تمييز مفهومي المحبة والهيام

مقدمة

تعتبر المشاعر الإنسانية من أعقد الجوانب التي تشكل حياتنا وعلاقاتنا. من بين هذه المشاعر، تبرز المحبة والهيام كمفهومين غالباً ما يتم الخلط بينهما. يهدف هذا المقال إلى توضيح الفروق الدقيقة بين هذين المفهومين، واستكشاف دلالات كل منهما وأشكاله المتنوعة.

المحبة والهيام

تزخر اللغة العربية بمفردات عديدة تعبر عن المحبة، حيث يقال أن لها ما يقارب الستين اسماً، تشمل: المودة، والوئام، والهوى، والغرام، والصبابة، والشغف، والوجد، والكلف، والتتيم، والجوى، والشوق وغيرها. أصل كلمة المحبة يدل على الصفاء والنقاء، ويقال أنها مشتقة من حبة القلب، أي سويداؤه. وقد وُصفَت بأنها فوران القلب واضطرابه عند رؤية المحبوب.

تتعدد تعريفات المحبة في اللغة، منها: تفضيل رغبات المحبوب على رغبات المحب، أو استيلاء ذكر المحبوب على قلب المحب، أو إخلاء القلب مما سوى المحبوب، أو الميل إلى المحبوب وتفضيله على النفس والروح والمال، وموافقته في السر والعلن مع الإقرار بالتقصير في حبه، أو ملازمة المحبوب باستمرار.

أما الهيام فهو أقصى درجات المحبة، ويعني شدة التعلق والإعجاب بالمحبوب في كلتا الحالتين: العفة والفجور. وقيل في وصفه بأنه مرض وسواسي يصيب المرء نتيجة تركيز فكره على محاسن المحبوب، أو أنه طمع ينمو في القلب، وكلما ازداد قوة، ازداد صاحبه في التمادي في الطمع، مما قد يؤدي إلى الغم والقلق. وقد يصل الأمر بالهائم إلى إهلاك نفسه، أو الموت غماً، أو الموت فرحاً عند رؤية معشوقه. وقيل أيضاً أنه العمى عن رؤية عيوب المعشوق، أو التضرع واللجوء إليه.

دلالات المحبة

تتعدد دلالات كلمة المحبة في اللغة، ومن بينها:

• المودة: هي الشعور بالوئام والتقارب بين شخصين.
• الميل إلى الأفراد أو الأشياء العزيزة أو النافعة: يعرف الفلاسفة المحبة بأنها انجذاب نحو الأشخاص أو الأشياء التي نعتبرها قيمة ومهمة.
• الترحيب: تستخدم كلمة المحبة في الترحيب، كقولنا “حباً وكرامة”.
• المُحِبّ: هو الشخص الذي يكن المحبة للآخرين.
• المحبوب: هو الشخص الذي يحظى بالمحبة والتقدير من الآخرين.

دلالات الهيام

للهيام معانٍ عدة، منها:

• الإفراط في المحبة: هو تجاوز الحد في التعلق والافتتان بالآخر.
• الغرام: هو الحب الشديد الذي يسيطر على القلب والعقل.
• الحب الشديد: هو أقصى درجات المحبة والتعلق.
• هيام الذات: هو ميل الفرد إلى اعتبار نفسه مركز الكون ومحط إعجاب، وهو شعور يزداد في الحالات المرضية.
• التعلق الشديد بالشيء: هو الحب المفرط لشيء معين والافتتان به.

أصناف المحبة

تتنوع المحبة في أشكالها ومظاهرها، ومن أبرز أنواعها:

• المحبة العاطفية: وهي أقرب إلى المحبة الرومانسية التي تسعى إلى الاستمرار والتكاثر.
• محبة الصداقة: تتميز هذه المحبة بحسن النية المتبادل، وهي محبة مفيدة وممتعة وجيدة، لذا فهي محبة عقلانية وعفيفة، وتقوم على الرفقة والثقة.
• المحبة العائلية: مثل محبة الآباء للأبناء، وهي مبنية على الألفة والتبعية، ولا ترتبط بالصفات الشخصية.
• المحبة العالمية الشاملة: مثل محبة الله والطبيعة والغرباء، وتتميز عن المحبة العائلية بأنها لا ترتبط بالقرابة أو المعرفة، وتشمل الاهتمام بالآخرين والإيثار.
• المحبة العملية: تقوم على أساس الواجبات أو المصالح طويلة الأمد، مثل المحبة الناتجة عن الزواج السياسي.
• المحبة الذاتية: تكون سلبية وغير صحية عندما تتزامن مع المبالغة في الغطرسة والفخر بالإنجازات والقدرات، بينما تكون صحية وإيجابية عندما تقترن باحترام الفرد لذاته، أي أن المحبة الذاتية تشمل المنظومة التي نفكر ونشعر ونعمل ونحدد علاقتنا مع أنفسنا والآخرين من خلالها.

المراجع

1. محمد بن أبي بكر، روضة المحبين ونزهة المشتاقين، مكة: دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع، صفحة 25. بتصرف.
2. محمد بن أبي بكر، روضة المحبين ونزهة المشتاقين، مكة: دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع، صفحة 27. بتصرف.
3. محمد بن أبي بكر، روضة المحبين ونزهة المشتاقين، مكة: دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع، صفحة 31-33. بتصرف.
4. محمد بن أبي بكر، روضة المحبين ونزهة المشتاقين، مكة: دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع، صفحة 43-44. بتصرف.
5. محمد بن أبي بكر، روضة المحبين ونزهة المشتاقين، مكة: دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع، صفحة 210-212. بتصرف.
6. “الحُب”، www.almaany.com، تاريخ الاطلاع 1-2-2018. بتصرف.
7. “عشق”، www.almaany.com، تاريخ الاطلاع 1-2-2018. بتصرف.
8. .Neel Burton M.D (25-6-2016), “These Are the 7 Types of Love”, www.psychologytoday.com, Retrieved 18-1-2018. Edited.