فهرس المحتويات
مقدمة
تعتبر الحضارتان السومرية والبابلية من أقدم الحضارات التي عرفتها البشرية، وقد ازدهرتا في منطقة بلاد ما بين النهرين. على الرغم من تقاربهما الجغرافي والزمني، إلا أن لكل حضارة منهما سمات وخصائص فريدة تميزها عن الأخرى. تتناول الفقرات التالية عرضًا موجزًا لكلا الحضارتين، مع إبراز أهم الاختلافات والتشابهات بينهما.
التعريف بالحضارة السومرية
الحضارة السومرية هي واحدة من أقدم الحضارات التي نشأت في منطقة بلاد الرافدين، وتحديدًا في الجزء الجنوبي من العراق الحالي، بين نهري دجلة والفرات. يعتبر السومريون روادًا في مجالات عديدة، مثل الكتابة، والعمارة، والتنظيم الاجتماعي. بدأت بوادر هذه الحضارة في الظهور حوالي الألفية الخامسة قبل الميلاد، واستمرت حتى بداية الألفية الثانية قبل الميلاد، عندما استولى البابليون على السلطة.
تشير الدلائل الأثرية إلى أن السومريين قد استقروا في هذه المنطقة منذ حوالي 4500 إلى 4000 قبل الميلاد، وربما قبل ذلك بكثير. وقد اشتهروا بتطوير الزراعة، وتربية الحيوانات، وصناعة النسيج والفخار، مما ساهم في بناء مجتمع مستقر ومزدهر.
شهدت الحضارة السومرية تطورًا ملحوظًا في التنظيم السياسي والاجتماعي، حيث تكونت من مجموعة من المدن المستقلة، مثل أور، وأريدو، ولجاش، ونيبور، وأوروك. وكانت مدينة أوروك تعتبر أول مدينة حقيقية في العالم، حيث بلغ عدد سكانها ما بين 40,000 و 80,000 نسمة، وكانت محاطة بأسوار دفاعية قوية.
السمات البارزة للحضارة السومرية
يعتقد العديد من الباحثين أن السومريين هم السكان الأصليين لبلاد الرافدين، وأنهم أصحاب حضارة العبيد التي انتشرت في وسط وجنوب العراق، وامتدت حتى جزيرة دلمون (البحرين). وقد تميزت الحضارة السومرية بالعديد من الإنجازات والاختراعات، منها:
- اللغة السومرية: تعتبر اللغة السومرية من أقدم اللغات المعروفة، وهي لغة ملتصقة، أي أنها تجمع بين كلمتين أو أكثر لتكوين كلمة واحدة ذات معنى جديد.
- العمارة والفنون: شهدت العمارة السومرية تطورًا كبيرًا، خاصة في بناء القصور والمعابد، حيث ظهرت القباب والأقواس في الأسقف. كما تقدمت صناعة المعادن والنحت.
- الكتابة: ابتكر السومريون نظام الكتابة المسمارية، الذي استخدم لتسجيل الأحداث التاريخية، والقوانين، والمعاملات التجارية، والأدب، والأساطير، والشؤون الدينية.
- التعليم: خلال حقبة أور الثالثة، ظهرت أول مدرسة في التاريخ، وتم تدوين أول الأمثال والأقوال المأثورة.
- الاختراعات: ابتكر السومريون العديد من الاختراعات، مثل أول حوض للأسماك، وأول قانون للمحاكم، وأول قصة عن موت إله وبعثه، وأول قصيدة جنائزية، وأول أفكار أخلاقية.
- نظام الوقت: وضع السومريون نظامًا للوقت يعتمد على الرقم 60، حيث قسموا الساعة إلى 60 دقيقة، والدقيقة إلى 60 ثانية.
- الفلك: ظهرت الأبراج الفلكية وقراءة الطالع خلال هذه الفترة.
- القانون: كتب أورنمو أول مدونة قانونية في سومر، وسبق فيها قانون حمورابي البابلي.
نبذة عن الحضارة البابلية
ظهرت الحضارة البابلية بعد سقوط الإمبراطورية الآشورية حوالي عام 600 قبل الميلاد. وقد ورث البابليون التقاليد الحضارية التي كانت سائدة في جنوب بلاد ما بين النهرين، وحكموا نفس المناطق التي كان يحكمها الآشوريون من قبل. وقد عرفت هذه الفترة بالبابلية الجديدة، وذلك لأن بابل كانت قد صعدت إلى السلطة في وقت سابق وأصبحت دولة مدينة مستقلة، وخاصة خلال فترة حكم الملك حمورابي (1792-1750 قبل الميلاد).
أهم خصائص الحضارة البابلية
تعتبر الفترة البابلية من أزهى العصور في التاريخ القديم (626-539 ق.م)، وخاصة خلال فترة حكم نبوخذ نصر الثاني. ومن أبرز سمات هذه الفترة:
- العمارة: اشتهر البابليون بهندستهم المعمارية، خاصة في العاصمة بابل، حيث أعاد نبوخذ نصر بناء المدينة القديمة، بما في ذلك أسوارها وبواباتها السبعة.
- حدائق بابل المعلقة: تقول الروايات أن نبوخذ نصر قام ببناء حدائق بابل المعلقة لزوجته. وقد ذكر الكتاب اليونانيون والرومانيون أن هذه الحدائق قد تكون مجرد أسطورة.
- بوابة عشتار: شيدت بوابة عشتار بالطوب المزجج (اللازورد)، مما جعل واجهتها متألقة مثل الجواهر. وكانت هذه البوابة تؤدي إلى القصر الذي يضم الحدائق المعلقة.
- الزقورة والمعابد: من بين الأعمال المعمارية التي قام بها نبوخذ نصر الثاني بناء الزقورة وتشييد عدد كبير من المعابد الفخمة في بابل، وإقامة شارع الموكب.
- الحملات العسكرية: أعلنت دولة (يهودا) الصغيرة عصيانًا ضدّ نبوخذ نصر مع عدد من الدويلات الشامية الصغيرة الأخرى بتحريض الفراعنة، فقام بحملة تأديبية عليهم واحتلّ أورشليم عام 596 ق.م.
