّ أشكاله، حفاظاً على المجتمع، وسعياً لنيل رضا الله -عز وجل-.

المراجع

[1] البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، [2] السيوطي، التوشيح شرح الجامع الصحيح، [3] سورة الذاريات، آية: 56. [4] ابن علان، دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين، [5] المناوي، فيض القدير شرح الجامع الصغير، [6] الصنعاني، سبل السلام، [7] سورة البقرة، آية: 27. [8] الملا علي القاري، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، [9] سورة النحل، آية: 91. [10] البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، [11] المناوي، الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية، [12] حمزة قاسم، منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري، [13] ابن عثيمين، فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام، [14] الصنعاني، التنوير شرح الجامع الصغير، [15] islamweb.net, [16] الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن عبد الله بن عمر، [17] سورة الحج، آية: 71. [18] مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، [19] سورة الحجرات، آية: 13. [20] مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، [21] سورة طه، آية: 111. [22] سعيد عبد العظيم، “الظلم عاقبته وخيمة”، islamweb.net

جدول المحتويات

البابالرابط
فئاتٌ أكون خصمهم يوم الحسابخصوم
الخيانة والغدر بعهد اللهخيانة
بيع الحرّ وأكل ثمنهبيع
حرمان الأجير من أجرهأجير
منع الظلم في الإسلاممنع
المراجعالمراجع






Total
0
Shares
المقال السابق

أسباب الشعور بثقل في الرأس وطرق علاجه

المقال التالي

أحكامٌ ثلاثٌ: الجدُّ فيها واجب

مقالات مشابهة