مقدمة
الوضوء ركن أساسي من أركان صحة الصلاة في الإسلام. فلا تصح الصلاة إلا بعد إتمام الوضوء بشكل صحيح وفقًا للشريعة الإسلامية. وقد ورد في الحديث النبوي الشريف تأكيد على أهمية الوضوء:
قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-:(لا تُقبَلُ صلاةُ أحدِكم إذا أحْدَثَ حتى يَتَوَضَّأَ).
كما يشترط الترتيب في خطوات الوضوء، فلا يجوز تقديم خطوة على أخرى.
النية والتسمية
النية هي قصد فعل العبادة، وهي شرط أساسي عند أغلب العلماء لصحة الوضوء. واستدلوا على ذلك بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
(إنَّما الأعمالُ بالنّياتِ)
وذلك لأن الوضوء عبادة، والعبادات تحتاج إلى نية تسبقها. النية محلها القلب، ولا يشترط التلفظ بها باللسان. ثم يبدأ المسلم بالتسمية فيقول: بسم الله.
غسل اليدين
بعد النية والتسمية، يبدأ المسلم بغسل كفيه ثلاث مرات. وعلى الرغم من أن غسل الكفين ليس من فرائض الوضوء، إلا أنه سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم. استدل العلماء على ذلك بقوله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ)
فالآية بدأت بالوجه ولم تذكر غسل الكفين. وقد ورد في السنة النبوية ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغسل كفيه ثلاث مرات.
فعن حذيفة بن أوسٍ الثقفيّ قال:(رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم استوكفَ ثلاثًا).
المضمضة والاستنشاق والاستنثار
بعد غسل الكفين، ينتقل المتوضئ إلى المضمضة، وهي أخذ كمية من الماء وتحريكها داخل الفم ثلاث مرات. ثم يتبعها الاستنشاق، وهو إدخال الماء إلى الأنف بقوة النفس ثلاث مرات، ثم الاستنثار، وهو إخراج الماء من الأنف بقوة النفس ثلاث مرات.
غسل الوجه
غسل الوجه هو أحد فرائض الوضوء، ويجب أن يتم ثلاث مرات. وقد ورد ذكره في قوله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ)
ويبدأ غسل الوجه من منبت الشعر من الأعلى إلى الذقن من الأسفل، ومن الأذن إلى الأذن عرضًا. وإذا كان الرجل ذا لحية كثيفة، فيستحب له تخليلها بالماء.
غسل اليدين إلى المرفقين
غسل اليدين إلى المرفقين هو فرض من فرائض الوضوء، ولا يصح الوضوء بدونه. وقد ورد ذكره في قوله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ)
ويبدأ غسل اليدين من أطراف الأصابع وحتى المرفقين ثلاث مرات، مع التأكد من وصول الماء إلى جميع أجزاء اليد.
مسح الرأس
مسح الرأس هو أحد فرائض الوضوء، وقد ورد ذكره في قوله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ)
ويتم مسح الرأس بوضع اليدين مبللتين على مقدمة الرأس ثم مسحهما إلى مؤخرة الرأس ثم إعادتهما إلى المقدمة مرة أخرى. ويجوز الاكتفاء بالمسح من مقدمة الرأس إلى مؤخرته فقط. والمرأة تفعل نفس الشيء ولا تمسح على ظفائرها.
مسح الأذنين
بعد مسح الرأس، يأتي مسح الأذنين، ويشمل مسح ظاهر الأذنين وباطنهما. وقد اختلف الفقهاء في حكم مسح الأذنين، فذهب جمهورهم إلى أنه سنة من سنن الوضوء، بينما ذهب الحنابلة وبعض المالكية إلى أنه فرض من فرائض الوضوء.
غسل القدمين مع الكعبين
غسل القدمين مع الكعبين هو فرض من فرائض الوضوء، وقد ورد ذكره في قوله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)
وجاءت كلمة “وَأَرْجُلَكُمْ” معطوفة على “وُجُوهَكُمْ” و “أَيْدِيَكُمْ”، مما يعني وجوب غسل القدمين مع الكعبين. ويؤكد ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
(ويلٌ للأعقابِ وبطونِ الأقدامِ من النارِ)
ولهذا يجب التأكد من وصول الماء إلى جميع أجزاء القدمين، بما في ذلك الكعبين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم توعد من يهمل ذلك بالنار.
بعض آداب الوضوء
هناك العديد من الآداب التي يستحب للمسلم مراعاتها أثناء الوضوء، منها:
- استقبال القبلة.
- عدم التحدث أثناء الوضوء.
- الجلوس في مكان مرتفع.
- أن يتوضأ الشخص بنفسه دون مساعدة.
- عدم الإسراف في الماء.
- قول الشهادتين بعد الانتهاء من الوضوء.
- ترديد دعاء ما بعد الوضوء: (اللهمَّ اجْعَلْني من التَّوابينَ، واجْعَلْني من المُتطهِّرينَ).