مقدمة
تعتبر صلاتا الإشراق والضحى من الصلوات النافلة التي يتقرب بها العبد إلى ربه. كثيرًا ما يتم الخلط بينهما، وتسود تساؤلات حول حقيقة الفروق القائمة بينهما، وأوقات أدائهما، وفضائلهما. هذا المقال سيسعى إلى توضيح هذه الجوانب، وتقديم شرح مفصل ومبسط للقارئ الكريم.
الفروق الجوهرية بين الإشراق والضحى
يُمكن التمييز بين صلاتي الإشراق والضحى بالنظر إلى التوقيت والنية. فمن اعتاد على صلاة الضحى، يمكنه أداءها في الفترة الزمنية الممتدة من ارتفاع الشمس وحتى وقت الزوال. ويذهب بعض العلماء إلى أن من جلس في مصلاه بعد صلاة الفجر، وظل يذكر الله حتى ارتفعت الشمس، ثم صلى ركعتين، فإن صلاته تعتبر صلاة إشراق نظرًا لجلوسه وذكره الله، وتصح أن تكون صلاة ضحى بالنظر إلى وقت أدائها.
وقد ورد عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أن صلاة الإشراق تؤدى في أول وقت صلاة الضحى، حيث يبدأ وقت الضحى بطلوع الشمس. وقد فسر قوله تعالى: (يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ)، بأن الإشراق هي صلاة الضحى.
كما أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن سمرة -رضي الله عنه-: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذَا صَلَّى الفَجْرَ جَلَسَ في مُصَلَّاهُ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَسَنًا). وتُسمى أول صلاة الضحى بسنة الإشراق أيضًا.
الرأي الشرعي في صلاتي الإشراق والضحى
أجمع العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على استحباب صلاتي الإشراق والضحى. فقد أخرج الإمام مسلم عن أبي ذر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (يُصْبِحُ علَى كُلِّ سُلَامَى مِن أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِن ذلكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُما مِنَ الضُّحَى).
هذا الحديث الشريف يدل على عظيم فضل صلاة الضحى وأهميتها في تعويض النقص في الصدقات اليومية.
توضيح مفهوم الإشراق والضحى
الضحى: في اللغة هو الوقت الذي يعقب شروق الشمس وارتفاعها، ويستمر حتى قبيل وقت الظهر. تحديدًا، هو الفترة التي تبدأ من بعد الشروق بمدة تعادل رمحًا في عين الرائي، وحتى زوال الشمس.
الإشراق: هو وقت شروق الشمس وإضاءتها، ويشير إلى اللحظة التي تظهر فيها الشمس فوق الأفق.
فضائل صلاة الضحى
تتعدد فضائل صلاة الضحى ومنافعها للمسلم، فهي تعتبر من السنن المؤكدة التي حث عليها النبي صلى الله عليه وسلم. وقد ورد في فضل صلاة الضحى أنها تعادل ثلاثمئة وستين حسنة. كما ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- في فضلها أيضًا: (لا يُحَافِظُ على صلاةِ الضُّحَى إلا أَوَّابٌ وهي صلاةُ الأَوَّابِينَ).
وجاء في الحديث النبوي الشريف ما يؤكد فضل الجلوس بعد صلاة الفجر للذكر حتى تطلع الشمس ثم صلاة ركعتين، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (مَن صلى الفجرَ في جماعةٍ، ثم قَعَد يَذْكُرُ اللهَ حتى تَطْلُعَ الشمسُ، ثم صلى ركعتينِ، كانت له كأجرِ حَجَّةٍ وعُمْرَةٍ تامَّةٍ، تامَّةٍ، تامَّةٍ).
أوقات أداء صلاة الضحى
أفضل أوقات أداء صلاة الضحى هو عند اشتداد حرارة الشمس. والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي صلاة الضحى في وقتين مختلفين؛ الأول: عند شروق الشمس وارتفاعها قيد رمح، والثاني: عند انبساط الشمس وميلها إلى ربع السماء.
خلاصة
صلاة الإشراق هي صلاة الضحى التي تؤدى في أول وقتها بعد شروق الشمس وارتفاعها، بينما صلاة الضحى تشمل الفترة الزمنية الأوسع الممتدة حتى قبيل الظهر. كلتا الصلاتين مستحبتان ومندوب إليهما، وتحملان فضلاً عظيمًا وثوابًا جزيلاً للمسلم.