تمييز أسماء الله عن صفاته

استكشاف الفروق الدقيقة بين أسماء الله وصفاته، وأهمية فهمها. تعرف على أسماء الله الحسنى وأثرها في حياة المسلم.

مقدمة توضيحية

أسماء الله هي الألفاظ التي تدل على الذات الإلهية المقدسة، وتتضمن معاني الصفات الكاملة التي لا نقص فيها. مثل اسم “القادر” يدل على ذات الله وعلى صفة القدرة. واسم “الحكيم” يدل على ذاته وعلى صفة الحكمة. واسم “العليم” يدل على ذاته وعلى صفة العلم. واسم “البصير” يدل على ذاته وعلى صفة البصر. إذن، هذه الأسماء تشير إلى الذات الإلهية، وفي الوقت نفسه، تدل على ما اتصفت به الذات من العلم، والحكمة، والسمع، والبصر.

أما الصفات فهي نعوت الكمال والجلال القائمة بالذات الإلهية، كالحكمة والعلم والسمع والبصر. بناءً على ذلك، الاسم الواحد يشير إلى معنيين، بينما الصفة تشير إلى معنى واحد فقط. الاسم يتضمن الصفة، والصفة تستلزم الاسم. يجب على المسلم أن يؤمن بكل ما ثبت من أسماء الله وصفاته في القرآن الكريم والسنة النبوية، وأن يثبتها لله تعالى على الوجه اللائق بجلاله وكماله، دون تحريف أو تعطيل أو تكييف أو تمثيل.

يقول الله تعالى في القرآن الكريم: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (الأعراف: 180).

الأسماء الحسنى لله

هي تلك الأسماء التي اختص الله بها نفسه، وأخبرنا بها في كتابه، أو أخبرنا بها رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته. يجب على جميع المؤمنين الإيمان بهذه الأسماء، وليس بالضرورة أن تكون محصورة في التسعة والتسعين اسماً الواردة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه. فقد يكون لله أسماء أخرى لم يعلمها إلا هو، أو علمها لرسله وملائكته.

تجدر الإشارة إلى أن بعض أسماء الله لا يصح إطلاقها عليه إلا إذا قُرنت بما يقابلها، وذلك لتجنب إيهام النقص. من هذه الأسماء: “الضار النافع”، “المعطي المانع”، “المعز المذل”. هذه الأسماء لم ترد في الوحي إلا مقترنة ببعضها البعض. ودلالة أسماء الله -سبحانه وتعالى- حق على حقيقتها، سواء تضمناً أو مطابقةً أو التزاماً.

أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ».

أهمية التعمق في معرفة الأسماء والصفات

إن لمعرفة أسماء الله الحسنى وصفاته أهمية بالغة في حياة المسلم، وتتجلى هذه الأهمية في عدة جوانب:

  1. العلم بالله: معرفة الله بأسمائه وصفاته هي من أجلّ العلوم وأشرفها، لأن المعلوم هنا هو الله سبحانه وتعالى، وشرف العلم يتبع شرف المعلوم. فكلما ازداد علم العبد بربه، ازداد إيمانه ويقينه.
  2. تحقيق الخشية والمحبة: المعرفة الصحيحة بأسماء الله وصفاته تؤدي إلى تحقيق خشية الله ومحبته ورجائه والخوف منه والإخلاص له. فالعبد الذي يعرف أن الله هو الرزاق ذو القوة المتين، يزداد رجاؤه فيه وتوكله عليه. والذي يعرف أن الله هو العزيز الجبار، يزداد خوفه منه وخشية مقامه.
  3. زيادة الإيمان: كلما ازداد العبد معرفة بأسماء الله وصفاته، ازداد إيمانه ويقينه. فالمعرفة الصحيحة بالله هي أساس الإيمان الحق.
  4. الاشتغال بالعبادة: الاشتغال بمعرفة الله هو اشتغال العبد بما خُلق له، أي عبادته سبحانه وتعالى. فالغاية المطلوبة من الخلق هي عبادة الخالق ومعرفته.
  5. أصل العلم: معرفة أسماء الله الحسنى هي أصل العلم بكل معلوم، فكل علم نافع يعود في أصله إلى معرفة الله وصفاته.

خلاصة واستنتاج

في الختام، ندرك أن التفريق بين أسماء الله وصفاته له أهمية كبرى في فهمنا للدين الإسلامي. فأسماء الله تدل على ذاته المقدسة وعلى صفات الكمال والجلال التي اتصف بها. ومعرفة هذه الأسماء والصفات هي مفتاح لفهم عظمة الله وقدرته، وهي الدافع للعبادة الخالصة والإيمان العميق.

لذا، يجب على كل مسلم أن يسعى جاهداً لتعلم أسماء الله الحسنى وصفاته، وأن يتدبر معانيها، وأن يعمل بمقتضاها في حياته. ففي ذلك الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة.

Total
0
Shares
المقال السابق

تمييز أساليب الدهشة: النمط السماعي والمنهجي

المقال التالي

تمييز أسماك المياه الحلوة والمالحة: اختلافات أساسية

مقالات مشابهة