مقدمة
في دراسة اللغة العربية، يواجه المتعلمون أحيانًا صعوبة في التمييز بين أنواع “ما”. من بين هذه الأنواع، تبرز “ما” المصدرية و “ما” الزائدة. فهم الفرق بينهما أمر بالغ الأهمية لفهم دقيق للنصوص العربية، خاصة القرآن الكريم والشعر العربي. تهدف هذه المقالة إلى تقديم شرح مفصل ومبسط لكلا النوعين، مع أمثلة توضيحية من القرآن الكريم.
تبيين ‘ما’ المصدرية
‘ما’ المصدرية هي حرف يؤول مع ما يليه بمصدر. هذا المصدر يمكن أن يكون له موقع إعرابي في الجملة. وتنقسم ‘ما’ المصدرية إلى نوعين رئيسيين:
‘ما’ المصدرية غير الظرفية
هذا النوع من ‘ما’ يؤوّل مع صلته بمصدر لا يدل على مدة زمنية معينة. المصدر المؤول الناتج يكون له محل من الإعراب؛ فقد يكون في محل رفع، أو نصب، أو جر، وذلك بحسب موقعه في الجملة. مثال على ذلك قول الله تعالى:
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْمَا عَنِتُّمْقَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ”
في هذه الآية، كلمة “ما عنتم” تتكون من:
- ما: حرف مصدري مبني على السكون.
- عنتم: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل.
- التاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل.
المصدر المؤول (ما عنتم) هو في محل نصب مفعول به، وتقديره (ودّوا عَنَتَكُم).
‘ما’ المصدرية الظرفية
هذا النوع من ‘ما’ يؤول مع صلته بمصدر يدل على مدة زمنية. والمصدر المؤول يكون في محل نصب على الظرفية الزمانية. مثال على ذلك قول الله تعالى:
“وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِمَا دُمْتُحَيًّا”
في هذه الآية، المصدر المؤول من (ما دمت) هو في محل نصب على الظرفية، وتقدير ذلك المصدر (مدّة دوامي حيّاً).
شرح ‘ما’ الزائدة
تعتبر ‘ما’ زائدة عندما لا يؤثر حذفها على معنى الجملة. أي يمكن الاستغناء عنها دون أن يختل المعنى العام للجملة. غالبًا ما تقع ‘ما’ الزائدة بعد ‘إذا’ الشرطية، لكنها قد تظهر في مواضع أخرى. مثال على ‘ما’ الزائدة، قول الله تعالى:
“فَلَمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُواْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقًا مِّنَ اللَّهِ وَمِن قَبْلُمَافَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّىَ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ”
في هذه الآية، ‘ما’ هي حرف زائد مبني على السكون.
نماذج توضيحية
فيما يلي أمثلة إضافية لتوضيح الفرق بين ‘ما’ المصدرية و’ما’ الزائدة:
أمثلة على ‘ما’ المصدرية
- قوله تعالى: “وَجَزَاهُمبِمَا صَبَرُواجَنَّةً وَحَرِيرًا”
- قوله تعالى: “أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّمَا دُمْتُمْحُرُمًا وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ”
- قوله تعالى: “فَاتَّقُوا اللَّهَمَا اسْتَطَعْتُمْوَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ”
- قوله تعالى: “وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّمَا سَعَى”
- قوله تعالى: “لَّقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُمَا قَالُواْوَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ”
أمثلة على ‘ما’ الزائدة
- قوله تعالى: “وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاًمَّايُؤْمِنُونَ”
- قوله تعالى: “فَبِمَارَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ”
- قوله تعالى: “وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلامَاتُؤْمِنُونَ”
- قوله تعالى: “اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاًمَّاتَذَكَّرُونَ”
المصادر
- خالد عبد العزيز، النحو التطبيقي.
- عباس حسن، النحو الوافي.