لمحة عن حياة توفيق الحكيم
يُعتبر توفيق الحكيم من أبرز رواد المسرح العربي، وقامة أدبية مصرية. فهو أديب ومفكر، ويعود له الفضل في تأسيس فن الرواية والقصة والمسرحية في الأدب العربي الحديث. وقد لقبه النقاد برائد المسرح الذهني. ولد الحكيم في مدينة الإسكندرية في التاسع من شهر أكتوبر عام 1898. والده مصري من ملاك الأراضي، وكان يعمل في سلك القضاء. أما والدته فتركية تنتمي لعائلة أرستقراطية. التحق توفيق الحكيم بمدرسة حكومية في سن السابعة، وأكمل فيها المرحلة الابتدائية، ثم انتقل إلى القاهرة لإكمال دراسته الثانوية في مدرسة محمد علي الثانوية.
في عام 1919، تم القبض على توفيق الحكيم بسبب مشاركته في ثورة 1919، لكن والده تمكن من إخراجه من السجن. في عام 1921، حصل على شهادة البكالوريا، ثم التحق بكلية الحقوق وتخرج منها عام 1925. كان شغوفا بالتأليف المسرحي، وبدأ محاولاته الأولى في كتابة المسرحيات، مثل “المرأة الجديدة” و”الضيف الثقيل”. بسبب علاقته بالوسط الفني، أرسله والداه إلى فرنسا لمتابعة دراساته العليا. توفي توفيق الحكيم في القاهرة في السادس والعشرين من يوليو عام 1987 عن عمر يناهز 89 عامًا.
على الرغم من عدم انتمائه لأي حزب سياسي قبل ثورة يوليو، إلا أن وطنية توفيق الحكيم كانت واضحة في كتاباته. فقد كان مستقلا فكريا وفنيا، وتبنى العديد من القضايا القومية والاجتماعية، وأكد عليها في أعماله. كما اهتم بالشخصية القومية وبنائها، وتنمية الحس الوطني، بالإضافة إلى اهتمامه بالحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية.
المرأة وأثرها في مسيرته
اشتهر توفيق الحكيم بلقب “عدو المرأة”، على الرغم من أن المرأة كان لها حضور كبير في مؤلفاته وكتاباته. وقد تحدث عنها باحترام وإجلال يصل إلى حد التقديس. كما تميزت المرأة في أدب توفيق الحكيم بالتفاعل والإيجابية، وظهر ذلك بوضوح في مسرحياته مثل “الأيدي” و”شهرزاد” و”إيزيس”. وعلى الرغم من هذا اللقب، فقد تزوج الحكيم في عام 1946 من امرأة مطلقة لديها ابنتان، وأنجب منها طفلين هما: إسماعيل وزينب.
المناصب والمهام
تولى توفيق الحكيم العديد من المناصب والمسؤوليات الهامة، منها:
- وكيل للنائب العام في المحاكم المختلطة، ثم المحاكم الأهلية في الإسكندرية.
- مدير التحقيقات في وزارة المعارف عام 1934.
- مدير في وزارة الشؤون الاجتماعية في مصلحة الإرشاد الاجتماعي.
- العمل في صحيفة أخبار اليوم، حيث كان ينشر العديد من مسرحياته.
- مدير لدار الكتب المصرية عام 1951.
- عضو متفرغ للمجلس الأعلى لرعاية الأدب والفنون.
- ممثل لمصر في منظمة اليونسكو.
الحكيم والأدب العربي
بدأ اهتمام توفيق الحكيم بالأدب منذ المرحلة الثانوية، حيث كان يتردد على مسرح جورج أبيض. وخلال فترة وجوده في فرنسا، تمكن من الاطلاع على الأدب العالمي بشكل عام، والأدب اليوناني والفرنسي بشكل خاص. ونتيجة لتأثره بالأدب المسرحي، أصدر أولى مسرحياته “أهل الكهف” عام 1933، والتي اعتبرها النقاد بداية لظهور المسرح الذهني، وهو الحدث الذهني الذي يصعب تمثيله بشكل مسرحي. وقد ذكر طه حسين أن هذه المسرحية تضاهي أعمال الأدباء الكبار في الغرب.
مرت كتابات توفيق الحكيم الأدبية بثلاث مراحل أساسية:
- المرحلة الأولى: وصفها بعض النقاد بالاضطراب، وشهدت تأليف مسرحية “أهل الكهف”، بالإضافة إلى قصة “عودة الروح” و”عصفور من الشرق”.
- المرحلة الثانية: أصبح فيها توفيق الحكيم متمكنا من الأداة اللغوية، وفي هذه المرحلة ألف العديد من الكتب، مثل: “الزمار”، و”شهرزاد”، و”رصاصة في القلب”، و”الخروج من الجنة”.
- المرحلة الثالثة: تميزت بتطور الكتابة الفنية لتوفيق الحكيم، وأظهر فيها مدى قدرته على صياغة المعاني والأفكار، حيث كتب في هذه المرحلة مسرحيات عديدة، مثل مسرحية “سلطان الظلام”، و”سر المنتحرة”، وكذلك مسرحية “نهر الجنون”.
أعماله الأدبية
تنوعت أعمال توفيق الحكيم بين قصص ومسرحيات وكتب أدبية، ومن أبرزها:
- يوميات نائب في الأرياف.
- أرني الله.
- عودة الروح.
- حمار الحكيم.
- مصير صرصار.
- الرباط المقدس.
- السلطان الحائر.
- الأيدي الناعمة.
- حماري قال لي.
- الملك أوديب.
آراء الأدباء والنقاد
تحدث الكثير من النقاد والأدباء عن توفيق الحكيم وكتاباته، ومن أبرز ما قيل عنه:
- زكي مبارك: وصف توفيق الحكيم بأنه أديب بالفطرة، إلا أنه بحاجة إلى أدوات الأديب.
- فرد بيرلو بلتييه (ناقد غربي): وصف رواية توفيق الحكيم “عودة الروح” بأنها رواية ساحرة، ترسم للقارئ روعة وعظمة روح الشعب.
- شارل بوردون (ناقد غربي): أشاد برواية توفيق الحكيم “عودة الروح”، وذكر أن قيمتها تكمن في الصورة التي أظهرت روح مصر الحاضرة، والروح العظيمة للفلاح المصري.
- مارك دي لا فورج: اعتبر أن الحكيم من أهم وأكبر الكتاب العرب، وأن روايته “عودة الروح” تنبض بالحياة، وهي مليئة بالأسانيد الحقيقية.