تمييز بين العمق الفعلي والعمق المرئي

مقدمة

عندما ننظر إلى الأجسام المغمورة في الماء أو من خلال الزجاج، قد نلاحظ أنها تبدو أقرب أو أبعد مما هي عليه في الواقع. هذا الاختلاف بين العمق الذي نراه والعمق الحقيقي يرجع إلى ظاهرة فيزيائية تعرف بالانكسار. هذه المقالة تهدف إلى توضيح الفرق بين العمق الفعلي والعمق المرئي، وشرح العوامل التي تؤثر في هذه الظاهرة.

تعريف العمق الفعلي

العمق الفعلي هو المسافة الحقيقية التي تفصل الجسم عن سطح الوسط الذي يوجد فيه. بمعنى آخر، هو المكان الحقيقي الذي يشغله الجسم داخل هذا الوسط. غالبًا ما يكون العمق المرئي أقل من العمق الفعلي، مما يعني أننا نرى الأجسام أقرب مما هي عليه في الحقيقة.

تفسير العمق المرئي

يعتمد العمق المرئي على مفهومين أساسيين في علم الضوء: انعكاس الضوء وانكسار الضوء. انعكاس الضوء هو ارتداد الضوء عندما يسقط على سطح عاكس، بينما انكسار الضوء هو انحراف الضوء عن مساره الأصلي عند انتقاله بين وسطين شفافين مختلفين في الكثافة.

يحدث الانكسار بسبب اختلاف سرعة الضوء في الأوساط المختلفة. عندما ينتقل الضوء من وسط إلى آخر بكثافة مختلفة، فإنه ينحرف عن مساره الأصلي، مما يجعل الأجسام تبدو في موقع مختلف عما هي عليه في الواقع. هذا ما يفسر العمق المرئي.

العوامل المؤثرة في الاختلاف بين العمقين

العمق الفعلي يعتمد بشكل مباشر على موقع الجسم الحقيقي في الوسط المحيط به. بينما يعتمد العمق المرئي على عدة عوامل، أهمها:

• زاوية الانكسار: زاوية الانكسار هي الزاوية التي ينحرف بها الضوء عند انتقاله بين وسطين شفافين مختلفين. يمكن حساب هذه الزاوية باستخدام قانون سنيل للانكسار.
• كثافة الوسط: كلما زادت كثافة الوسط الذي يوجد فيه الجسم، زادت زاوية الانكسار. هذا يعني أن الجسم سيبدو أقرب مما هو عليه في الواقع عند النظر إليه من وسط أقل كثافة.

ينص قانون سنيل على أن:

n₁ sin θ₁ = n₂ sin θ₂

حيث أن n₁ و n₂ هما معامل الانكسار للوسطين، و θ₁ و θ₂ هما زاوية السقوط وزاوية الانكسار على التوالي.

كلما زادت كثافة الوسط الذي يوجد فيه الجسم، والذي ننظر إليه من وسط آخر خفيف مثل الهواء، فإن زاوية الانكسار الناتجة عند انتقال الضوء من الوسط الخفيف إلى الوسط الكثيف تزيد فينكسر الشعاع الضوئي مبتعدًا عن العمود المقام وهو عمود يُقام من نقطة سقوط الشعاع الضوئي على الحد الفاصل بين الوسطين.[1]

أمثلة توضيحية للتمييز بين العمقين

لفهم الفرق بين العمق الفعلي والعمق المرئي بشكل أفضل، يمكننا النظر إلى الأمثلة التالية:

• مراقبة الأسماك في حوض الأسماك: عندما ننظر إلى الأسماك من أعلى الحوض، نلاحظ أنها تبدو أقرب إلى السطح مما هي عليه في الواقع. هذا بسبب انكسار الضوء عندما ينتقل من الماء إلى الهواء.
• النظر إلى الطيور من خلال الماء: إذا نظرنا إلى الطيور في السماء من خلال الماء، فإنها ستبدو أبعد من موقعها الحقيقي. هذا لأننا ننظر إليها من وسط كثيف (الماء) إلى وسط خفيف (الهواء).
• وضع متوازي مستطيلات زجاجي على سطور كتابة: عندما نضع متوازي مستطيلات مصنوع من الزجاج على سطور كتابة، فإن السطور تبدو أقرب مما هي عليه في الواقع.

خلاصة

العمق الفعلي هو الموقع الحقيقي للجسم، بينما العمق المرئي هو الموقع الذي يظهر فيه الجسم بسبب انكسار الضوء. يعتمد العمق المرئي على زاوية الانكسار وكثافة الوسط الذي يوجد فيه الجسم. فهم هذه الظاهرة يساعدنا على تفسير العديد من الظواهر البصرية التي نراها في حياتنا اليومية.