المحتويات
مقدمة
أنزل الله تبارك وتعالى القرآن الكريم على قلب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهو المعجزة الخالدة التي تحدى بها الإنس والجن. كما بين النبي صلى الله عليه وسلم تعاليم الإسلام وأخلاقه من خلال الأحاديث الشريفة، والتي منها ما ينسبه إلى الله عز وجل، ويعرف بالحديث القدسي. في هذا المقال، سنبين مفهوم كل من القرآن الكريم والحديث القدسي والحديث النبوي، مع إيضاح الفروق الأساسية بينهما.
تبيان مفهوم القرآن الكريم
القرآن الكريم هو كلام الله المعجز، الذي أوحاه إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل عليه السلام، والمنقول إلينا بالتواتر، والمكتوب في المصاحف، والمتعبد بتلاوته، والمبدوء بسورة الفاتحة، والمختوم بسورة الناس. وله أسماء عديدة منها: الفرقان، الذكر، والكتاب.
يتضمن تعريف القرآن الكريم عدة جوانب مهمة:
- هو كلام الله لفظًا ومعنىً، نزله جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم ليكون واسطة الوحي.
- هو معجز بلفظه ومعناه، ولا يستطيع أحد أن يأتي بمثله.
- منقول بالتواتر، أي نقله جمع كبير من الثقات عن جمع كبير من الثقات، بحيث يستحيل عليهم الكذب أو التحريف. وقد تكفل الله بحفظه من أي تغيير أو ضياع.
- متعبد بتلاوته، بمعنى أن تلاوة آياته عبادة يثاب عليها المسلم، وتعتبر جزءًا أساسيًا من الصلاة.
تبيان مفهوم الحديث القدسي
يُطلق على الحديث القدسي هذا الاسم نسبةً إلى القدس، أي التنزيه والتعظيم لله تعالى. فالحديث القدسي هو ما يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل، وينسبه إليه. هذه النسبة تدل على التعظيم والتنزيه لله. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “قال الله تعالى”، أو يقول الصحابي الراوي: “عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل”.
الاختلافات الجوهرية بين القرآن والحديث القدسي
تتجلى الفروق بين القرآن الكريم والحديث القدسي في عدة نقاط أساسية:
- القرآن الكريم هو كلام الله لفظًا ومعنى، وقد نزل به جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم. بينما الحديث القدسي يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن الله، وليس بالضرورة أن يكون بواسطة جبريل، فقد يكون بالإلهام. معنى الحديث القدسي من الله، ولكن العلماء اختلفوا في لفظه، والراجح أنه من النبي صلى الله عليه وسلم.
- القرآن الكريم متواتر وقطعي الثبوت، ولا شك فيه. أما الحديث القدسي، فمنه الصحيح والضعيف والموضوع.
- تلاوة القرآن الكريم عبادة، ولا تجوز الصلاة إلا به. أما الحديث القدسي، فليس متعبداً بتلاوته، ولا تجوز الصلاة به.
- القرآن الكريم مقسم إلى آيات وسور وأجزاء، بينما الحديث القدسي ليس كذلك.
- القرآن الكريم معجز بلفظه ومعناه، في حين أن الحديث القدسي ليس معجزاً.
- لا يجوز رواية القرآن الكريم بالمعنى، بينما يجوز رواية الحديث القدسي بالمعنى مع مراعاة الدقة.
التمييز بين الحديث القدسي والحديث النبوي
كل من الحديث القدسي والحديث النبوي صادر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن الحديث القدسي هو ما يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن الله منسوباً إليه، بينما الحديث النبوي هو أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته. مواضيع الحديث القدسي تدور غالباً حول الخوف والرجاء والتوجيهات الربانية، ولا تتناول الأحكام الشرعية بشكل مباشر. بينما الحديث النبوي يتناول هذه الموضوعات بالإضافة إلى الأحكام الشرعية، وإجابات الصحابة، وغير ذلك. الأحاديث النبوية منها المتواتر ومنها الآحاد، أما الأحاديث القدسية فهي أحاديث آحاد، وعددها قليل جداً مقارنة بالأحاديث النبوية.
أمثلة لأحاديث قدسية
فيما يلي بعض الأمثلة للأحاديث القدسية الصحيحة:
ما رواه أبو ذر الغفاري رضي الله عنه قال:
“(عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فِيما رَوَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، أنَّهُ قالَ: يا عِبَادِي، إنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ علَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فلا تَظَالَمُوا، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ ضَالٌّ إلَّا مَن هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلَّا مَن أَطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ عَارٍ إلَّا مَن كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ، يا عِبَادِي، إنَّكُمْ تُخْطِئُونَ باللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ، يا عِبَادِي، إنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي، يا عِبَادِي، لو أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، كَانُوا علَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنكُمْ؛ ما زَادَ ذلكَ في مُلْكِي شيئًا، يا عِبَادِي، لوْ أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، كَانُوا علَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ؛ ما نَقَصَ ذلكَ مِن مُلْكِي شيئًا، يا عِبَادِي، لو أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، قَامُوا في صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي، فأعْطَيْتُ كُلَّ إنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ؛ ما نَقَصَ ذلكَ ممَّا عِندِي إلَّا كما يَنْقُصُ المِخْيَطُ إذَا أُدْخِلَ البَحْرَ، يا عِبَادِي، إنَّما هي أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إيَّاهَا، فمَن وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ، وَمَن وَجَدَ غيرَ ذلكَ فلا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ. وفي روايةٍ: إنِّي حَرَّمْتُ علَى نَفْسِي الظُّلْمَ وعلَى عِبَادِي، فلا تَظَالَمُوا).”
[رواه مسلم]ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
“(قالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: سَبَقَتْ رَحْمَتي غَضَبِي).”
[رواه مسلم]
المراجع
- الواضح في علوم القرآن لمصطفى ديب البغا.
- الحديث في علوم القرآن والحديث لأيوب.
- مصطلح الحديث لابن عثيمين.
- الأحاديث القدسية الأربعينية للملا علي القاري.