مقدمة
يعد فهم طبيعة الدماء التي تخرج من المرأة أمرًا بالغ الأهمية في الشريعة الإسلامية، حيث تختلف الأحكام الشرعية المتعلقة بالعبادات والطهارة باختلاف نوع الدم. من بين هذه الدماء، يبرز الحيض والاستحاضة، ولكل منهما خصائصه وأحكامه الخاصة. يهدف هذا المقال إلى توضيح الفروق الأساسية بينهما، وتسليط الضوء على أهمية هذا التمييز.
تعريف كل من الحيض والاستحاضة
لفهم الفرق بينهما، يجب أولاً تعريف كل منهما تعريفًا دقيقًا:
- الحيض: هو الدم الذي يخرج من رحم المرأة البالغة في أوقات معلومة، كجزء من طبيعتها وتكوينها، وليس نتيجة لسبب طارئ كالمرض أو الولادة. ويتسم الحيض بدورية منتظمة تختلف من امرأة لأخرى.
- الاستحاضة: هي عبارة عن نزول دم من غير مخرجه المعتاد، ويكون غالبًا بسبب علة أو مرض في الرحم، أو قد يكون الدم الذي يستمر بالنزول بعد انقضاء فترة الحيض المعتادة.
وقد ورد في السنة النبوية ما يؤكد استمرار نزول دم الاستحاضة لفترات طويلة، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها أن فاطمة بنت أبي حبيش جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت:(يا رَسولَ اللهِ، إنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فلا أطْهُرُ. أفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ فَقالَ: لَا. إنَّما ذَلِكِ عِرْقٌ وليسَ بالحَيْضَةِ فَإِذَا أقْبَلَتِ الحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وإذَا أدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وصَلِّي).
الخصائص المميزة للدم
يمكن التمييز بين دم الحيض والاستحاضة من خلال عدة خصائص تتعلق باللون، القوام، والرائحة:
- اللون: دم الحيض غالبًا ما يكون أسودًا أو أحمر داكنًا، بينما دم الاستحاضة يكون أحمر فاتحًا أو يميل إلى الصفرة. وقد ذكرت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، أنها قالت:(اعْتَكَفَتْ مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ امْرَأَةٌ مِن أزْوَاجِهِ مُسْتَحَاضَةٌ، فَكَانَتْ تَرَى الحُمْرَةَ، والصُّفْرَةَ، فَرُبَّما وضَعْنَا الطَّسْتَ تَحْتَهَا وهي تُصَلِّي).
- القوام: دم الحيض يكون أكثر كثافة وغلاظة، في حين أن دم الاستحاضة يكون رقيقًا.
- الرائحة: يتميز دم الحيض برائحة كريهة ومنفرة، بينما لا يكون لدم الاستحاضة رائحة مميزة.
- التجمد: دم الاستحاضة يتجمد بعد خروجه، بينما دم الحيض لا يتجمد.
أهمية التفريق بينهما
التفريق بين دم الحيض والاستحاضة له أهمية كبيرة في تحديد الأحكام الشرعية المتعلقة بالصلاة، الصيام، وغيرهما من العبادات. ففي فترة الحيض، تحرم على المرأة الصلاة والصيام، في حين أن المستحاضة تعتبر طاهرة وملزمة بأداء جميع العبادات.
وقد سئِلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:(ما بَالُ الحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ، ولَا تَقْضِي الصَّلَاةَ. فَقالَتْ: أحَرُورِيَّةٌ أنْتِ؟ قُلتُ: لَسْتُ بحَرُورِيَّةٍ، ولَكِنِّي أسْأَلُ. قالَتْ: كانَ يُصِيبُنَا ذلكَ، فَنُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّوْمِ، ولَا نُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّلَاةِ).
لذلك، يجب على المرأة أن تكون على دراية كافية بالفروق بين هذين النوعين من الدماء، حتى تتمكن من أداء عباداتها على الوجه الصحيح.
المراجع
- مجموعة من المؤلفين، كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 3831. بتصرّف.
- أبمحمد بن محمد المختار الشنقيطي،كتاب شرح زاد المستقنع الشنقيطي التفريغ، صفحة 1-3. بتصرّف.
- رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:333، صحيح.
- دبيان الدبيان،موسوعة أحكام الطهارة، صفحة 33-45. بتصرّف.
- “الاستحاضة (الفرق بين دم الحيض ودم الاستحاضة)”،الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 17/1/2022.
- رواه البخاري، في صيحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمين، الصفحة أو الرقم:2037، صحيح.
- رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:335، صحيح.