مقدمة
يشكل التغير المناخي الناتج عن ظاهرة الاحتباس الحراري تهديدًا كبيرًا لكوكبنا، وتتجسد آثاره السلبية بشكل خاص في المناطق القطبية الشمالية والجنوبية. هذه المناطق الحساسة تواجه تحديات جسيمة تؤثر ليس فقط على البيئة المحلية، بل أيضًا على النظام البيئي العالمي بأكمله. في هذا المقال، سوف نتناول أبرز الأخطار التي تهدد القطبين بشكل مباشر، وكيف تؤثر هذه الأخطار بدورها على كوكب الأرض بأكمله.
آثار التغيرات المناخية على القارة القطبية
تتعدد مظاهر تأثير التغير المناخي وظاهرة الاحتباس الحراري على القطبين، ويمكن تلخيص أبرز هذه الآثار فيما يلي:
تأثير التغير المناخي على الجليد
يشهد الجليد في القطبين ذوبانًا متزايدًا خلال فصل الصيف نتيجة لارتفاع درجات الحرارة. يؤدي هذا الذوبان إلى إنتاج كميات كبيرة من المياه، مما يهدد استقرار الجروف الجليدية. يذكر أن الاحتباس الحراري قد تسبب في رفع درجة حرارة المناخ في شبه جزيرة أنتاركتيكا بمقدار 3 درجات مئوية، مما أدى إلى انخفاض أحجام الرفوف الجليدية المستقرة مقارنةً بما كانت عليه في الخمسينيات من القرن الماضي.
تأثير التغير المناخي على طيور البطريق
تعتبر القارة القطبية الجنوبية موطنًا لما يقرب من 20 مليون زوج متكاثر من طيور البطريق. ومع ذلك، تشير الدراسات إلى أن أعداد بعض أنواع طيور البطريق في القارة القطبية الجنوبية آخذة في التناقص، بينما لم تتأثر أعداد أنواع أخرى. هذا التباين يعكس الاختلافات في الظروف البيئية بين مناطق مختلفة في القارة القطبية الجنوبية. على سبيل المثال، شهدت أعداد طيور البطريق الإمبراطور، التي تتكاثر على الجليد البحري المحيط بالقارة القطبية الجنوبية، انخفاضًا ملحوظًا بنسبة تصل إلى 50% في بعض المناطق.
تأثير التغير المناخي على حياة حيوانات الكريل
الكريل (Euphausiid) هي حيوانات بحرية صغيرة تشبه الروبيان، يصل طولها إلى حوالي 6 سم، وتعيش لمدة تصل إلى 5 سنوات. تعيش الكريل عادةً في أسراب كثيفة قد تحتوي على أكثر من 10000 كريل في كل متر مكعب من الماء. وقد أظهرت النتائج التي نشرتها هيئة المسح البريطاني لأنتاركتيكا في عام 2004 أن أعدادها في القطب الجنوبي في الانخفاض وهو أمر مقلق بسبب اعتبار الكريل عنصراً مهمًا جدًا في شبكة الغذاء في القطب وانخفاضه يهدد وجود الحيتان والفقمات وطيور البطريق التي تتغذى عليه بشكل رئيسي، وقد ارتبط تراجع أعداد الكريل بالانحدار الهائل في الجليد البحري الذي يعتبر أرض تغذية حيوية لعدد هائل من الكريل في المحيط الجنوبي، وأظهرت نتائج البحوث أن أعداد الكريل انخفضت بسبة تقارب 80% منذ السبعينيات.
تأثير التغير المناخي على مستوى سطح البحر
يثير ذوبان الجليد في القطبين قلق العلماء بشأن ارتفاع مستوى سطح البحر. تشير القياسات التي أجريت بواسطة الأقمار الصناعية منذ أوائل التسعينيات إلى أن مستوى سطح البحر يرتفع بمعدل 3 مم سنويًا، وقد ارتفع بالفعل خلال القرن الماضي. المياه المخزنة حاليًا في الجليد على الأرض، بما في ذلك الصفائح الجليدية، ستساهم عند ذوبانها في ارتفاع مستوى سطح البحر.
