مقدمة
تعتبر الزكاة ركناً أساسياً من أركان الإسلام، وهي عبادة مالية ذات أبعاد اجتماعية واقتصادية هامة. تتنوع أنواع الزكاة بحسب نوع المال أو الأصل الذي تجب فيه. ومن بين أنواع الزكاة الشائعة زكاة المال وزكاة التجارة. يهدف هذا المقال إلى توضيح الفروق الجوهرية بين هذين النوعين من الزكاة، وذلك من حيث المفهوم، والأصول الخاضعة للزكاة، وكيفية إخراجها.
تعريف كل من زكاة المال وزكاة التجارة
لفهم الاختلافات بين زكاة المال وزكاة التجارة (أو ما يسمى بزكاة عروض التجارة)، يجب أولاً تعريف كل منهما:
تعريف زكاة المال
هي الزكاة التي فرضها الله سبحانه وتعالى على الأموال النقدية، سواء كانت أوراقاً مالية أو نقوداً معدنية، والتي تستخدم كبديل عن الذهب والفضة في التعاملات التجارية. تجب الزكاة في هذه الأموال بنفس الطريقة التي تجب بها في الذهب والفضة، لأنها أصبحت هي الأساس في تقييم السلع والخدمات، ويستفيد منها صاحبها كما يستفيد من الذهب والفضة.
تعريف زكاة عروض التجارة
هي الزكاة الواجبة على الممتلكات المعدة للتجارة، مثل البضائع والأطعمة والملابس والمحاصيل الزراعية والثمار والحبوب والعقارات، وكل ما هو ليس من الذهب والفضة والنقد. إذا كان الذهب معروضاً للتجارة، فإنه يعامل كعروض التجارة. بشكل عام، كل ما يملكه المسلم من هذه الأموال بنية التجارة يخضع للزكاة.
الأصول الخاضعة للزكاة في كلتا الحالتين
سنسلط الضوء هنا على الاختلافات في الأصول التي تخضع للزكاة في كل من زكاة المال وزكاة التجارة:
ما يخضع لزكاة المال
جميع الأموال النقدية تخضع للزكاة إذا بلغت النصاب. النصاب هو ما يعادل عشرين ديناراً ذهبياً، أي ما يساوي خمسة وثمانين جراماً من الذهب الخالص، أو ما يعادلها من الأموال النقدية الورقية والمعدنية. لا يستثنى أي جزء من المال عند حساب الزكاة، بل يتم احتساب جميع الأموال عند مرور الحول (سنة قمرية)، ويخرج ربع العشر (2.5%) لمستحقيها.
مثال: إذا بلغ المال النصاب في شهر شعبان، يتم حساب جميع الأموال التي يمتلكها المسلم في شعبان التالي، ويتم إخراج ربع العشر من إجمالي المال للمستحقين من الفقراء والمساكين وغيرهم.
ما يخضع لزكاة عروض التجارة
الأصول التي تخضع للزكاة في التجارة هي فقط تلك المعروضة للتجارة، أي التي تهدف إلى تحقيق الربح والمال. أما الأصول التي ليست للتجارة، مثل المعدات والثلاجات والرفوف المستخدمة في حفظ البضائع والسلع، فلا تخضع للزكاة.
كما أن البضائع والسلع التي ورثها الورثة ولم يتاجروا بها، أو احتفظوا بها للاستخدام الشخصي، تستثنى من الزكاة. الأرض المعروضة للبيع تخرج زكاتها عند بيعها فقط، ولا تزكى سنوياً.
مثال: إذا كان لدى شخص متجر للمواد الغذائية يحتوي على سلع وبضائع بقيمة 15000 ريال، وقيمة المعدات والثلاجات التي تحفظ البضائع 7000 ريال، فإن الزكاة تحسب على الـ 15000 ريال فقط، وتستثنى الـ 7000 ريال التي تمثل قيمة المعدات والثلاجات.
نوع الأصول التي يخرجها المزكي
هنا نوضح الفرق بين زكاة المال وزكاة التجارة من حيث نوع المال الذي يخرجه المزكي:
ما يخرجه المزكي في زكاة المال
تكون الزكاة من جنس المال الذي تجب فيه الزكاة. فإذا كان الشخص يمتلك عملة معينة (مثل الدولار أو الريال)، فإنه يخرج قيمة الزكاة من نفس العملة، ويعطيها للفقراء والمستحقين. وبالمثل، إذا كان يمتلك ذهباً أو فضة، فإنه يخرج مقدار الزكاة الواجبة عليه بالمال، لأن الأموال النقدية هي وسيلة التعامل الأساسية في العصر الحالي، تماماً كما كان الذهب والفضة في الماضي.
ما يخرجه المزكي في زكاة التجارة
تخرج زكاة عروض التجارة من قيمتها، وليس بالضرورة من نفس السلع التي يتاجر بها. فإذا كان الشخص يمتلك سلعاً للتجارة بقيمة 20000 ريال، فإنه يجوز له إخراج مقدار الزكاة من المال النقدي (وهو 500 ريال)، ويجوز له أيضاً إخراج الزكاة من السلع التي يمتلكها للتجارة، وكذلك العقارات وكل ما هو معروض للتجارة.
المصادر والمراجع
- وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته.
- عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة.
- محمد نعيم ساعي، موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي.