الطلاق من القضايا الهامة في الشريعة الإسلامية، وله أنواع مختلفة تترتب عليها أحكام مختلفة. من بين هذه الأنواع، يبرز الطلاق الرجعي والطلاق البائن. فهم الفرق بينهما أمر ضروري لمعرفة حقوق وواجبات كل من الزوجين بعد الطلاق.
الفروق الأساسية بين الطلاق الرجعي والبائن
تتعدد أوجه الاختلاف بين الطلاق الرجعي والطلاق البائن، ويمكن تلخيصها في النقاط التالية:
- انتهاء العلاقة الزوجية: الطلاق الرجعي لا ينهي العلاقة الزوجية بشكل كامل خلال فترة العدة، إذ يملك الزوج الحق في إرجاع زوجته دون الحاجة إلى عقد ومهر جديدين. أما الطلاق البائن بينونة كبرى، فإنه ينهي العلاقة الزوجية تماماً، ولا يجوز للزوج مراجعة زوجته إلا بعد أن تتزوج رجلاً آخر زواجاً صحيحاً ويتم الدخول بها فعلياً، ثم يطلقها أو يموت عنها، وبعد انقضاء عدتها يجوز له الزواج بها بعقد ومهر جديدين. ودليل ذلك قول الله -سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز: (فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّـهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ). أما الطلاق البائن بينونة صغرى، فيجوز فيه للزوج أن يعيد زوجته بعقد ومهر جديدين، مع اشتراط رضاها.
- الميراث: في حالة الطلاق الرجعي، إذا توفي أحد الزوجين خلال فترة العدة، يرث الآخر. أما في الطلاق البائن، فلا توارث بين الزوجين إذا توفي أحدهما في فترة العدة.
- النفقة: تستحق المعتدة من طلاق رجعي أو طلاق بائن بينونة صغرى النفقة على مطلقها خلال فترة العدة. بينما المعتدة من طلاق بائن بينونة كبرى لا تستحق النفقة.
- المهر المؤجل: الطلاق الرجعي لا يستحق به المهر المؤجل فوراً، بينما الطلاق البائن يحل به المهر المؤجل.
تفسير الطلاق الرجعي
الطلاق الرجعي هو الطلاق الذي يجيز للزوج إعادة زوجته إلى عصمته دون الحاجة إلى عقد ومهر جديدين، وذلك خلال فترة العدة. ولا يشترط في ذلك رضا الزوجة. ويقع الطلاق رجعياً إذا كان بعد الدخول الحقيقي ولم يكن على عوض ولم يكن مكملاً للثلاث طلقات.
تفسير الطلاق البائن وأنواعه
ينقسم الطلاق البائن إلى قسمين رئيسيين، ولكل قسم أحكامه الخاصة:
الطلاق البائن بينونة صغرى
هو الطلاق الذي لا يخول للزوج إعادة زوجته إلى الحياة الزوجية بعد انتهاء عدتها من الطلقة الأولى أو الثانية إلا بعقد ومهر جديدين. ويقع الطلاق بائناً بينونة صغرى في الحالات التالية:
- إذا وقع الطلاق قبل الدخول، مصداقاً لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلً).
- انتهاء العدة من الطلقة الأولى أو الثانية.
- إذا كان الطلاق على مال، كما قال تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّـهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّـهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ).
- إذا تم التفريق بين الزوجين بحكم القاضي بسبب عيب أو ضرر أو غياب.
الطلاق البائن بينونة كبرى
هو الطلاق الذي ينهي العلاقة الزوجية بشكل كامل. لا يجوز للزوج إعادة زوجته المطلقة إلى عصمته إذا طلقها ثلاث مرات إلا بعد انقضاء عدتها، وزواجها من رجل آخر زواجاً صحيحاً يتم فيه الدخول الفعلي دون قصد التحليل، ثم مفارقتها بالموت أو الطلاق.
المراجع
- كمال سالم، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، صفحة 273-275.
- الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة 4)، دمشق: دار الفكر، صفحة 6955، جزء 9.
- حسين العوايشة، الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة، عمان: المكتب الإسلامي، صفحة 318-319، جزء 5.
- محمد الجوابي (2000)، المجتمع والأسرة في الإسلام، صفحة 154.