ارتفاع حرارة الهواء والمحيطات في القارة القطبية
سجلت محطة أبحاث إسبيرانزا الأرجنتينية أعلى درجة حرارة مرصودة على الإطلاق في القارة القطبية الجنوبية، حيث بلغت 18.3 درجة مئوية. هذا الارتفاع في درجة الحرارة يثير المخاوف، خاصةً مع ارتفاع درجة حرارة بعض مناطق المحيط الجنوبي بمقدار 3 درجات مئوية. فقدان الجليد يكون أكبر عندما يكون هناك تدفق للمياه الدافئة، مما يساهم في ارتفاع مستوى سطح البحر.
ظهور الثلج الأحمر
تعتبر ظاهرة “الثلج الأحمر” من الظواهر الحديثة التي ظهرت في منطقة القطب. تحدث هذه الظاهرة نتيجة لوجود الطحالب التي تعيش على الثلج. تقوم هذه الطحالب بإنتاج صبغة حمراء للحماية من الإشعاع الشمسي خلال المواسم الأكثر دفئًا. ومع ذلك، يمكن أن يؤدي تغير المناخ إلى “حلقة تغذية راجعة” تزيد من خطر الاحترار. ارتفاع درجة الحرارة يزيد من قدرة الطحالب على النمو بأعداد أكبر، وبالتالي يصبح الثلج أكثر قتامة ويقلل من انعكاس السطح، مما يتسبب في امتصاص المزيد من الإشعاع الشمسي ويؤدي لزيادة الذوبان. أكدت دراسة حديثة أجريت على 40 موقعاً للثلج الأحمر عبر القطب الشمالي ارتفاع معدلات الذوبان عند وجود الطحالب.
ازدياد المساحات الخضراء في القطب
يؤدي ارتفاع درجات الحرارة الناتج عن الاحتباس الحراري إلى تحلل النيتروجين في التربة بسرعة أكبر، مما يساعد على نمو نوعين من النباتات الوعائية التي تعيش في القطب، وهما عشب الشعر في القطب الجنوبي (ديشامبسيا أنتاركتيكا) ونبات اللؤلؤ في القطب الجنوبي (كولوبانثو) (Colobanthus quitensis).
تأثير التغير المناخي على مناخ كوكب الأرض
يشهد كوكب الأرض ارتفاعًا مستمرًا في درجة حرارته عامًا بعد عام، من القطب الشمالي إلى القطب الجنوبي، منذ عام 1906م. وقد تم رصد زيادة في متوسط درجة حرارة سطح الأرض بأكثر من 0.9 درجة مئوية. بدأت آثار هذا الاحتباس الحراري بالظهور في الوقت الحالي، ويمكن أن تحدث تأثيرات أخرى في وقت لاحق من هذا القرن بسبب استمرار هذا الاحتباس، وأهم هذه الآثار:
- ارتفاع مستويات سطح البحر بين 26 و82 سم أو أكثر بحلول نهاية القرن.
- ازدياد قوة الأعاصير والعواصف الأخرى وزيادة شيوع حدوث الفيضانات والجفاف.
- قلة كميات المياه العذبة التي يمكن توفيرها بسبب ذوبان الأنهار الجليدية التي تخزن حوالي ثلاثة أرباع المياه العذبة في العالم.
- انتشار بعض الأمراض مثل الملاريا التي ينقلها البعوض وعودة ظهور فيروس زيكا التي بدأت في عام 2016.
- استمرار تغير النظم الإيكولوجية بسبب تحرك بعض أنواع الكائنات الحية عن موطنها، مثل الدببة القطبية، والتي لن تكون قادرة على التكيف مع موطن مختلف مما يؤدي لانقراضها.
المراجع
- “IMPACTS OF CLIMATE CHANGE”,discoveringantarctica
- Kelly Levin (10/4/2020),”5 Visible Signs of Climate Change in Antarctica”,wri
- “Effects of global warming”,nationalgeographic